استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بين مــوت الضمـير وصـحــوة الإرادة

الأربعاء 2 سبتمبر 2015 04:09 ص

في اللحظة الراهنة يعيش الوطن العربي ظاهرتين متقابلتين ومتناقضتين في تأثيرهما على مستقبل هذه الأمة.

أما الظاهرة الأولى، الباعثة على الغضب واليأس، فتتمثًّل في جحيم القنوط وقلًّة الحيلة الذي يعيشه الإنسان العربي بسبب تداعيات موت الضمير وتعفًّن المشاعر الإنسانية لدى القوى الدولية والإقليمية والعربية الفاعلة والمهيمنة على المشهد السياسي والأمني المأساوي العربي كما يتجلًّى على وجه الخصوص في أقطار من مثل سوريا والعراق وليبيا واليمن.

فتلك القوى قد حسبت حسابات خاطئة ولعب بعضها أدواراً تخريبية خبيثة مما أدًّى إلى وصول بعض الأقطار العربية إلى الحالة الكارثية التي نشاهدها ماثلة أمامنا.

من خلال الإغداق بالمال والمعدًّات العسكرية والوسائل اللوجستية والتدريب من قبل قوى أمنية استخباراتيًة لشتًى صنوف الحركات الجهادية التكفيرية شؤًهت ودمًّرت تلك القوى حراكات وثورات شعبية، وهمًّشت الثوار الحقيقيين الصًّادقين، ومن ثمً وضعت العديد من الأقطار العربية في أيادي قوى همجيًة لئيمة أحالت تلك الأقطار إلى صحاري قاحلة في السياسة والاقتصاد والاجتماع والثقافة والعمران.

تلك القوى ترى وتسمع، يومياً وعبر سنين، آلام وأنين الملايين العرب، رجالاً ونساءً، شباباً وشابات وأطفالاً، وهم يواجهون في مناطق سكنهم الجوع والعطش والمرض والعيش في العراء وفقدان كل ما يملكون. والمحظوظون منهم يفلحون في الخروج من ذلك الجحيم ليهيموا على وجوههم عبر العالم كله، إمًّا في مخيمات البؤس والذل والعوز واليأس القاتل، وإمًّا في قوارب الموت التي تبحر بهم عبر البحار والمحيطات فيموت من يموت ويعيش من ينجو ليواجه أهوال الغربة كلاجئ غير مرحًّب به وكأنسان بلا مستقبل ولا هويًة ولا أمل.

فاذا كان قسم كبير من ذلك المشهد هو نتيجة لحسابات خاطئة وقرارات كارثية من قبل تلك القوى، وبعضها يعترف بذلك، أفلا يكون منطقياً أن تبادر تلك القوى، وفي الحال، وبأقصى سرعة، بتصحيح ما فعلته بملايين الأبرياء العرب؟

لكن ذلك لا يحدث. وبدلاً منه نشاهد يومياً مسرحيات الإدًّعاءات والكذب: زيارات متبادلة بين مسؤولي تلك القوى، جلوس حول طاولات المفاوضات للتأكد من أن الجيفة العربية سيتقاسمها الجميع بتوازن وبلا غالب أو مغلوب، تتبعها تصريحات تبشًر العرب بقرب الفرج، والفرج لا يأتي. ويبقى الملايين من العرب يواجهون الموت أو العيش في المنافي، وتصبح مدن العرب الكبرى أنقاضاً تنعق فيها الغربان.

وهكذا يواجه العرب تداعيات ونتائج موت الضمير والحسً الإنساني عند من لا يعرفون طرق التكفير عن الذنوب وتصحيح الظلُّم الذي ألحقوه بضحاياهم.

من هنا الأهمية الكبرى لمشهد الظاهرة الثانية، الباعثة على الأمل، التي تتمثل في مظاهرات ساحات مدن العراق ولبنان الآن، والتي، طال الزمن أو قصر، ستشمل أجزاء أخر من وطن العرب.

قيمة هذه المظاهرات أنها تجلًّ جديد لروح الربيع العربي حتى ولو كانت مطالبها تبدو ظاهرياً بأنها محدودة ونفعية. ذلك أن الربيع العربي كان في بداياته نتيجة أنبعاث جديد لروح وإرادة الأمة وهما يتجليان في أشكال كثيرة من الفعل الجماهيري في ساحات مدن العرب.

إننا أمام تجلًّ جديد لنفس الروح ونفس الإرادة وهما يقفزان من جديد بشباب وشابات الربيع العربي فوق بلادات الانقسامات الطائفية والقبلية وكل أنواع الولاءات الفرعية غير الوطنية وغير القومية وغير الإسلامية. وهما أيضاً يتحدًيان فرح وزغاريد من أشاعوا بأن الربيع العربي، ربيع انبعاث روح النهوض من التخلف التاريخي وإرادة التمرد على التسلُط والإنتقال إلى الديمقراطية، بأن ذلك الربيع قد دخل في مرحلة سكرات الموت وبشًّروا بأن خريف الذل سيعود، لتعود أرض العرب أرضاً للفساد والإستباحة.

نحن أمام مشهدين إذن، أحدهما يعلن موت الضمير الدولي ويعلن عن سقوط أخلاقي مريع لإرادة وروح الحضارة، والآخر يعلن عن صحوة الضمير الجماهيري وتجدُّد إرادتها.

إن الحراك في العراق ليس فقط من أجل حلًّ مشكلة الكهرباء، والحراك في لبنان ليس فقط من أجل حلً مشكلة النٍّفايات في الشوراع. ذلك ما يتمًّناه المشكًّكون في ما يختزنه الإنسان العربي من قدرات وإبداع، هما حصيلة تاريخ طويل من الثورات والتمردات التي لم تخمد قط إلاً لكي تشتعل من جديد.

شباب وشابات هذه الأمة لن ينتظروا صحوة الضمير الدولي وخروجه من غرف الإنعاش. سيقفزون فوق السًاسة الانتهازيين والتوازنات الدولية والاقليمية، فوق مؤامرات الاستخارات، فوق ظاهرة الهمجية التكفيرية المؤقًّتة، وسيستمرون في مسيرة الربيع الذي بدأوه، وسيثبتون أن هذه الأمة تستحق الحياة.

٭ د. علي محمد فخرو سياسي ومفكر بحريني 

  كلمات مفتاحية

الوطن العربي الأمة العربية الإنسان العربي سوريا العراق ليبيا اليمن الربيع العربي

بذرة الربيع العربي ترفـض الموت

من قال إن القصة انتهت؟

الشعب لا يستطيع إسقاط النظام!

خط التوتر العالي: من البصرة إلى بيروت

«ترشيد المطالب» من «إسقاط النظام» إلى «إزالة القمامة» والبحث عن لقمة العيش