تونس: حكومة الفخفاخ في فخ «تضارب المصالح»؟

الجمعة 10 يوليو 2020 04:40 م

تونس: حكومة الفخفاخ في فخ «تضارب المصالح»؟

منعطف سياسي في ظروف اقتصاديّة صعبة ترتبط بمشكلات الانتقال السياسي الديمقراطي التونسي.

ما مدى قدرة النخب السياسية التونسية على رؤية الفخ المنصوب أمام البلاد وليس أمام حكومة الفخفاخ فحسب؟!

تظهر الأزمة الراهنة توتّرا كبيرا في الأجواء السياسية يمتد للعلاقة بين مؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان.

تفاقمت الأحوال مع أزمة كورونا وظلالها الحالكة على اقتصاد تونس وأدّت لاحتجاجات آخرها ما حصل في تطاوين.

أطراف تونسية وإقليمية تصعد التوتّر وتحوله من خلاف سياسي يؤدي لنشوء حكومة بديلة إلى صراع سياسي موتور يسمّم الأجواء السياسية.

*     *     *

قدم رئيس مجلس شورى حركة «النهضة»، أمس الخميس، نصيحة لرئيس الحكومة، إلياس الفخفاخ، بالاستقالة، وذلك بعد ضغوط شديدة تعرّض لها رئيس الوزراء باتهامه من قبل جهات سياسية، ونواب، بـ«تضارب المصالح».

ورغم أن «النصيحة» المذكورة لا تعبّر بعد عن الموقف الرسميّ المعلن لكبرى الأحزاب السياسية في تونس، والتي توجد في ائتلاف نيابي يقود الحكومة، فإن الخطوة ستعطي مصداقية أكبر للضغوط التي قد تؤدي إلى انفراط الائتلاف الحاكم واستقالة الحكومة.

يجيء هذا المنعطف السياسي في ظروف اقتصاديّة صعبة ترتبط عموماً بمجمل مشاكل الانتقال السياسي الديمقراطي التونسي، ولكنّها تزايدت كثيرا مع أزمة كورونا التي أرخت بظلالها الحالكة على السياحة والاقتصاد التونسي، وأدّت إلى مجموعة من الاحتجاجات كان آخرها ما حصل في مدينة تطاوين.

في محاولة لتحصين الحكومة وتجنب سقوطها، طالبت «النهضة» الفخفاخ بتوسيع الائتلاف الراهن، وإنشاء حكومة «وحدة وطنية» تضم «قلب تونس»، الفائز الثاني في الانتخابات النيابية، والذي تنافس زعيمه، نبيل القروي، مع الرئيس الحالي قيس سعيّد على الرئاسة.

من جهته، قام الفخفاخ برفض الاتهام الموجّه إليه، كما رفض، مدعوما بأحد أطراف الحكومة، «التيار الديمقراطي»، فكرة توسيع الحكومة، وهو ما فاقم الأزمة ودفع عددا من النواب لطلب تنحي رئيس الحكومة حتى انتهاء التحقيقات المتعلقة بشبهات فساد في صفقات يملكها رئيس الحكومة.

وحسب رئيس اللجنة البرلمانية المكلّفة بالنظر في القضية، فهناك «شبهات حقيقية» في إحدى الصفقات بحيث أن «كرّاس الشروط وضع على مقاس الشركات التي يمتلكها» رئيس الوزراء، وأن «عقودا أبرمت وهو بصدد أداء مهامه» كرئيس للوزراء، ولذلك فقد قررت اللجنة عقد جلسات استماع لعدة أطراف «للتثبيت من شبهة تضارب المصالح».

تشير الأزمة الراهنة إلى توتّر كبير في الأجواء السياسية، لا تتعلّق بالفخفاخ وحده، بل تمتد إلى العلاقة بين مؤسسات الرئاسة والحكومة والبرلمان، وتساهم أطراف سياسيّة تونسية، وأخرى إقليمية، في تصعيد هذا التوتّر، وتحويله من خلاف سياسي يمكن أن يؤدي لنشوء حكومة أخرى بديلة، إلى صراع سياسي موتور يسمّم الأجواء السياسية في تونس.

صار معلوما أن أحد أدوات هذا الصراع السياسي هو «الحزب الحر الدستوري»، الذي يجمع أتباع النظام السابق، ويحظى بدعم وتغطية الإمارات وحلفائها العرب، وإذا كان عنوان الهجوم، الذي تشارك فيه أطراف أخرى، بما فيها أحزاب مؤتلفة ضمن الحكومة، هو العداء لحركة «النهضة»، فإن الحقيقة أن المستهدف هو كل التجربة الديمقراطية التونسية.

أيّا كانت النتائج التي ستتمخض عنها الأزمة الحالية، وسواء تمكن الفخفاخ من إثبات عدم وجود تضارب مصالح بين كونه رئيس وزراء ورجل أعمال، أو أفضى الصراع السياسي إلى انفراط الحكومة، فإن ما يؤثر فعلا، بعد انجلاء غبار المعارك السياسية، هو قدرة النخب السياسية التونسية من رؤية الفخ المنصوب أمام البلاد، وليس أمام حكومة الفخفاخ فحسب.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية