هل مسار أبوظبي التصادمي مع طهران وأنقرة حتمي؟
الكيان الاسرائيلي يستخدم تفاهماته مع أبوظبي لتعزيز فرص نتنياهو الانتخابية أو ورقة لمساومة الفلسطينيين وقوى إقليمية.
هل فَوَّت اتفاق أبوظبي مع الكيان والاقتراب من أثينا على أبوظبي فرص الحوار مع أنقرة وطهران وفاقم العداء بينها وبين البلدين الإقليميين؟
هل من مصلحة أبوظبي وضع نفسها على مسار تصادمي مع أنقرة وطهران وقد أعلنتا نيتهما التقارب والتعاون لمواجهة تهديدات أبوظبي لكليهما؟
تقاربٌ وتحالف يتشكل لغير صالح أبوظبي أمنيًّا وسياسيًّا يتطلب منها مراجعة سريعة لسياساتها وتكتياتها لتجنب مسار تصادمي حتمي مع أنقرة وطهران.
* * *
أعلنت اليونان وصول أربع طائرات "أف 16" اماراتية للمشاركة في المناورات المشتركة التي تجمع البلدين شرق المتوسط بتوافق بين رئيسيِّ أركان البلدين في كل من أثينا وابو ظبي.
مناورات شرق المتوسط تضع ابو ظبي على مسار تصادمي مع أنقرة؛ إذ جاءت على خلفية ارتفاع منسوب التوتر بين اليونان وتركيا في أعقاب توقيع أثينا اتفاقًا لترسيم الحدود البحرية مع القاهرة يوم 8 آب/ أغسطس، متزامنًا في الوقت ذاته مع تصويت البرلمان اليوناني على بنود الاتفاق نهاية الشهر الحالي.
مشاركة ابو ظبي في المناورات ترفع منسوب التوتر بين انقرة وابو ظبي، وتنقل الصراع بين البلدين على خلفية المواجهة في ليبيا، ودعم أنقرة للدوحة في مواجهة حصار دول الرباعية (أبوظبي والقاهرة والرياض والمنامة) الى مستوى جديد أشد قوة وعنفًا.
فتوتر علاقات ابو ظبي بمحيطها الجغرافي اشتد بعد توقيعها اتفاقًا تطبيعيًّا مع الكيان الاسرائيلي؛ اذ لم يقتصر التوتر على أنقرة التي هددت بسحب سفيرها من أبوظبي، بل امتد الى طهران التي هدد نائب قائد الحرس الثوري فيها أبوظبي بالقول إن بلاده "لن تسمح بفتح أبواب المنطقة لإسرائيل"، محذرًا من التداعيات الخطيرة للتطبيع، مضيفًا أن "الدول التي تفتح أبوابها للصهاينة لن تكون في أمان، والتطبيع سيجلب لها الهزيمة والمذلة".
تصريحُ نائب قائد الحرس الثوري يعد الثاني لمسؤول في "الحرس"، تعليقًا على الاتفاق التطبيعي بين أبوظبي والكيان الاسرائيلي؛ فطهران ترى في الاتفاق خرقًا أمنيًّا خطيرًا يضع الكيان الاسرائيلي على الضفة الغربية للخليج العربي قبالة الشواطئ الايرانية.
التوتر في الحالة الايرانية لم يقتصر على الاقوال، إذ شهد يوم الخميس الماضي حوادث امنية خطيرة في الخليج العربي بين أبوظبي وطهران قتل فيها عدد من البحارة الإيرانيين على يد البحرية الإماراتية، تبعه سيطرة البحرية الإيرانية على سفن شحن إماراتية ردًّا على الحادثة.
توتر علاقات أبوظبي بطهران وأنقرة تعاظم خلال الاسابيع الاخيرة بشكل غير مسبوق؛ ما حرم أبوظبي من الاستفادة من مناخات الحوار السائدة.
فتراجعُ مستوى الصراع في ليبيا، وتوافق برلمان طبرق وحكومة الوفاق على وقف القتال لم تستفد منه ابو ظبي، كما انسحابها من اليمن، وتراجع دورها لم ينسحب على علاقاتها بطهران وانقرة.
فهل فَوَّت اتفاق أبوظبي مع الكيان الاسرائيلي، والاقتراب من أثينا، على أبوظبي فرص الحوار مع أنقرة وطهران، وهل فاقم من حالة العداء بينها وبين البلدين الإقليميين؟
الاتفاق التطبيعي بين ابو ظبي والكيان لم يُحسن المناخ الامني والسياسي المحيط بأبو ظبي، بل فاقمه وزاده سوءًا، وتحول التوتر في العلاقات مع أنقرة وطهران من مناورات دبلوماسية ناعمة الى تهديدات مباشرة تُفاقم من أعباء أبوظبي الأمنية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية.
وخاصة إذا علمنا أن حلفاءها، أو مَن يمكن اعتبارهم شركاءها يميلون الى التفاوض والحوار مع خصوم أبوظبي؛ فأثينا تعد العدة لمفاوضة ومحاورة أنقرة بالخفاء في برلين، وطهران تحاور واشنطن في مسقط، ومصر تحاور أنقرة في واشنطن او ما يوازيها من العواصم.
أما الكيان الاسرائيلي فيستخدم تفاهماته مع ابو ظبي لتعزيز فرص نتنياهو الانتخابية الداخلية، او كورقة لمساومة الفلسطينيين والقوى الإقليمية.
ختامًا.. هل من مصلحة ابو ظبي أن تضع نفسها على مسار تصادمي مع أنقرة وطهران، خصوصًا أنهما أعلنتا نيتهما التقارب والتعاون لمواجهة التهديدات التي تمثلها ابو ظبي لكليهما؟
تقاربٌ وتحالف يتشكل لغير صالح أبوظبي أمنيًّا وسياسيًّا يتطلب منها مراجعة سريعة لسياساتها وتكتياتها بشكل يجنبها المسار التصادمي الحتمي مع أنقرة وطهران.
* حازم عياد كاتب صحفي أردني
