ربحت تونس فهل خسرت الإمارات؟

السبت 1 أغسطس 2020 12:07 م

ربحت تونس فهل خسرت الإمارات؟

يستبعد سعيّد عمليّا آلية ديمقراطية معمول بها عالميا: اختيار رئيس وزراء من إحدى الكتل السياسية الكبرى في البرلمان.

تجديد الثقة بالغنوشي ربح للديمقراطية التونسية أما معسكر الثورة المضادة فسيتابع مؤامراته لإعادة تونس إلى عهد الدكتاتورية.

شابت عمليّات التجييش السياسي خلال محاولة إسقاط الغنوشي من رئاسة البرلمان اتهامات بعمليات شراء أصوات تقوم بها الإمارات.

مجموعة «الحر الدستوري» تمثل النظام الدكتاتوري السابق في وتستغل أزمة البلاد الاقتصادية والسياسية لمناهضة للديمقراطية.

*     *     *

بعد أسبوعين من الاعتصام والتحريض تمكن «الحزب الدستوري الحر» في البرلمان، وهو مجموعة سياسية تضم أنصار النظام السابق ورئيسه المخلوع الراحل زين العابدين بن علي، من جمع أربع كتل نيابية تونسية، قدّمت في 16 تموز /يوليو الماضي، لائحة لسحب الثقة من راشد الغنوشي، رئيس حركة «النهضة»، بصفته رئيسا للبرلمان.

من النافل القول إن الحزب المذكور، ورئيسته عبير موسي، يحظيان بدعم إقليميّ واسع من قبل محور الإمارات ومصر والسعودية، الذي يقدّم تغطية إعلاميّة مبالغا فيها لمناصري عودة النظام الأمنيّ التونسيّ السابق.

شابت حملات التجييش ضد الغنوشي و«الإخونجية»، وهي التسمية التي تحبّذ موسي تكرارها لوصف حركة «النهضة»، رغم أن الأخيرة أعلنت صراحة أنها لا تنتمي لجماعة «الإخوان المسلمين»، وأنها جماعة سياسية لا دعوية.

شابت عمليّات التجييش السياسي خلال محاولة إسقاط الغنوشي من رئاسة البرلمان اتهامات بوجود عمليات شراء للأصوات تقوم بها الإمارات، وهو شأن لا يستغرب، لمن يعرف السياسة الإماراتية.

وهو يستوجب التحقيق النزيه واتخاذ إجراءات حماية الديمقراطية التونسية، والمواجهة السياسية والدبلوماسية للجهات المنفذة والمتواطئة، لما في هذا الأمر من اعتداء على سيادة تونس، وإساءة لبرلمانها، وتخريب لديمقراطيتها التي قد لا تحتمل تدخّلات دوليّة بهذه الخطورة.

يسجّل انتهاء جلسة التصويت بتجديد الثقة بالغنوشي وسقوط اللائحة المقدمة، نجاحا جديدا لتونس ولديمقراطيتها، غير أن وجود 97 من أصل 217 نائبا وافقوا على سحب الثقة يمكن أن يؤشر، سواء كان هناك تدخل خارجي فاعل أم لا، على اتساع الشقّة السياسية داخل البلاد، ونجاح «الحر الدستوري»، وهي المجموعة التي تمثل النظام الدكتاتوري السابق في استغلال الأزمة الاقتصادية والسياسية للبلاد وتوجيهها باتجاه مناهض للديمقراطية.

قام الشعب التونسي في الانتخابات البرلمانية الأخيرة بنوع من التصويت العقابيّ أدّى إلى مفاجآت كبيرة، منها صعود تيار «قلب تونس» الذي يرأسه رجل الأعمال نبيل القروي، رغم الاتهامات القضائية التي كانت موجهة له.

وهبوط «نداء تونس»، الذي كان القوة الموازية والموازنة لحركة «النهضة» في البرلمان الماضي، بنتيجة الانقسامات الكبيرة التي تعرّض لها بنتيجة المحاولة البائسة لوراثة حافظ السبسي لأبيه الباجي مؤسس الحزب والرئيس السابق لتونس، والتنازع على الزعامة مع رئيس الوزراء السابق يوسف الشاهد وآخرين.

كان فوز قيس سعيّد برئاسة البلاد مفاجأة أخرى، وهو أمر أدّى إلى تداعيات قد تكون ساهمت أيضا في الوضعيّة الراهنة، فسعيّد لا يمتلك حزبا يقف وراءه.

ورغم دعم حركة «النهضة» له في مقابل منافسه نبيل القروي، فإن حاجة الرئيس لتعزيز مكانته ضمن القوى السياسية الكبرى في البلاد دفعته لاختيار الياس الفخفاخ رئيسا أول للوزراء، وهو رجل أعمال لا يملك جهة سياسية وازنة تقف وراءه.

ثم لاختيار هشام المشيشي، وهو أيضا رجل لا يمثل جهة سياسية، في استبعاد عمليّ لآلية ديمقراطية مشغول بها عالميا، وهي اختيار رئيس وزراء من إحدى الكتل السياسية الكبرى في البرلمان.

بغض النظر عن الموقف السياسي من الغنوشي، فإن تجديد الثقة به هو ربح يسجّل للديمقراطية التونسية، أما معسكر الثورة المضادة وأنصاره في الإمارات ومصر فسيتابع بالتأكيد مؤامراته لإعادة تونس إلى عهد الدكتاتورية.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية