استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تحالف الثورة المضادة والتوظيف الفوضوي للأيديولوجيا

الثلاثاء 7 يوليو 2020 09:42 ص

تحالف الثورات المضادة والتوظيف الفوضوي للأيديولوجيا

سيبقى خطاب الثورة المضادة ممجوجا وإن أغوى البعض بشعارات رنانة لأنه يهدم بيده ما يقول بلسانه.

استحضار غريب وفج ومتناقض للأيديولوجيا في معسكر الثورات المضادة في صراعاتهم الداخلية والخارجية.

بدأ التوظيف الأيديولوجي في معسكر الثورات المضادة باستدعاء خطابين متناقضين لمواجهة الإسلاميين في الداخل والخارج

مؤخراً وفي ظل وصول صراع معسكر الثورات المضادة إلى نقاط التماس مع تركيا في ليبيا تصاعد توظيف الخطاب القومي العروبي

*     *     *

دأبت الأنظمة القمعية عبر التاريخ على توظيف الأيديولوجيا في معركتها لقمع المعارضين، وشرعنة العدوان على الدول والكيانات الأخرى، الاتحاد السوفييتي اختار سردية حماية الثورة ودعم المقهورين، والدول الاستعمارية وظفت التبشير ونشر التنوير.

والدول الغربية لاحقاً استخدمت شماعة نشر وحماية الديمقراطية والحرية لتحتل دولاً وتقصف الآمنين، وفي عالمنا العربي والإسلامي استخدمت الطائفية الثورية وتصديرها عذراً للمشروع التوسعي لإيران.

والقومية العربية لتأسيس جمهوريات عسكرية قمعية، والخطاب العاطفي الإسلامي لدعم نظام قمعي في السودان، كل ذلك يبدو باهتاً أمام الاستحضار الغريب والفج والمتناقض للأيديولوجيا في معسكر الثورات المضادة في صراعاتهم الداخلية والخارجية.

بدأ التوظيف الأيديولوجي في معسكر الثورات المضادة باستدعاء خطابين متناقضين لمواجهة الإسلاميين في الداخل والخارج، باستحضار مزيج من الخطاب السلفي المرتبط بالطاعة للحاكم، وتحريم التنظيمات والأحزاب، والخطاب العلماني المتطرف الذي يدعو إلى إخراج الدين من الحيز العام، ويدعو لنموذج ليبرالي اجتماعياً قمعي سياسياً، هذا الخطابان يتم استخدامهما بشكل متوازٍ، ودون التفات لواقع أن كليهما يلغي الآخر تماماً، فالخطاب السلفي التقليدي يعتبر الدولة كياناً دينياً لا ديمقراطياً، يرتبط بتطبيق الشرع، وولي الأمر مطاع باعتباره مطبقاً لهذا الشرع، بينما تأسس الخطاب العلماني المتطرف على محاربة مظاهر التدين وخاصة الجماعي منها، باعتبارها أيديولوجيا رجعية تساهم في تخلف المجتمع، امتد هذا الخطاب ليغطي الصراع مع الإخوان المسلمين والتنظيمات الإسلامية الأخرى في الإمارات والسعودية ومصر، ثم توسع لليمن ليبرر العداء مع الإصلاح، وليبيا لتبرير الحرب ضد الوفاق، وقبل ذلك لحصار قطر، في كل تلك الحالات كان العدو هو "الخارجي الحزبي" في الخطاب السلفي، و"الإسلاموي المتطرف" في الخطاب العلماني، ويتم استخدام الخطاب حسب السياق، وكأن الرسالة هي "هذا عدونا واختر أنت التبرير الذي يعجبك لهذا العداء".

مؤخراً وفي ظل وصول صراع معسكر الثورات المضادة إلى نقاط التماس مع تركيا في ليبيا، تصاعد توظيف الخطاب القومي العروبي من قبل هذا المعسكر، باعتبار أن الوجود التركي في سوريا وليبيا هو احتلال أعجمي لأراض عربية، وانساق الكثير من المثقفين القوميين خلف هذا الطرح، داعمين موقف النظام المصري والإمارات، وهذه الأنظمة معادية من حيث المبدأ للقومية العربية وقيمها، فهي تمارس شعوبية قُطرية ضيقة، تنتهي بتفتيت المفتت، وترتبط بعلاقات وثيقة مع الكيان الصهيوني، وبالتالي إذا ما فككنا خطاب معسكر الثورات المضادة سنجده سلفياً متشدداً ليبرالياً علمانياً متطرفاً قومياً عروبياً وصفات أخرى لا يتسع المجال لحصرها، كتلة من التناقض الفكري لا يجمعها إلا أنها جميعاً حجج تشرعن العداء لتطلعات الشعوب والإصلاح السياسي في المنطقة.

جمع معسكر الثورات المضادة الأزهريين الحكوميين في مصر، والسلفيين المداخلة في ليبيا واليمن والخليج، والعروبيين والليبراليين أصحاب الخطاب المعادي للإسلاميين في العواصم العربية المختلفة، ودعاة التطبيع، في سلة واحدة حاكتها أنظمة الثورات المضادة، وحوت بداخلها خليطاً من أبواق الأنظمة والمثقفين المؤدلجين!

هذه السلة ربما يصدر منها ضجيج عال، ولكنها لا تمثل بناءً فكرياً قيمياً صلباً، لأنها تشكلت على أساس العداء للآخر، دافنة تحت الرمال خلافات وجودية بين مكوناتها، سرعان ما تنكشف عند أول خلاف.

فهؤلاء لا يقبل أحدهم أن يجاور الآخر إلا في هذا السياق وتحت مظلة الأنظمة القمعية، وهم كالعرائس التي تجمعت خيوطها لدى النظام القمعي العربي يحركها كيف يشاء ومتى يشاء، لكسب معارك داخلية أو تصدير خطاب إعلامي يبرر المجازر والحروب العبثية أو تسويق مشاريع الفوضى في العواصم الغربية.

هذا الخطاب سيبقى ممجوجاً شعبياً، وإن تمكن من إغواء البعض هنا وهناك بشعارات رنانة، لأنه في النهاية يهدم بيده ما يقول بلسانه.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السيسي المساعد بجامعة قطر.

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية