كيف يغير الاتفاق الإيراني الصيني ميزان القوى في الشرق الأوسط؟

السبت 18 يوليو 2020 08:52 م

وافقت الحكومة الإيرانية على مسودة اتفاق مدته 25 عاما مع الصين بشأن التعاون الاقتصادي والسياسي. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية "عباس موسوي" إنها لحظة فخر للدبلوماسية الإيرانية.

ولم تكشف طهران عن التفاصيل الكاملة للاتفاقية، لكن تقريرا سابقا أعده موقع "بتروليوم إيكونوميست" يشير إلى أن إيران تستعد لمنح امتيازات ضخمة للصين، بما في ذلك تخفيضات كبيرة على النفط والغاز، والقدرة على تأخير المدفوعات لمدة تصل إلى عامين، والدفع بعملات ميسرة.

وستمنح طهران للصين أيضا أولوية المشاركة في أي مشروعات للبتروكيماويات في إيران. وإذا تم تنفيذ هذه الاتفاقية، فسوف تعتمد إيران بشكل كبير على الصين اقتصاديا، بينما تحصل بكين على مصدر كبير وآمن للطاقة، بالإضافة إلى موطئ قدم في الخليج.

وبالفعل، كانت هناك شائعات في وسائل الإعلام الإيرانية بأن طهران قد تنازلت عن جزيرة "كيش" إلى بكين. وفي حين أن هذه الشائعات غير صحيحة على الأرجح، يمكن لإيران بالتأكيد استضافة منشآت عسكرية صينية في موانئها على الخليج.

وتنص الاتفاقية أيضا على استضافة ما يصل إلى 5 آلاف من أفراد الأمن الصينيين على الأرض لحماية المشاريع الصينية، وهو عنصر يقوض بشكل خطير الاستقلال السياسي لإيران.

ويعزز هذا الاتفاق موقف الصين بشكل كبير، ليس فقط في الشرق الأوسط، ولكن أيضا في آسيا الوسطى والقوقاز.

وعبر إيران والقوقاز، سيكون لبكين طريق بري إلى أوروبا وحتى البحر الأسود، شريطة أن تسمح جورجيا للصين بالدخول إلى موانئها على البحر الأسود.

وتبقى الميزة بالنسبة لإيران، هي ضخ كمية كبيرة من النقد في اقتصادها، وخاصة قطاع الطاقة بما يساوي 280 مليار دولار، وفي البنية التحتية للصناعة والنقل بما يساوي 120 مليار دولار.

كما تنعش الاتفاقية الاقتصاد الإيراني، وتخلق المزيد من فرص العمل، وبالتالي، تعزيز النظام الإسلامي وتخفيف المعارضة الداخلية.

محور إلى الشرق

لكن مصير الاتفاقية لم يتضح بعد، حيث لا يزال يتعين الموافقة عليها من قبل البرلمان. وعندما ظهرت أنباء عن الاتفاقية للمرة الأولى في وسائل الإعلام الإيرانية، أعرب العديد من المعلقين عن قلقهم من أنها قد تجعل إيران تعتمد بشكل مفرط على الصين، مشيرين إلى أنه بعد ثورة 1979، لم تنه إيران عقودا من الاعتماد على الولايات المتحدة لتصبح شبه مستعمرة من الصين.

وكان السبب الرئيسي لتحول إيران نحو الصين والدول الآسيوية الأخرى، المعروفة محليا باسم "محور الشرق"، هو فشل جهود إيران المتكررة لتوسيع العلاقات الاقتصادية مع الغرب تمهيدا لعلاقات سياسية أفضل.

وفي أحدث هذه الجهود بعد توقيع الاتفاق النووي في عام 2015، عرضت إيران شراء طائرات "بوينج" و"إيرباص"، قائلة إنها ترحب بالشركات الأمريكية والأوروبية، بما في ذلك شركات الطاقة، مثل "توتال". لكن الرد على الانفتاح الإيراني لم يكن إيجابيا.

وفي عام 2018، انسحب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من الاتفاق النووي، وفرض عقوبات جديدة وقاسية على إيران، بما في ذلك ما يقيد بيع النفط.

وأقنعت خطوته حتى العديد من المعتدلين في إيران أن واشنطن ليست مهتمة بتحسين العلاقات، بل تريد تغيير النظام في طهران.

وحاليا، أصبحت اليد العليا للمتشددين المعارضين لتحسين العلاقات الإيرانية الأمريكية، والذين يرون في الصين منقذا محتملا ودرعا ضد الضغوط الأمريكية المستقبلية.

الحد من التوترات

وإذا تم تنفيذ الاتفاقية الإيرانية الصينية، فسوف تنعش الاقتصاد الإيراني وتثبت نظامها السياسي. ومن شأن مثل هذا التعافي الاقتصادي والسياسي أن يحسن من موقف إيران الإقليمي، وربما يحفز الخصوم على تقليل التوترات مع طهران، بدلا من اتباع السياسات الأمريكية بشكل أعمى. ويمكن للدول العربية تسريع عقد صفقات خاصة مع الصين.

علاوة على ذلك، من خلال منح الصين موطئ قدم دائم في إيران، فسوف تعزز الصفقة موقف بكين الإقليمي، وتقوض التفوق الاستراتيجي الأمريكي في الخليج. ويمكن لهذا أن يعزز أيضا موقف الصين دوليا.

ويمكن للولايات المتحدة أن تمنع مثل هذا التحول بالعودة إلى الاتفاق النووي، ورفع العقوبات، والسماح للشركات الأوروبية والأمريكية بالتعامل مع طهران.

وسيكون التأثير الفوري لمثل هذا الإجراء هو إحياء القوى المعتدلة في إيران، وعلى المدى الطويل سيؤدي إلى علاقات سياسية أفضل.

ومن خلال اتباع سياسة معادية تماما تجاه إيران، حدت الولايات المتحدة من خياراتها الاستراتيجية في جنوب غرب آسيا، وبالتالي فقد تم التلاعب بها من قبل بعض شركائها المحليين، مثل السعودية والإمارات.

ويجب أن يؤدي اهتمام الصين بإيران أن ينبه الولايات المتحدة إلى مراجعة نهجها السابق تجاه طهران.

المصدر | شيرين هانتر - ميدل إيسست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي الإيراني العلاقات الإيرانية الصينية البرلمان الإيراني

روسيا والصين ترفضان تمديد حظر الأسلحة على إيران

ماذا وراء الاتفاق الاستراتيجي بين إيران والصين؟

ملامح نموذج أمريكي جديد للشرق الأوسط

كيف توازن الصين بين علاقاتها مع إيران ودول الخليج؟

فوضى أكبر تلوح في الأفق بالشرق الأوسط