ثوب جديد لميدان التحرير يثير الجدل والغضب.. لماذا؟

الثلاثاء 11 أغسطس 2020 04:28 ص

ألبست الحكومة المصرية، ميدان التحرير، ثوبا جديدا، ونثرت الآثار الفرعونية وحراس الأمن من شركات خاصة في الساحة التي احتلتها حشود المتظاهرين المناهضين للنظام منذ ما يقرب من عقد من الزمن.

يقول المسؤولون إنهم يطورون الساحة على غرار الساحات الشهيرة في أوروبا، ونالت أعمال التجميل التي اشتملت إضاءة جديدة للمباني التي أعيد طلاؤها بعض الثناء على وسائل التواصل الاجتماعي، لما أضفته على الميدان من بهاء وفخامة.

ويقول منتقدون، إن المشروع يهدف فيما يبدو لإحكام السيطرة على الساحة التي اكتسبت دلالات رمزية كبيرة ومنع الاحتجاجات في المستقبل.

ويساور القلق بعضا من علماء الآثار بشأن الحفاظ على أربعة تماثيل من الحجر الرملي تشبه تمثال أبي الهول، ولكن بجسم أسد ورؤوس كباش نظرا لوجودها في مفترق طرق يكتظ بالسيارات والعابرين.

وقال "خالد فهمي"، أستاذ التاريخ بجامعة كمبريدج، والذي شارك في انتفاضة 2011، وأدار لجنة لم تدم طويلا لتوثيقها: "أعتقد أن الرسالة الأساسية هي أن الناس لا صلة لهم بالساحة، وأن الميدان ليس مملوكا لهم. هذه الساحة تابعة للدولة".

ولم يرد المركز الصحفي الحكومي في مصر (الهيئة العامة للاستعلامات) على أسئلة حول التغييرات في شكل الساحة.

وميدان التحرير رمز مشحون بالدلالات السياسية، فقد بلغت شهرته الآفاق، وتخطى اسمه الحدود والسدود في أنحاء العالم باعتباره مهد الثورة المصرية التي أطاحت بـ"حسني مبارك"، في 2011.

وبعد عامين، غص الميدان مرة أخرى بالحشود الضخمة للضغط هذه المرة لعزل "محمد مرسي"، أول رئيس منتخب للبلاد، ثم الاحتفال بعزله على يد الرئيس "عبدالفتاح السيسي"، الذي كان قائدا للجيش آنذاك.

ويرى أنصار "السيسي"، أن عام 2013 كان تصحيحا لخطأ، هذا التصحيح الذي سمح له بالوصول إلى سدة الرئاسة بعد ذلك بعام، وتحقيق الاستقرار في البلاد.

وتعطي كلمات قصيرة محفورة على المسلة القديمة التي تم نصبها مؤخرا في وسط الساحة مؤشرا ودلالة على التفكير الرسمي.

وتقول الكلمات المنقوشة، إن ميدان التحرير يرمز إلى "حرية الشعب المصري وصموده"، بعد أن "شهد بداية أحداث ثورة عام 1919 (ضد الاستعمار) وأحداث ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، وأصبح الميدان بثورة 30 يونيو/حزيران 2013، رمزا للمصريين وحريتهم".

أما بالنسبة لخصوم "السيسي"، فإن عام 2013 يمثل البداية لحملة قمع شاملة قضت على أجواء الانتفاضة وما ترتب عليها.

وقال "فهمي"، إن السلطات تنظر إلى النقاشات التي جرت والاجتماعات التي عقدت واللافتات التي رفعت عام 2011 على أنها "تخريب شديد".

  • إغلاق تام

وتسببت احتجاجات نادرة مناهضة لـ"السيسي"، في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، في فرض طوق أمني حول ميدان التحرير، وأفضت إلى موجة من الاعتقالات، وأصبحت بعدها إجراءات التفتيش الفوري للعابرين في الميدان معتادة على نحو أكبر.

وفي الأسابيع الأخيرة، ظهر حراس أمن من شركة "فالكون جروب" المصرية، مع استمرار أعمال التجديد، كانوا يسارعون باتجاه المارة الذين يقتربون من الآثار.

ورفضت "فالكون" التعليق.

وقال البعض، إن التجديد يجعلهم يشعرون بالفخر، لكن "محمد عبده"، وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 25 عاما، قال إن أعمال التجديد في الساحة فيها فيما يبدو إسراف وتبذير وتحرم الناس العاديين من مساحة للجلوس والراحة.

وأضاف: ”كل الحاجات دي أنت بتقفل عليها.. بتقفل عليها.. ممنوع تقعد هنا أو ممنوع تعمل دا هنا.. الأول، هو، الميدان دا، هو كان مفتوح لكل الناس".

ويشعر البعض بالقلق لوضع أربعة تماثيل برؤوس كباش من الحجر الرملي حول المسلة في وسط الميدان.

ونقلت التماثيل من معبد الكرنك في الأقصر، أحد مواقع التراث العالمي على بعد 500 كيلومتر جنوبي القاهرة.

وعلى الرغم من أن المسلة الجرانيتية، يٌفترض أنها تصمد أمام عوامل المناخ والتلوث، إلا أن "سليمة إكرام"، عالمة المصريات في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، تقول إنها "ستكون أشد خطورة على تماثيل أبي الهول (برؤوس الكباش) لأنها مصنوعة من الحجر الرملي، ويمكن أن تكون الأمطار الممزوجة بالملوثات مدمرة".

وقال "مصطفى الوزيري"، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر، إن المشروع كان طوق إنقاذ سمح بإنقاذ المسلة من منطقة في شمال شرق القاهرة وترميمها، مضيفا أن من المفترض أن تكون التماثيل مقاومة للتلوث.

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

ميدان التحرير