استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

أزمة الخليج المالية تتعمق وتتسع

الأربعاء 22 يوليو 2020 07:03 م

أزمة الخليج المالية تتعمق وتتسع

تحتاج موازنة السعودية لبيع النفط بـ84 دولارا للبرميل للتوازن المالي بين الإيرادات والمصروفات وتغطية عجز الموازنة.

أزمة مالية خليجية ستترك تأثيرات عميقة على المواطن الخليجي ومساعدات خارجية خليجية للخارج وحرب اليمن وتمويل ثورات المضادة بالمنطقة.

ستتواصل زيادة الدين سنوات وتتوقع وكالات التصنيف بلغ عجز دول الخليج 490 مليار دولار بين 2020 و2023 ويشكل دين السعودية 55% من ذلك.

*     *     *

يبدو أن أزمة دول الخليج المالية والاقتصادية ستتصاعد وستتسع رقعتها خلال الفترة المقبلة، وربما لن تجد انفراجة في القريب العاجل وربما في المدى المتوسط، لأسباب عدة من أبرزها استمرار تهاوي أسعار النفط.

وذلك رغم الجهود الكبيرة التي قام بها تحالف "أوبك+" لخفض الإنتاج النفطي بهدف وقف هذا التهاوي في الأسعار الذي عمقته السعودية بشن حرب نفطية شرسة ضد روسيا في بداية شهر مارس/آذار الماضي.

كما أن استمرار تفشي فيروس كورونا يقلل الطلب على النفط الخليجي على الرغم من حدوث تحسن بطيء في نمو الاقتصاد الصيني، أكبر مستهلك للنفط العربي، وإعادة تشغيل الاقتصاد الهندي، وفتح اقتصاديات دول جنوب شرق آسيا، وإعادة تشغيل المصانع الكبرى حول العالم والتي تعتمد بعضها على النفط الخليجي.

ومع استمرار أزمتي النفط وكورونا، يصيب الشلل العديد من الأنشطة الاقتصادية والتجارية الخليجية، وكذا أنشطة السياحة والسفر والحج والعمرة، وهو ما ينعكس سلبا على الإيرادات العامة وفرص العمل المتاحة ورفاهية الشعوب.

على مستوى المصدر الأول والرئيسي للموازنات الخليجية وهو النفط، الذي يدر على دول الخليج إيرادات تقدر في المتوسط بنحو 500 مليار دولار سنويا، نجد أن التوقعات المستقبلية غاية في القتامة!

فأحدث التوقعات تشير إلى أن سعر خام برنت سيبلغ 30 دولارا فقط للبرميل في ما تبقى من العام الجاري، و50 دولارا في العام المقبل 2021 و55 دولارا في العام 2022، مع افتراض تواصل الطلب على النفط كمصدر رئيسي للطاقة، أما إذا تدهور الطلب العالمي فإن الأسعار مرشحة للوصول إلى 20 دولارا للبرميل وربما أقل كما حدث في سنوات سابقة.

وسعر النفط المتوقع وصولة إلى 30 دولاراً للبرميل يمثل مشكلة مالية حقيقية لحكومات دول الخليج، إذ سيترتب عليه تراجع حاد في الإيرادات، وتعمق عجز الموازنات العامة، وزيادة الدين العام، وهو ما ستعالجه الحكومات بوسائل عدة.

من بين هذه الوسائل، زيادة الاقتراض الخارجي، وتسريع وتيرة السحب من الاحتياطيات الخارجية وأرصدة الأجيال المقبلة، وكذا ترشيد النفقات الحكومية بشكل قد يؤثر سلبا على الخدمات المقدمة للمواطن، وتجميد المشروعات والاستثمارات الجديدة كما حدث في السعودية والكويت والإمارات.

