ستراتفور: معضلة سد النهضة ستتفاقم بعد موسم الأمطار.. ومصر بلا خيارات

السبت 18 يوليو 2020 08:08 م

لم يتم ملء خزان سد النهضة الإثيوبي الكبير من خلال العمل الدبلوماسي للحكومة الإثيوبية، بل عبر مواءمة الجدول الزمني لبناء المشروع مع أنماط الطقس.

وفي حين سيخفف هذا من التأثير على تدفق نهر النيل إلى مصر على المدى القريب، فمن المرجح أن تزيد التوترات بين أديس أبابا والقاهرة مرة أخرى عندما يتراجع ​منسوب المياه بعد موسم الأمطار.

وبحسب وزير المياه الإثيوبي، تسببت الأمطار الغزيرة الأخيرة في ارتفاع منسوب المياه بسرعة دون أن تتخذ الحكومة إجراءات مباشرة.

ومع استمرار ارتفاع منسوب المياه، سيتخطى المخزون في نهاية المطاف القسم غير المكتمل من السد، ويعود التدفق الموسمي النموذجي لنهر النيل، ما يوفر أسبابا أقل لتصاعد التوترات بين مصر وإثيوبيا على المدى القريب.

وبالنظر إلى حالة البناء الحالية للسد، كان من المقرر أن يتصاعد منسوب الخزان بأعلى من المستويات التي وصل إليها خلال المواسم الممطرة السابقة.

وفي المواسم الماضية، سمح الهيكل الرئيسي غير المكتمل للسد بتدفق أكبر لمياه النيل. ومع بناء الجزء الجديد من السد خلال النصف الأول من هذا العام، أصبحت قدرة المياه على المرور محدودة أكثر.

ومنذ ذلك الحين، تسبب انخفاض التدفق إلى نمو بحيرة الخزان بسرعة في بداية موسم الأمطار، بغض النظر عن نوايا الحكومة الإثيوبية.

وقد وضع تخطيط عملية البناء هذا في الاعتبار، وسوف تصل البحيرة قريبا إلى المستوى الذي تتدفق منه المياه فوق السد، ما يعني استعادة حجم المياه المتدفقة من نهر النيل إلى السودان ومصر.

وستظل مصر والسودان قادرتين على الحفاظ على تدفق المياه عند مستوياته الطبيعية من خلال إدارة السدود والخزانات الخاصة بهما، ولكن ذلك سيكون على حساب انخفاض إنتاج الطاقة.

وستمكّن العديد من السدود الموجودة على نهر النيل، ولا سيما السد العالي في أسوان في صعيد مصر، دول المصب من استيعاب انخفاضات تدفق النهر مؤقتا.

ومن خلال إطلاق مياه إضافية من خزاناتها، وتجاوز توربينات الطاقة الكهرومائية، يمكن لهذه السدود تعويض الحجم المفقود أثناء ملء سد النهضة الإثيوبي الكبير، مع الوضع في الاعتبار أنماط الفيضانات الموسمية.

وستكون الأعمال الإثيوبية بعد انتهاء موسم الأمطار الحالي في أكتوبر/تشرين الأول أكثر أهمية في تحديد الرد المصري المحتمل.

ويبقى السؤال الأساسي هو ما إذا كانت إثيوبيا ستحافظ على التدفقات وفق المستويات الموسمية النموذجية أم أنها ستقيد تدفق نهر النيل.

ولا تزال القضايا العالقة بخصوص إدارة تدفق المياه على المدى الطويل خلال فترات الجفاف أو التعامل مع آليات النزاع بحاجة إلى حل أيضا.

ومع ذلك، استنفدت القاهرة إلى حد كبير جميع الخيارات الممكنة لمواجهة ملء إثيوبيا للسد في أي مرحلة.

ويعني هذا أن مصر لن يكون أمامها في نهاية المطاف خيار سوى التعاون، على الأقل في القضايا الفنية لإدارة تدفق المياه بين السد العالي في أسوان وسد النهضة الإثيوبي.

وفشلت المفاوضات الثنائية بين إثيوبيا ومصر، بما في ذلك بوساطة الولايات المتحدة، في التوصل إلى اتفاق بشأن إجراءات ملء الخزان أو ضمان تدفق المياه في أوقات الجفاف.

ومنذ الإعلان عن المشروع للمرة الأولى في عام 2011، حاولت مصر باستمرار الحصول على مساعدة الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والأمم المتحدة للتوسط في المحادثات مع إثيوبيا، ولكن دون جدوى.

وستحاول مصر أيضا تعزيز مكانتها الدبلوماسية مع جيران إثيوبيا، مثل أرض الصومال وإريتريا، على الرغم من أن هذه التحركات فشلت في تغيير سلوك أديس أبابا في الماضي ومن غير المرجح أن تفعل ذلك الآن.

ومن غير المرجح أن تلجأ القاهرة إلى العمل العسكري أيضا، خاصة بالنظر إلى الوضع الحالي في ليبيا المجاورة، حيث تستعد حكومة الوفاق الوطني المدعومة من تركيا لهجوم قد يؤدي إلى تدخل عسكري مصري.

المصدر | سيم تاك - ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سد النهضة الأثيوبي تدفق نهر النيل السد العالي

السودان: قمة أفريقية مصغرة 21 يوليو حول سد النهضة

السودان: منافع سد النهضة علينا أكبر من أضراره

كيف سيتم ملء خزان سد النهضة الإثيوبي؟

هل تستطيع إريتريا لعب دور حاسم في أزمة سد النهضة؟

انتقاد إماراتي نادر لمصر: الأخطاء أوصلت القاهرة لعقدة سد النهضة