استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هستيريا الصهيونية المسيحية: من الملكة إستير إلى الملك ترامب!

الجمعة 28 أغسطس 2020 02:45 م

هستيريا الصهيونية المسيحية: من الملكة إستير إلى الملك ترامب!

الوسط المسيحي الإنجيلي المتشدد والمحافظ ناصر ترامب في الحملة الانتخابية الماضية ويواصل مناصرته في الحملة الراهنة.

«زارني الرب في المنام ليلة أمس وأراني المستقبل. أخذني إلى السماء، وهناك رأيت دونالد ترامب جالساً على يمين الربّ مباشرة».

مغازلة الصهيونية المسيحية خلال حملات انتخابية لا تقتصر على ترامب وإنّ كانت إدارته الحالية أكثر امتلاءً بأنصارها وأشدّ تشبعاً بأفكارها.

يصور بومبيو رئيسه ترامب كالملكة اليهودية إستير التي أنقذت بني قومها اليهود من مجزرة كاد يأمر بها زوجها الملك الفارسي أحشويروش!

منظمة «التحالف المسيحي» أكثر الحركات الدينية القاعدية نفوذا وانتشارا وسيطرة على قرارات كبرى كثيرة في البيت الأبيض والكونغرس.

الصهيونية المسيحية تقول بعودة يسوع لتخليص العالم بعد قيام إسرائيل واحتلالها أرض التوراة وبناء الهيكل الثالث بموقع المسجد الأقصى.

*     *     *

جازف وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بمخالفة سلسلة أعراف إدارية راسخة في السلوك الدبلوماسي لبلاده، ترقى إلى مستوى الضوابط الناظمة، وتحظر على موظفي وزارتَيْ الخارجية والدفاع، ممّن عُيّنوا بعد رقابة من الكونغرس، أيّ انخراط في أنشطة حزبية، بالنظر إلى طابع الوظيفتين الذي يتوجب أن يمثّل جميع الأمريكيين بغض النظر عن انتماءاتهم الحزبية.

وهكذا توجه بومبيو بخطاب إلى مؤتمر الحزب الجمهوري أغدق فيه مديحاً بلا حدود على رئيسه وسيّده دونالد ترامب؛ وزاد في حجم الانتهاك أنه ألقى الخطاب من سطح فندق الملك داود في القدس المحتلة، أثناء قيامه بمهمة رسمية.

وأوّل ما خالفه بومبيو كان «قانون هاتش» الفدرالي العائد لعام 1939 والذي يحدد هذه الضوابط بوضوح وتفصيل، لكنه أيضاً خالف المذكرة ذاتها التي أرسلها بنفسه، في تموز (يوليو) هذا العام، إلى السفارات والقنصليات الأمريكية حول هذا الموضوع أيضاً؛ والتي تعطف على مذكرة سابقة كان وزير الخارجية بالوكالة ستيفن بيغان قد أصدرها في شباط (فبراير) الماضي.

وتقول بالحرف: «المعيّنون رئاسياً الخاضعون لتدقيق الكونغرس ممنوع عليهم حضور مؤتمر سياسي حزبي أو حدث على صلة بهكذا مؤتمرات (…) ومن جانبي، كموظف خضع لرقابة الكونغرس، سوف أقف على منأى من العملية السياسية هذا العام، ولن أحضر أيّ مناسبات سياسة، بما في ذلك مؤتمرات الاحزاب الوطنية».

دفاع بومبيو عن مشاركته من أسطح القدس المحتلة اتكأت، إلى هذا، على ذريعتين واهيتين تماماً بالطبع: أنه يشارك بصفة شخصية ولا أحد من معاونيه أو موظفي الخارجية اسهم في كتابة الخطبة أو تسجيلها، وأنه ثانياً لم «يحضر» جسدياً بل شارك صوتياً فقط ومن بعيد!