وربما تلجأ الحكومات الخليجية إلى أساليب أخرى منها زيادة أسعار الوقود (بنزين وسولار وغاز الطهي)، ورفع فواتير الكهرباء والمياه والخدمات العامة، وخفض الدعم المقدم للسلع الأساسية، وزيادة الرسوم على الخدمات الحكومية المقدمة للمواطن، مع بيع بعض أصول الدولة بما فيها القطاعات المرتبطة مباشرة بمعيشة المواطن مثل المرافق والبريد وشركات الكهرباء والمطاحن والتعليم والصحة والمستشفيات والمطارات ومؤسسة تحلية المياه المالحة، كما تخطط الحكومة السعودية.

وللتدليل على فداحة الأزمة المالية التي تواجه حاليا دول الخليج، يكفي القول إن موازنة السعودية، أكبر موازنة عربية، تحتاج إلى بيع النفط بسعر 84 دولارا للبرميل الواحد، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي، لإحداث توازن مالي بين الإيرادات والمصروفات وتغطية عجز الموازنة العامة، فما بالنا والسعر قد لا يتجاوز 30 دولارا وربما أقل في حال ظهور موجة ثانية لفيروس كورونا نهاية العام الجاري.

هذا يعني وجود عجز يقدر بنحو 54 دولارا عن كل برميل في موازنة المملكة، وهذا العجز ستغطيه الحكومة السعودية عبر سحب مزيد من مليارات الدولارات من الاحتياطي الخارجي كما حدث في الشهور الماضية حيث تم سحب 51 مليار دولار خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، وهو ما سيؤدي إلى تسارع تراجع احتياطي المملكة من النقد الأجنبي والذي فقد بالفعل نحو 167.7 مليار دولار من قيمته منذ نهاية عام 2015، مع بدء موجة انهيار أسعار النفط التي تعمقت في العام 2016 واستمرت حتى العام 2017.

كما ستتم تغطية عجز الموازنة السعودية الناتج عن تهاوي أسعار النفط وتفشي فيروس كورونا عبر زيادة الاقتراض الخارجي والداخلي، وإلغاء بعض المزايا المالية الممنوحة للمواطن مثل بدل غلاء المعيشة، وتقليص دور الدولة الأبوية، والإسراع في برنامج خصخصة الشركات العامة!

وبما في ذلك بيع حصة إضافية من شركة أرامكو، وزيادة ضريبة القيمة المضافة 3 أضعاف، وزيادة الرسوم على العمالة الوافدة، وربما تشهد الفترة المقبلة زيادات في أسعار سلع رئيسية.

وكذلك ستفعل بقية دول الخليج لمواجهة الأزمة المالية التي تمر بها، فقد اقترضت السعودية وقطر والبحرين وأبوظبي والشارقة عشرات المليارات من الدولارات العام الجاري لدعم خزائنها وإيراداتها المتراجعة، كما تعتزم الكويت اقتراض 16 مليار دولار بنهاية السنة المالية الحالية التي تنتهي في مارس 2021.

والنتيجة النهائية هي ارتفاع دين حكومات دول الخليج بمقدار قياسي يبلغ نحو 100 مليار دولار هذا العام حسب تقديرات مؤسسة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية يوم الإثنين الماضي.

ولن تتوقف زيادة الدين على العام الجاري، بل ستتواصل عدة سنوات، حيث تتوقع مؤسسة التصنيفات أن يبلغ عجز حكومات دول الخليج حوالي 490 مليار دولار بين عامي 2020 و2023، وأن يشكل دين السعودية، أكبر اقتصاد في الخليج، 55% من ذلك الإجمالي.

ومع تعمق الأزمة المالية الخليجية، فإنها ستترك تأثيرات عميقة، على المواطن الخليجي نفسه، وعلى المساعدات الخارجية التي تقدمها دول الخليج للخارج، وربما على حرب اليمن وتمويل بعض بلدان الخليج للثورات المضادة في المنطقة.

* مصطفى عبد السلام كاتب ومحرر صحفي اقتصادي

المصدر | العربي الجديد

  كلمات مفتاحية