سجن فتيات تيك توك بمصر يثير سجالا إعلاميا وحقوقيا

الأربعاء 29 يوليو 2020 12:57 ص

أثار الحكم الصادر بحق 5 فتيات على خلفية نشرهن فيديوهات صنفتها المحكمة على أنها "تعد على القيم والمبادئ الأسرية"، سجالا ساخنا بين مؤيد لحماية المجتمع من "الفجور"، ومندد بقساوة الحكم واصفا إياه بـ"المسيس".

وصدر الحكم الأولي على الفتيات، الإثنين، وتضمن الحبس لـ"حنين حسام" و"مودة الأدهم" لمدة عامين، وغرامة 300 ألف جنيه (نحو 19 ألف دولار)، إضافة إلى الحبس عامين فقط لكل من "ريناد عماد" و"منار سامي" و"دينا مراجيح"، فيما تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن اعتقال الشرطة المصرية لفتيات أخريات على ذمة القضية ذاتها.

ويستند الحكم إلى المادة (26) من قانون الاتصال المصري، المطبق منذ عام 2018، والذي يجرم كل من يتعدى على قيم المجتمع، وينص على أن "يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن ستة أشهر، وبغرامة لا تقل عن خمسين ألف جنيه ولا تتجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، على كل من اعتدى على أي من المبادئ أو القيم الأسرية في المجتمع المصري، أو انتهك حرمة الحياة الخاصة".

وركز المنتقدون للحكم على أن الاتهام بـ"تهديد قيم المجتمع" ليس سوى تعبير فضفاض بلا معيارية واضحة، ويمكن تفسيره بشكل نسبي، وبالتالي يمكن تسييسه لفرض نمط اجتماعي تريده السلطة الحاكمة على المجتمع.

وفي هذا الإطار، استنكر تيار الإشتراكيون الثوريون، في بيان، حكم السجن بحق فتيات التيك توك، واصفا إياه بأنه يمثل تماهيا بين المنظومة القيمية لدولة قمعية وبين تلك القيود الأخلاقية التي يريد الإسلاميون فرضها، بحسب ادعاء البيان، الذي اعتبر أن جريمة الفتيات الخمس الحقيقية هي "إشاعة البهجة" في دولة لا تريد ذلك.

ونوه البيان إلى مفارقة تتعلق بانتقائية الدولة في تطبيق تعريفها الخاص لـ "حماية قيم المجتمع" في فتيات التيك توك بينما تتجاهل تماما التطبيق ذاتها مع عديد الفنانات اللاتي نشرن فيديوهات تحمل ذات المحتوى وعبر نفس التطبيق الصيني، واعتبر ذلك دليلا على "طبقية" تستبطنها المنظومة الحاكمة بالبلاد.

وأشار الاشتراكيون الثوريون، إلى أن الفيديوهات الراقصة "هي حقوق مكفولة بنسبةٍ كبيرة للنساء في طبقات أعلى -على شواطئ البحر مثلًا وفي المراقص وعلى صفحاتهن الشخصية على مواقع التواصل الاجتماعي، لكن مودة وحنين تجرأتا على مخالفة القواعد المُحرَّمة في الطبقات الأدنى، فتدخلت السلطة فورًا".

كما وصفت عريضة على منصة الالتماس "change.org" تم نشرها على نطاق واسع عبر الإنترنت الاعتقالات بأنها "حملة منهجية على النساء" ودعا الموقعون عليها إلى إطلاق سراح الفتيات.

وفي المقابل، يقول المؤيدون للحكم، ومنهم الإعلامي الموالي للنظام المصري "نشأت الديهي"، إن أساس القضية يعود إلى تشكيل المحبوسات "شبكة استدراج الفتيات واستغلالهن عبر البث المباشر، وارتكاب جريمة الاتجار بالبشر"، وهو ما أورده نص اتهامات النيابة العامة المصرية بحقهن.

واستشهد "الديهي" بفيديو نشرته "حنين حسام" عبر "تيك توك"، تعلن فيه عن حاجتها إلى فتيات في الـ18 أو 19 من عمرهن من أجل الرقص والغناء من على حسابها، وتدعو فيه الراغبات لإنشاء حساب على منصة "تيك توك"، وفتح كاميرا الموبايل من أجل ضمان انتشار الفيديوهات الراقصة، واعدة إياهن بمبلغ يتراوح بين 36 دولارا وحتى 3000 دولار، وذلك بحسب الإعجابات (اللايكات) التي ستحصل عليها تلك الفيديوهات.

واعتبر الإعلامي المصري هكذا إعلان بمثابة "دعوة مقننة للدعارة"، متسائلا: "من سيعطي النقود لهؤلاء وكيف ستجمع فتيات صغار آلاف الدولارات بفتحهن الكاميرا؟!".

وبين المؤيدين والمعارضين، عبر حقوقيون مقربون من النظام المصري، بينهم "نهاد أبو القمصان"، رئيسة المجلس المصري لحقوق المرأة، عن موقف "متوسط"، يدعو إلى إلغاء أحكام السجن، ومبديا "تحفظه" على محتوى الفيديوهات التي نشرتها فتيات التيك توك في آن.

وفي هذا الإطار، اعتبرت "أبو القمصان" الحكم بسجن الفتيات "فردي وخاص ببضعة فتيات بسبب ما تم نشره من فيديوهات، وبأن هذه الاعتقالات ليست حملة ممنهجة لفرض قيم معينة في المجتمع بأكمله" وفقا لما نقلته إذاعة صوت ألمانيا (دويتشه فيله).

وتنفي الحقوقية المصرية أن يكون النظام المصري بمعرض "اللعب على الوازع الديني" لفرض سلطوية قيمية على المجتمع، واصفة الحكم على فتيات التيك توك بأنه فقط "محاولة من الدولة ضبط الآداب العامة داخل المجتمع"، وتوقعت أن يتم تخفيفه في جلسة الاستئناف المقبلة في منتصف أغسطس/آب المقبل.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

تيك توك

تضامن حقوقي واسع مع فتاة تيك توك في مصر منة عبدالعزيز