لا جديد في الإشارة إلى أنّ دوافع بومبيو خلف هذه التجاوزات تبدأ من ولائه التامّ لسيّده ترامب، واشتهاره (طبقاً لأقوال جون بولتن مستشار الأمن القومي السابق، في كتابه «الغرفة التي شهدت الوقائع») بنطق كلمة «حاضر» الفورية كلما ألمح الرئيس الأمريكي إلى رغبة، فكيف إذا أصدر أمراً.

كما تمرّ بما يُلزمه به ترامب من انخراط أقصى، لا لبس فيه، إلى جانب القلة القليلة من أعضاء الفريق الذي يدير الحملة الانتخابية، أمثال ابن الرئيس أو ابنته أو صهره أو أقربائه المباشرين ممّن لا يكنون له الخصومة أو العداء.

لكنّ هذا كلّه لا يطمس الدافع الكبير الآخر، أي انحياز بومبيو الشخصي إلى الوسط المسيحي الإنجيلي المتشدد والمحافظ، الذي ناصر ترامب في الحملة الانتخابية الأولى ويواصل مناصرته في الحملة الراهنة؛ وإلى تيار محدد داخل هذا الوسط هو الصهيونية المسيحية كما تمثلها منظمات عديدة.

أبرزها تجمّع «مسيحيون متحدون من أجل إسرائيل» بقيادة جون هاغي، المؤمن بأنّ على عاتق الولايات المتحدة يقع واجب إلهي مقدّس تجاه حماية إسرائيل.

وخلال أحدث أنشطته في دعم دولة الاحتلال، نظم هذا التجمع ملتقى شارك فيه الرئيس الإسرائيلي روفين رفلين، ووزير الخارجية بومبيو، وأعضاء الكونغرس الجمهوريون تيد كروز وماركو روبيو وتوم كوتن.

وألقى هاغي كلمة جاء فيها أنّ فيروس كورونا لم يأت صدفة بل هو أمر مقدّر عقاباً للساسة الأمريكيين الليبراليين، ولوسائل الإعلام (المعادية لإدارة ترامب، تحديداً)؛ وأنّ الصين خططت للإبقاء على انتشار الجائحة حتى نوفمبر للإخلال باقتصاد الولايات المتحدة ونسف حملة ترامب الانتخابية، و… إعاقة أمريكا عن أداء واجبها في الدفاع عن دولة الاحتلال!

طريف، إلى هذا، أنّ بومبيو يميل إلى رفد هذا التيار بآراء حول السياسة الخارجية مستمدة، إلى درجة التطابق أحياناً، من رموز وأحداث توراتية؛ كمثل تصويره ترامب في شخص الملكة اليهودية إستير، التي أنقذت بني قومها اليهود من مجزرة كاد يأمر بها زوجها الملك الفارسي أحشويروش.

ويتعمّد مخاطبة مؤتمر الحزب الجمهوري من سطح فندق الملك داود في القدس المحتلة، بما يُسقطه هذا الاختيار من دلالات توراتية تدغدغ مشاعر الصهاينة المسيحيين.

من الإنصاف التذكير، دائماً، بأنّ مغازلة التيارات الصهيونية المسيحية خلال الحملات الانتخابية ليست مقتصرة على ترامب، حتى إذا جاز القول إنّ إدارته الحالية هي الأكثر امتلاءً بأنصار هذه التيارات والأشدّ تشبعاً بأفكارها.

ففي حملته الثانية أمام المرشح الرئاسي الجمهوري جون ماكين، قال الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما:

«حين أتأمل الفكرة الصهيونية، أجدني أتذكّر كيف تشكلت مشاعري تجاه إسرائيل وأنا يافع، بل وأنا طفل أيضاً في الواقع (…) وأنا أقول دائماً أنّ تكويني الفكري تمّ على أيدي أساتذة وكتّاب يهود، رغم أنني لم أنتبه إلى الأمر في حينه. ويستوي في صناعة حساسيتي تلك أناسٌ لاهوتيون، أو فيليب روث، أو بعض الكتّاب الأكثر شعبية مثل ليون أوريس».

