هل يحسم التدخل الأمريكي مستقبل الصراع في ليبيا؟

السبت 8 أغسطس 2020 10:15 م

دخلت إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بشكل أعمق في الصراع الليبي هذا الأسبوع، حيث دعمت دعوات الأمم المتحدة لوقف إطلاق النار، وأشارت مرة أخرى إلى أن حقول النفط في البلاد محظورة على أولئك الذين يسعون للاستفادة من الحرب.

وجاءت المبادرة الأمريكية مع بوادر تصعيد للقتال بين حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمدعومة من تركيا، والقوات المتمردة بقيادة الجنرال السابق "خليفة حفتر"، الذي يحظى بدعم مصر والإمارات وروسيا وفرنسا.

وأصبحت ليبيا نقطة الصفر في معركة إقليمية بين القاهرة وأنقرة تمتد إلى شرق البحر المتوسط ​​وإلى حدود تركيا.

ثم هناك روسيا، التي تدعم "حفتر" في وقت تسعى فيه أيضا إلى وضع نفسها كوسيط لتسوية نهائية، مع التركيز على عائدات النفط الليبي.

الولايات المتحدة تعلن دبلوماسية "360 درجة"

أصدر مستشار الأمن القومي الأمريكي "روبرت أوبراين" بيانا في 4 أغسطس/آب قال فيه: "بصفتها فاعلا نشطا، ولكن محايدا، فإن الولايات المتحدة تسعى إلى دبلوماسية 360 درجة مع الفاعلين الليبيين والخارجيين للوصول إلى وقف إطلاق النار في إطار محادثات الأمم المتحدة 5+5".

ورسمت إدارة "ترامب" خطا أحمر بشأن النفط الليبي، وهي رسالة موجهة إلى الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"، وكذلك إلى "حفتر".

وبعد أن انتقل المرتزقة الروس، المعروفون باسم مجموعة "فاجنر"، إلى حقل نفط ليبي، عاقبت وزارة الخزانة الأمريكية ممول "فاجنر" "يفجيني بريجوزين" بتهمة التهرب من العقوبات، مستشهدة بتورط "فاجنر" في ليبيا.

كما هددت واشنطن بفرض عقوبات على "حفتر"، وهو مواطن أمريكي، إذا كان يسعى للاستفادة من حقول النفط الليبية. وتقع قاعدة دعم "حفتر" في شرق ليبيا، حيث توجد بعض حقول النفط الرئيسية.

وفي 6 أغسطس/آب، فرضت إدارة "ترامب" عقوبات على شبكة من مهربي الوقود والمخدرات المتورطين في ليبيا.

وقال وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" إن "الولايات المتحدة ستتخذ إجراءات ملموسة ردا على أولئك الذين يقوضون سلام ليبيا أو أمنها أو استقرارها".

عسكرة البحر الأبيض المتوسط

وقال "أوبراين" إن "جهود القوى الأجنبية لاستغلال الصراع تقوض المصالح الأمنية للولايات المتحدة وحلفائها وشركائها في منطقة البحر الأبيض المتوسط".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، توصلت تركيا وحكومة الوفاق الليبية إلى اتفاق بشأن التنقيب عن الغاز البحري.

وعارضت مصر وقبرص واليونان و(إسرائيل) الصفقة باعتبارها انتهاكا لحقوقهم في الاستكشاف والتطوير، ووقف الاتحاد الأوروبي إلى جانبهم.

والشهر الماضي، أجرت مصر وفرنسا تدريبات بحرية مشتركة في شرق البحر المتوسط، كما فعلت تركيا.

وفي إشارة أخرى إلى أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" يعتبر شرق المتوسط ​​جبهة جديدة، توصلت تركيا هذا الأسبوع إلى اتفاق مشترك مع ليبيا ومالطا لتعزيز التعاون مع حكومة الوفاق الوطني.

وفي اتصال هاتفي مع "بومبيو"، قال وزير الخارجية المصري "سامح شكري" إن موقف مصر ثابت بشأن ليبيا والتسوية السلمية على أساس إعلان القاهرة، الذي لم يلق سوى القليل من الزخم في أنقرة وطرابلس.

