استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

متسولون وجبناء

الخميس 27 أغسطس 2020 12:01 م

متسولون وجبناء

بات الأميركيون يتركون الأغنياء والأقوياء يمشون فوقهم بل يشكرونهم على هذا الامتياز.

لطالما اعتقدت أن الأمريكيين شجعان لكن تبين لي أننا تحولنا إلى متسولين جبناء للحصول حتى على وجباتنا الغذائية.

رغم كل العروض العسكرية والحديث الشجاع عن السباقات الرئيسية فإن الفاشية هي مجرد الإذلال النهائي للمواطنين.

وإذا كان الأمريكيون الضعفاء بشكل متزايد لا ينتبهون فسيجدون الوقت قد فات للرد لأنهم استسلموا بكل وسائلهم لذلك.

يسود الصمت بينما يتسبب ترامب بقتل عشرات الآلاف ويدمر الضمان الاجتماعي وخدمة البريد ويدبر كما يقول البعض لتزوير الانتخابات.

أبناء الطبقتين العاملة والوسطى بفرنسا يعرفون كيف يثيرون أزمة من الدرجة الأولى عندما يمس خدام الأغنياء في الحكومة أسلوب حياتهم.

*     *     *

نيكول وينفيلد وليزا ماري باني من وكالة أسوشيتيد برس تكتبان عن عدم تصديق الأوروبيين الولايات المتحدة، بينما نتجه نحو 300 ألف وفاة بسبب فيروس كورونا وانكماش في اقتصادنا بنسبة 33% على أساس سنوي في الربع الأخير، ونبدو أننا موافقون على ذلك.

ويبدو أننا قابلون لما يخطط له ترامب علانية لتدمير الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، وخدمة البريد، نيابةً عن نفسه وطبقة المليارديرات التي يمثلها. وقد حدث هذا بعد أن سكتنا طويلاً بينما أفسد تماماً جميع اللوائح البيئية التي أعاقت الشركات عن جني الأموال من خلال تسميمنا.

والواقع أن الأمريكيين باتوا «ماسوشيين» يتركون الأغنياء والأقوياء يمشون فوقهم وهم يشكرونهم على هذا الامتياز. ولطالما اعتقدت أن الأمريكيين شجعان ولكن تبين لي أننا تحولنا إلى متسولين جبناء للحصول حتى على وجباتنا الغذائية.

لقد اكتشف الأثرياء في ثمانينات القرن الماضي أن الأمريكيين هم جميعًا شكل بلا جوهر، وحين رشحوا لمنصب الرئيس ممثلًا من هوليوود مثل رونالد ريغان كان يلعب دور رعاة البقر، وقفوا أمامه مغشياً عليهم لأنهم متعلقون بالشكل وليس بالجوهر.

وفي عام 1984 عندما خاض ريغان الانتخابات ضد وولتر مونديل، رأيت عامل سيارات أبيض بمنتصف العمر في ديترويت وأجريت معه مقابلة، وقال لي إنه لن يصوّت لصالح مونديل لأنه كان «ضيق الخصر»!  

لقد سلب ريغان حقهم في الإضراب وسحب الخدمات الحكومية عن طريق زيادة العجز وخفض الضرائب على الأغنياء في وقت واحد، ثم زعم أن الحكومة لا تستطيع تقديم الخدمات التي دفع الناس ثمنها لأنها مفلسة.

ورفع ريغان سن التقاعد من 65 إلى 67 سنة.. لماذا؟ لأن معظم الشباب لا يدركون أن صحتهم ستتدهور في أواخر الستينات من العمر، وغالباً لن يحصلوا على أي سنوات ذهبية إضافية.

فماذا فعل الأمريكيون رداً على ذلك؟ لقد انحنوا فقط وقبلوا بذلك. وفي الوقت الراهن، يبدو أن الفرنسيين هم أكثر شبهاً بالأمريكيين، فقد حاول الرئيس إيمانويل ماكرون في ديسمبر (كانون الأول) الماضي رفع سن التقاعد من 62 إلى 64 سنة. ولا أستطيع أن أفهم السبب خاصة أن فرنسا تعاني باستمرار من ارتفاع معدلات البطالة.

ورداً على ذلك، اندلعت النيران وأضربت حوالي 30 نقابة، ودعمت بعضها البعض. ولكن أظهر أحد الاستطلاعات أن 61% من الفرنسيين وافقوا على الإضرابات.

إن أفراد الطبقة العاملة والطبقة الوسطى الفرنسية يعرفون كيف يثيرون أزمة من الدرجة الأولى عندما يمس خدام الأغنياء في الحكومة أسلوب حياتهم. إنهم لا يصلون إلى مبتغاهم دائماً لكنهم متأكدون من أن الحكومة تعلم أنها لا تستطيع الإفلات إذا تعدت عليهم.

وفي منتصف أبريل، ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن نقابة عمال CGT (التي تخضع لتأثيرات شيوعية) قدمت شكوى جنائية ضد سلسلة أحد المتاجرالكبيرة ومديرها التنفيذي لعدم حماية عمالها من فيروس كورونا.

ولجأت النقابات أيضاً إلى المحكمة لإجبار أمازون على التراجع وشحن العناصر الأساسية فقط حتى تتمكن المحاكم من مراجعة إجراءات السلامة الخاصة بالشركة..

لكن رغم كل العروض العسكرية والحديث الشجاع عن السباقات الرئيسية، فإن الفاشية هي مجرد الإذلال النهائي للمواطنين. لقد دفع موسوليني أعداداً هائلة من الإيطاليين إلى الفقر، واستخدمهم المحور كعلف للمدافع في الخطوط الأمامية.

وإذا كان الأمريكيون الضعفاء على نحو متزايد لا ينتبهون، فسيجدون أن الوقت قد فات للرد، لأنهم استسلموا بكل وسائلهم للقيام بذلك.

* د. خوان كول أستاذ تاريخ الشرق الأوسط وجنوب آسيا بجامعة ميشيغن– آن آربر

المصدر | كومون دريمز

  كلمات مفتاحية