وأمّا «الفكر اليهودي» هكذا لا على أيّ تعيين، فقد علّم أوباما أنّ لكلّ فعل عواقبه الأخلاقية التي يتوجب احتسابها، وهو السبب في أنّ حملته غصّت يومذاك بالحديث عن الواجبات والنواهي، ممّا أرهق كاهل مساعديه ومستشاريه!

وعلى أصعدة شعبية، أو بالأحرى شعبوية، عريضة النطاق وتشمل بسطاء المسيحيين المؤمنين؛ هنا مثال جون كيلباتريك، راعي كنيسة في ولاية ألاباما، الذي يجزم أنّ ترامب يحارب «أعمال سحر» خبيثة، على غرار ما واجهه النبي إيليا مع إيزابيل الزانية الساحرة (في سفر الملوك 2، 9:22)!

فيقول في عظة الأحد: «لستُ سياسياً، ولكني لا أرى كيف يستطيع الرئيس ترامب تحمّل هذا كله. إنه أقوى من أيّ رجل عرفته في حياتي. ولكن اسمعوا ما قاله لي الروح القدس الليلة الماضية، وطالبني أن أخبركم به. قال: أبلغ الكنيسة أن ترامب كان طيلة الوقت يجابه آخاب. لكن إيزابل تتآمر الآن لكي تنبعث من الظلمات. هذا ما أبلغني به الروح القدس».

لكنّ «المعلّم الأكبر» الذي يقود هذا التيار، ويهيمن على ما يُسمّى «حزام الكتاب المقدس» أي سلسلة الولايات ذات التديّن الشديد والإيمان الراسخ بمقولات «المجيء الثاني» و«كنعان الجديدة» ومبادئ المسيحية الصهيونية؛ كان، وسيبقى حتى غيابه جسدياً عن هذا العالم، ماريون غوردون (بات) روبرتسون، مؤسس منظمة «التحالف المسيحي» أكثر الحركات الدينية القاعدية نفوذاً وانتشاراً، وبالتالي سيطرة على كثير من القرارات الكبرى في البيت الأبيض والكونغرس.

وإذا كان بومبيو قد مزج بين داود وإستير وترامب، فإنّ روبرتسون لم يرضَ بأقلّ من يسوع المسيح ذاته: «زارني الله في المنام ليلة أمس وأراني المستقبل. أخذني إلى السماء، وهناك رأيت دونالد ترامب جالساً على يمين الربّ مباشرة».

ويبقى تذكير جوهري بأنّ تيارات الصهيونية المسيحية تواصل استلهام النظرية الشعبية الأعمّ التي هيمنت منذ القرن الثامن عشر على غالبية المنظمات المسيحية الأصولية الأمريكية، والبروتستانتية الإنجيلية بصفة خاصة.

والتي تقول بعودة يسوع لتخليص العالم حين تكتمل جملة شروط، بينها قيام دولة إسرائيل، ونجاحها في احتلال كامل أرض التوراة، وإعادة بناء الهيكل الثالث في موقع المسجد الأقصى.

صحيح أنّ مزيجاً من التسليم التوراتي، والهستيريا الجَمْعية، والتوظيف الإمبريالي (حسب كلفورد كيراكوف في كتابه الرائد «حملة صليبية سوداء: الصهيونية المسيحية والسياسة الخارجية الأمريكية»)، هو الذي يحكم شيوع هذه التيارات وهيمنتها؛ إلا أنّ السياسة من زاوية مساندة الصهيونية الخالصة والسياسات الإسرائيلية أياً كانت مظاهرها الاستيطانية والعنصرية الصريحة، كانت حجر الأساس العقائدي والسلوكي، وهكذا تبقى.

* صبحي حديدي كاتب وباحث سوري مقيم بفرنسا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الجارديان: بريطاني خائن وراء الاقتحام الصهيوني لسجن عكا عام 1947

اتفاق إبراهيم.. سر تسمية صفقة التطبيع بين الإمارات وإسرائيل

منظمة صهيونية تمنح جائزة لـ5 حكام عرب وتؤكد: سينقلون سفاراتهم إلى القدس