"السيسي" ينقل المعركة إلى حدود تركيا

وردا على الإجراءات التركية في ليبيا وشرق المتوسط، نقل الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي" المعركة إلى حدود تركيا.

ووقعت مصر واليونان هذا الأسبوع اتفاقا بحريا يحدد منطقة اقتصادية خالصة لحقوق التنقيب عن النفط والغاز.

وفي سوريا، قامت الحكومة المصرية بتعميق العلاقات مع "قوات سوريا الديمقراطية" الكردية التي تعتبرها أنقرة جماعة مرتبطة بالإرهاب، وقيل إن مصر أرسلت قوات إلى سوريا.

وفي العراق، نددت مصر بالعمليات العسكرية التركية في الشمال ضد قواعد "حزب العمال الكردستاني"، فيما وسعت القاهرة العلاقات السياسية والاقتصادية مع بغداد.

"بوتين" يلعب مع كلا الاتجاهين

ولا تعد الولايات المتحدة اللاعب الخارجي الوحيد الذي يتأهب للتدخل. فقد نجح "بوتين" في أن يكون طرفا أساسيا في الصراع الليبي ووسيطا محتملا في صفقة مستقبلية.

ودعمت روسيا "حفتر" حتى الآن، لكن هذه العلاقة نفعية أكثر منها علاقة احتضان. وكما كتب "كيريل سيمينوف" في مايو/أيار: "وسط انتكاسات حفتر في حملة الاستيلاء على طرابلس، يزداد قلق الكرملين من سلوكه، ما أدى إلى محاولات روسية للعثور على شخصيات أخرى أكثر موثوقية لدعمها في ليبيا".

كما واصل "بوتين" العمل الدبلوماسي، وأصدرت موسكو وأنقرة بيانا مشتركا حول وقف التصعيد ومتابعة الحوار السياسي من خلال الأمم المتحدة على أرضية مخرجات مؤتمر برلين في يناير/كانون الثاني، الذي ضم ممثلين عن جميع الأطراف الرئيسية في الصراع.

وتبيع روسيا أسلحة لكل من تركيا ومصر، كما يقول "جورج ميخائيل".

النتيجة

إذا أوضحت الولايات المتحدة أن النفط الليبي سيبقى في مكانه حتى يتم التوصل إلى اتفاق، فيجب أن يعطي ذلك "بوتين" و"حفتر" وقفة عن اندفاعهما للاستفادة من الحرب. وقد أظهر "ترامب" بالفعل أنه مستعد لاستخدام العقوبات، لذا فهم يعرفون أنه جاد.

يندفع "بوتين" لتوسيع نفوذه في البحر المتوسط ​​ويمكن أن تكون المنافسة المصرية التركية على النفوذ بمثابة فرصة له، ما لم تمنع الولايات المتحدة تحركاته.

وقام "بوتين" بتوسيع المنشأة البحرية الروسية في طرطوس نتيجة للحرب السورية. وفي ليبيا، كانت استثماراته بسيطة من خلال مرتزقته، وكذلك الدبلوماسية المحمومة والمعتادة والتي يبدو أنه يستمتع بها.

ومع تحركات هذا الأسبوع، ربما يكون "ترامب" قد قوّض الميزة الدبلوماسية لـ"بوتين"، بينما رفع تكاليف طموحات الزعيم الروسي في ليبيا.

وتجد إدارة "ترامب" نفسها في وضع جيد لحمل الأطراف الرئيسية على التراجع. ويتمتع "ترامب" بعلاقات جيدة مع جميع اللاعبين الرئيسيين، "بوتين" و"السيسي" و"أردوغان" والرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" وولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد".

ويعمل كل هؤلاء القادة من خلال الاتصال الشخصي، ويتحركون بالفعل عندما يتحدثون. ولا تزال مخاطر التصعيد عالية، لكن الدبلوماسية عن بعد لديها القدرة على تنشيط مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خاصة إذا أصبح "ترامب" و"بوتين" و"ماكرون" متفقون على حتمية التوصل لهدنة طال انتظارها.

المصدر | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

نفط ليبيا الصراع الليبي إدارة ترامب

طائرة أمريكية تهبط في بنغازي الليبية وتغادرها بعد ساعة (صورة)