السودان: التطويع قبل التطبيع؟

الخميس 27 أغسطس 2020 11:09 ص

السودان: التطويع قبل التطبيع؟

لا بأس حين تكون الصفقة كبيرة أن تستخدم القضايا (الوطنية) لإثارة الدخان!

بدلا من التعاون مع الحكومة الانتقالية لإنقاذ البلاد قرر القادة العسكريون القفز من فوقها باتجاه إسرائيل.

قام البرهان بألعاب نارية حين أكد أول أمس على رفع العلم السوداني على منطقتي حلايب وشلاتين المتنازع عليهما مع مصر!

هاجم البرهان الحكومة باعتبارها «جهات تقوم بتعليق إخفاقاتها على سيطرة شركات واستثمارات القوات المسلحة على مفاصل الاقتصاد»!

إضافة لشركاتهم ومصالحهم الاقتصادية خارج القانون توسعت شهيّة قادة الجيش السوداني وشريكهم حميدتي قائد قوات الدعم السريع أكثر!

*     *     *

يشهد السودان حركة معقّدة يحضر فيها الصراع الكامن بين شركاء الحكم في البلد، العسكريين والسياسيين، مع الاضطرابات المستمرة في مناطق متعددة من البلاد.

وتتفاعل هذه الصراعات، بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، مع محاولات الخرطوم للخروج من خناق وجودها في «قائمة الإرهاب» الأمريكية، ومساعي واشنطن لاستغلال هذه الظروف جميعها، في تطويع السلطات فيها.

للتناغم مع مشاريع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وخصوصا ما تعلّق منها بتطبيع العلاقات العربية مع إسرائيل، التي كان اتفاق الإمارات الأخير، أحد أكبر فصولها.

إحدى الإشكاليات الكبيرة التي واجهتها حكومة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك هي الاقتصاد المتهاوي للبلاد، والذي يزيد من أعبائه على الحكومة والشعب عدم ولاية وزارة المالية على المال العام، بما في ذلك المؤسسات الاقتصادية التابعة للجيش!

وهو الأمر الذي أثار قادة القوات المسلحة، ما أدى إلى رد قاس من رئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، الذي لم يكتف بالدفاع عن هذا الخلل الاقتصادي والقانوني و«السيادي»!

بل هاجم الحكومة مستخدما صيغة الغائب بتسميتها «جهات تقوم بتعليق إخفاقاتها على سيطرة شركات واستثمارات القوات المسلحة على مفاصل الاقتصاد» معتبرا أن هذه المطالبة بحقوق الحكومة والشعب السوداني ستسبب «قطيعة وجفوة بين القوات المسلحة ومكونات الشعب السوداني».

وفيما اعتبر البرهان اتهام الحكومة للجيش بالاستحواذ على مفاصل الاقتصاد «أكاذيب» قام زميله في مجلس السيادة، الفريق ياسر العطا، بتسمية هذه المصالح الاقتصادية المستحوذة «استقطاعات منسوبي الجيش» وهي كلمة مناسبة لأنها تضع الجيش في مرتبة الإقطاعي الذي يستقطع ثروة الأمة.

وهو ما يذكر طبعا، بالمثال المصريّ، الذي يبدو أن القوات السودانية تقتدي به، حيث تهيمن القوات المسلحة على قطاعات اقتصادية كبرى، حاصلة على امتيازات وإعفاءات من الضرائب، تجعلها في موضع لا يمكن للقطاع الخاص منافستها فيه.

إضافة إلى وضع شركاتهم ومصالحهم الاقتصادية خارج القانون، يبدو أن شهيّة قادة الجيش السوداني وشريكهم محمد حمدان دقلو (حميدتي) قائد قوات الدعم السريع، قد توسّعت!

وأنهم وجدوا في المدنيين الذين اضطروا لمشاركتهم السلطة (شكليا على الأقل)، ردءا مناسبا لفك قيود السودان الخارجية بعد أن قام نظام الرئيس المخلوع حسن عمر البشير بوضع البلاد في حصار عسير.

لكنهم بدلا من التعاون مع هذه الحكومة فقد قرروا القفز من فوقها باتجاه إسرائيل، فقام البرهان بلقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في شباط/فبراير الماضي، كما ترددت أنباء عن لقاء حميدتي أيضا برئيس الموساد الإسرائيلي يوسي كوهين، قبل أيام، وبحث معه «تعزيز التطبيع بين إسرائيل والسودان».

لا يضير، خلال هذا المسار الضيّق للقادة العسكريين السودانيين، أن يقوم البرهان ببعض الألعاب النارية، كما فعل قبل أيام حين أكد على رفع العلم السوداني على منطقتي حلايب وشلاتين، المتنازع عليهما مع مصر!

فلا بأس، حين تكون الصفقة كبيرة أن تستخدم القضايا الوطنية لإثارة الدخان، وأن يرد نجل الرئيس المصري المخلوع أيضا، للمشاركة في المسرحية، بالقول إن المنطقتين تراب مصريّ، كما لو أن ما يفعله العسكريون «أصحاب الشركات» و«الاستقطاعات» أمر غير البيع والشراء.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ابتزاز السودان وتوسيع التطبيع.. هكذا فشلت زيارة بومبيو إلى المنطقة

عرض أمريكي.. رفع السودان من قائمة الإرهاب مقابل التطبيع مع إسرائيل