استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تعلم في صباه أن يكون صهيونيا

الأربعاء 29 يوليو 2020 05:46 م

تعلم في صباه أن يكون صهيونيًا

صفقة القرن أول مبادرة سلام ليست لها علاقة بتحقيق تقدم في عملية السلام مما يشكك بسيناريو هذه الصفقة.

علاقة كوشنر بـ(إسرائيل) تجمع بين الشخصي والديني ويتمثل الشخصي بما ينتج عن العلاقة من مكاسب مالية للطرفين.

لعب كوشنر دوراً فاعلاً في التخلص من كبار معاوني ترامب ممن تحفظوا على الانحياز المفرط لـ(إسرائيل) على حساب العرب.

مجرد اختيار كوشنر في ضوء تاريخه واعتناقه لأفكار الصهيونية كفيل بهدم أركان عملية السلام فهي بهذا النحو لا علاقة لها بسلام المنطقة أو استقرارها.

*     *     *

لعل قراءة الملفات الشخصية لجاريد كوشنر، مبعوث الرئيس ترامب للترويج لصفقة القرن، تكشف صراحة عن حتمية انحيازه لـ(إسرائيل)، وأن يكون بالتبعية ضد الفلسطينيين وحقوقهم. وكوشنر هذا، هو الذي قال بالنص في حوار مع المذيعة التلفزيونية الشهيرة كريستان أمانبور إنه تعلم في صباه أن يكون صهيونياً.

حدث هذا في عام 1998، حينما اختار بنيامين نتنياهو – وكان وقتها رئيساً لوزراء (إسرائيل) – آلافًا من الصبية اليهود، الذين صحبوه في رحلة إلى بولندا لتنشيط ذاكرتهم بالهولوكوست، وكان جاريد كوشنر واحداً منهم.

وساروا مع نتنياهو وهم يلوحون بالإعلام «الإسرائيلية»، وبعدها غادروا بولندا جواً إلى (إسرائيل) لاستكمال رحلة تثقيفهم بالأهداف الصهيونية.

وحين اختاره ترامب مستشارًا له للشرق الأوسط، وكان عمره 36 عاماً، كانت أفكاره تجاه القضية الفلسطينية قد تبلورت. وهو نفسه يقول قرأت 25 كتاباً عن المشكلة (الإسرائيلية)–الفلسطينية، وَضَعَتْ أمام عينيه رؤيته عن المشكلة.

بالطبع كانت هذه الكتب مؤلفات «إسرائيلية»، وهي التي صاغت خطته للصفقة التي أوكل إليه ترامب مهمة تنفيذها.

وعلاقة كوشنر بنتنياهو ترجع إلى ما قبل ذلك بسنوات، فهو كان صديقاً لوالده، والذي كان سخياً في تبرعاته لـ«إسرائيل»، والتي جرى إنفاقها على مؤسسات «إسرائيلية»، بما في ذلك تمويل مستوطنات يهودية، وهو ما أعلنته «إسرائيل» ذاتها.

يصف المقربون من كوشنر علاقته بـ(إسرائيل) بأنها تجمع بين النواحي الشخصية والدينية. ويتمثل الجانب الشخصي فيما ينتج عن هذه العلاقة من مكاسب مالية للطرفين.

فمثلاً تقول شركة «ميرونا فيتاشيم» وهي من كبريات المؤسسات المالية في (إسرائيل)، إن شركات كوشنر العقارية حصلت من هذه الشركة (الإسرائيلية) على استثمار يبلغ 30 مليون دولار. وأن علاقاته المالية مع «إسرائيل» توسعت بعد أن عهد إليه ترامب بملف الشرق الأوسط.

وفي أعقاب ذلك، اصطحب كوشنر الرئيس ترامب فى زيارته ل«إسرائيل» عام 2018.

وتتابعت الأحداث التي شارك كوشنر من واقع عقيدته الصهيونية ومع آخرين في تعميق السياسات الأمريكية تجاهها، من الاعتراف بالقدس عاصمة ل«إسرائيل»، وبالجولان جزءاً منها، وبتفريغ عملية السلام من الحقوق السياسية للفلسطينيين.

فى هذه الآونة لعب كوشنر دوراً فاعلاً في التخلص من كبار معاوني ترامب، ممن كانت لهم تحفظات على الانحياز المفرط لـ(إسرائيل) على حساب العرب.

ففي أواخر 2017، اختلف مع ريكس تيلرسون وزير الخارجية، وجيمس ماتيس وزير الدفاع، حول نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد تحذير الاثنين من أن هذه الخطوة سوف تفجر الموقف في المنطقة، وتشكل خطراً على الأمريكيين، عندئذٍ تخلص ترامب منهما، منحازاً إلى كوشنر.

كانت الاعتراضات على الدور الذي يلعبه كوشنر تأتي أيضاً من شخصيات يهودية، ترى أن هذه التوجهات الصهيونية لكوشنر لا تلحق فقط ضرراً بالفلسطينيين، بل إنها تحمل أخطاراً في المدى القريب لـ«الإسرائيليين» أنفسهم.

بل إن كوشنر قال في حواره مع كريستيان أمانبور إن الانتقادات الموجهة إلى جهوده تجاه الشرق الأوسط، تأتي من مبعوثي الرؤساء السابقين للسلام بين «الإسرائيليين» والفلسطينيين، وهم يهود، ممن حذروا من خطورة تجاهل حقوق الفلسطينيين في إقامة دولتهم. ومن هؤلاء دنيس روس، وديفيد أرون ميللر.

ورغم أن روس كان منحازاً لـ«إسرائيل»، فإنه بدأ يشعر أن تجاهل مطالب الفلسطينيين بدولة مستقلة لن يكون في صالح (إسرائيل)، وحين انتقد كوشنر فإنه قال إن العقبة الرئيسية أمام صفقة القرن، تتمثل في ربطها بقوة بـ«إسرائيل» على حساب الجانب الفلسطيني الذي فقد ثقته في أمريكا كوسيط نزيه.

ومن جانبه، وصف ديفيد أرون ميللر صفقة القرن بأنها أول مبادرة سلام ليست لها علاقة بتحقيق تقدم في عملية السلام، مبدياً شكوكه فى سيناريو هذه الصفقة.

إن مجرد اختيار جاريد كوشنر، على ضوء تاريخه، واعتناقه للأفكار الصهيونية، كفيل بهدم أركان عملية السلام، وهي على هذا النحو لا علاقة لها بالسلام، أو بالاستقرار في المنطقة.

* عاطف الغمري كاتب صحفي مصري

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية