استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

العراق.. انقسام حول سلطان هاشم يجدد الأسئلة حول الرموز الوطنية

السبت 25 يوليو 2020 10:39 م

العراق.. انقسام حول سلطان هاشم يعيد طرح الأسئلة حول الرموز الوطنية

يبدو هذا التنافر بين الطرفين السني والشيعي بالنظر للرموز السياسية قديما وممتدا.

كلهم وطنيون عراقيون لكنهم يستمدون انتماءهم الوطني من مشارب مختلفة لحد التناقض!

انتماء العراقيين الوطني لمشارب متناقضة أعاق وسيواصل إعاقة الاتفاق على دولة وطنية جامعة بالعراق!

التناقض بين العراقيين «الوطنيين» حول سلطان هاشم مجرد مثال فقبل أيام ظهر خلاف حول عبدالكريم قاسم في ذكرى ثورته التي أطاحت بالملكية.

*     *     *

كانت وفاة سلطان هاشم مناسبة جديدة لظهور الانقسام الداخلي الحاد بين العراقيين، سنة وشيعة وأكرادا، حول الرموز السياسية وما تعكسه من تباين في مفهوم الهوية الوطنية.

فبينما أبدى اغلب السنة تعاطفا كبيرا مع سلطان هاشم، واستذكروا باعتزاز تاريخ الجيش العراقي في عهد صدام حسين، خاصة في حرب إيران، كان الشيعة والكرد، عموما، على النقيض.

فالكرد حولوا مناسبة وفاة هاشم إلى مأتم لاستذكار ضحايا مجزرة حلبجة، وعمليات الأنفال، التي كان سلطان هاشم مشاركا فيها، أواسط الثمانينيات، وأدت لتهجير آلاف الأكراد من قراهم شمال العراق، لتجفيف حواضن الأحزاب الكردية المعارضة، المشتبكة دوما مع دولة المركز في بغداد، منذ ما يزيد على القرن.

وذلك بعد أفول الخلافة العثمانية وتحول الكرد إلى قومية غريبة في دولة تركية قومية، تتقاسمهم أربع دول ذات طابع يختلف عنهم عرقيا ومذهبيا.

وكذلك الأمر في جنوب العراق، الذي لا يزال أغلب سكانه ينظرون للجيش العراقي قبل 2003 على أنه «جيش صدام» ولا يأبهون كثيرا بما يسميه نظراؤهم السنة بـ«بطولات حرب القادسية» مع إيران، باعتبارها حربا مدمرة، أكلت فلذات أكبادهم، من دون قناعة كاملة منهم بخوضها.

فهي لا تستحق بنظرهم هذا التبجيل التاريخي، المستحضر للمواجهة بين العرب والفرس، وبالتالي، فإن رموز هذه المواجهة كسلطان هاشم، ليسوا محل تقدير، كما هو الحال في عاصمة الضباط السنة، الموصل.

كان لافتا، التشييع الكبير الذي حظي به هاشم في مدينته الموصل، ومشاركة شيوخ العشائر مع عشيرته العربية العريقة «طي» وربما ما كان لافتا أكثر، هو الكلمات الارتجالية التي قالها ثلاثة من المشيعين أمام جثمان هاشم المسجى في المسجد بالموصل قبل الصلاة عليه.

إذ هتف أحد الضباط السابقين بعبارات تصف هاشم بشهيد «الجيوش العربية» ورمز من رموز الأمة العربية، وهذه التوصيفات وإن بدت إنشائية مكررة للبعض، إلا أنها تكتسب أهمية خاصة بالنسبة للموصل، تميزها عن بقية العراق.

فالشعور العروبي والقومي في الموصل عميق الجذور، ولا يزال هذه الانتماء مؤثرا في نظرة أهل الموصل للأحداث، بما فيها وفاة ضابط مصلاوي عراقي كهاشم، فالخطاب القومي لا يبدو حاضرا اليوم، ومنافسا للوطني في باقي مدن العراق الكبرى، كما الموصل.

وبالطبع فإن الأسباب التي غذت هذه الهوية بين أهل الموصل عديدة وتاريخية، لا تبدأ بثورة الشواف والقوميين بالموصل، التي قمعها عبد الكريم قاسم (المحبوب شيعيا) بقطار السلام المقبل من الجنوب.

ولا تنتهي بكون الموصل معقل ضباط المؤسسة العسكرية، التي مدت الجيش العراقي بخيرة كوادره خلال حرب إيران، وصولا للتماس التاريخي المتوتر مع الأكراد شرقا.

ولعل أبرز النقاشات التي أثيرت، ما دار حول مطالبة بعض مؤيدي ثورة تشرين (أكتوبر 2019) من المناطق السنية، بإقامة تشييع رمزي لهاشم في ساحة التحرير ببغداد، ما استدعى غضبا واسعا من الناشطين المؤيدين لثورة تشرين المنحدرين من مناطق الجنوب الشيعية.

حيث هاجموا الراحل هاشم، وذكّروا بممارسات الجيش العراقي السابق في قمع انتفاضة الجنوب الشعبانية عام 1991، كما اعتبره كثير من ناشطي الحراك «شهيد البعثيين» فقط.

التناقض في النظرة بين أطياف العراقيين «الوطنيين» حول رمزية سلطان هاشم، هو مجرد مثال، فقبل أيام قليلة ظهر هذا الخلاف حول عبدالكريم قاسم، في ذكرى ثورة 14 يوليو/تموز بالعراق التي أطاحت بالملكية، ويبدو هذا التنافر بين الطرفين السني والشيعي بالنظر للرموز السياسية قديما وممتدا.

 فهم حتى اليوم ما زالوا مختلفين بحدة ومنقسمين بالموقف من كل من حكم العراق تاريخيا، من الأمويين واشهر خلفائهم كمعاوية وسلالة مروان بن الحكم، وكذلك من الدولة العباسية وأشهر قادتها كهارون الرشيد، مرورا بصلاح الدين الأيوبي والعثمانيين وصولا لقاسم وصدام حسين!

وهو ما يعكس جانبا من تباين مفهوم الوطنية بين الوطنيين في العراق، بحسب انتمائهم العرقي والمذهبي، فكلهم وطنيون عراقيون، ولكنهم يستمدون انتماءهم الوطني من مشارب مختلفة لحد التناقض.

وهو ما أعاق وسيواصل إعاقة الاتفاق على دولة وطنية جامعة في العراق، ولعل الأكراد آمنوا بذلك مبكرا فاختاروا الابتعاد عن حكم بغداد، كما وضح ذلك بارزاني في أكثر من مناسبة.

* وائل عصام كاتب وصحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية