مبارك رفض الإفراج عن مهربي مخدرات بريطانيين رغم حاجته لدعم اقتصادي

الاثنين 20 يوليو 2020 01:16 م

رفض الرئيس المصري الراحل "محمد حسني مبارك" مساعي بريطانية لإقناعه بالإفراج عن اثنين من مهربي المخدرات البريطانيين رغم حاجة نظامه إلى الدعم الاقتصادي.

وفي يوم 21 أكتوبر/تشرين الأول عام 1984، حكمت محكمة بريطانية بالسجن مع الأشغال الشاقة لمدة 25 عاما على بريطاني يدعى "بول كوليت" بعد إدانته بمحاولة تهريب 7 كيلوجرامات من الحشيش إلى مصر.

وكشفت وثائق بريطانية، عن أن "جيفري هاو" وزير الخارجية البريطاني، في ذلك الوقت، طلب من "مبارك"، خلال زيارة للقاهرة بعد 3 سنوات من بدء تنفيذ الحكم، إطلاق سراح "كوليت"، وفقا لـ"بي بي سي".

وبحسب الوثائق، رفض "مبارك" رفض طلب "هاو" بإصدار عفو رئاسي، عن مهرب المخدرات البريطاني، وفق ما جاء في مذكرة صادرة عن إدارة الشؤون القنصلية بالخارجية البريطانية بعد الزيارة.

وكان الحكم بسجن "كوليت" قد أثار ردود فعل إعلامية غاضبة في بريطانيا، ما دفع "هاو" للطلب من "مبارك" العفو عنه.

وقالت المذكرة: "أثيرت قضيته كوليت من جانب وزير الخارجية خلال زيارته لمصر (في أكتوبر/تشرين أول 1987)، غير أن الرئيس مبارك استبعد إصدار عفو رئاسي في المستقبل المنظور".

في تلك الأثناء كان البلدان يتفاوضان بشأن شروط اتفاقية ثنائية لتبادل السجناء المحكوم عليهم في قضايا جنائية.

وقالت مذكرة إدارة الشؤون القنصلية إن "مبارك" قال إنه "عندما يتم توقيع هذه الاتفاقية والتصديق عليها، سوف تتاح إمكانية أن يقضي السجناء المحكوم عليهم بالسجن بقية أحكامهم في بلدهم الأصلي (وليس إسقاط العقوبة بالعفو أو التبادل،. وهذا بشرط أن كل الأطراف المعنية توافق على النقل".

وأضافت: "أشار السيد مبارك إلى أن السيد كوليت، سوف تدرس قضيته من أجل ترحيله في حالة تقديمه طلبا بالترحيل عندما يتم التصديق على الاتفاقية.

ومرت سنوات عدة، وتقررت زيارة "مبارك" إلى لندن في شهر يناير/كانون الثاني عام 1988، التي كان أهم بند في جدول أعمالها هو مناقشة طلب مصر الحصول على دعم اقتصادي من بريطانيا السعي لمساندتها في الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي.

وقبيل الزيارة بأيام، قضت محكمة جنايات مصرية على سيدة بريطانية تدعى "مورين باليستشي" بالسجن المؤبد بعد إدانتها بتهريب مخدرات إلى مصر.

وتعالت أصوات، في بريطانيا، تطالب بفتح ملف مهربي المخدرات البريطانيين المحكوم عليهما بالسجن في مصر.

ونظرا لموقف "مبارك" السابق من قضية "كوليت"، حذرت إدارة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، في البداية، من معاودة فتح الموضوع معه.

وفي توصية سرية مكتوبة للمسؤولين البريطانيين، الذين قد يلتقون "مبارك" ومستشاره السياسي "أسامة الباز" ووزير خارجيته "عصمت عبدالمجيد"، قالت الإدارة "ليس من الضروري إثارة الموضوع مع المصريين".

وقال السكرتير الخاص لوزير الخارجية، في تقرير معلوماتي آخر موجه إلى رئاسة الحكومة: "الزيارة ربما تدفع الصحافة البريطانية إلى الحديث عن قضية السيدة موران باليستشي... التي حُكم عليها بالسجن 25 عاما للاتجار في المخدرات".

وأكد: "لا نوصي رئيسة الوزراء بإثارة القضية التي لا يزال يمكن استئناف الحكم فيها".

غير أن الصحف الشعبية في بريطانيا بدأت، حملة ضد مصر مستغلة الزيارة للضغط على الحكومة البريطانية لإثارة الموضوع مع "مبارك".

وتغير موقف مسؤولي الخارجية البريطانية، وتراجعت إدارة الشرق الأدنى، في برقية سرية أخرى، عن نصيحتها بعدم إثارة القضية.

وقالت البرقية إن التغطية الصحفية "دفعت الإدارة القنصلية إلى إعادة النظر في هذه النصيحة".

ورغم هذا التراجع حرص البريطانيون على مراعاة موقف مبارك السابق الرافض لإطلاق سراح السجناء دون توفر الشروط الملائمة. فلم تنصح بالطلب، مباشرة، من الرئيس الراحل الإفراج عن "باليستشي".

فقد أشارت البرقية إلى أنه "رغم أن سياسة الحكومة هي دعم الحكومات الأخرى في اتخاذ تدابير صارمة بشأن الاتجار في المخدرات، ورغم أن الحكم على السيدة باليستشي لا يزال رهن الاستئناف، ربما تكون هناك فائدة في ذكر السيد ميلور (وزير الدولة للشؤون الخارجية) هاتين القضيتين عندما يرى الدكتور عبدالمجيد".

واعتبرت البرقية اتباع هذه النصيحة وسيلة لمواجهة الضغوط الداخلية، وقالت "هذا سوف يُمكٍّن الوزراء (البريطانيين) من أن يقولوا، لو سئلوا لاحقا، إنهم استغلوا هذه الزيارة لإثارة الموضوع."

وحسب البرقية، فإن الإدارة القنصلية حذرت، مجددا، من ذكر أي شيء عن طلب بريطاني بأن يفرج "مبارك" عن المهربين السجينين أو يعفو عنهما.

ونصحت البرقية "ميلور"، الذي كان في استقبال "مبارك" ووفده، بأن يؤكد على التالي: "ربما يعي الوزراء المصريون الاهتمام الصحفي المتنامي بقضية باليستشي، وإن حكومة جلالة الملكة لا تتعاطف مع تجار المخدرات، وهؤلاء الذين يمارسون مثل هذه التجارة يجب أن يدركوا أنهم يخاطرون بمواجهة عقوبات بالغة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حسني مبارك مهربو المخدرات الدعم الاقتصادي

وثائق بريطانية: «مبارك» كان يعاني من وسواس «بي بي سي»