إلعال (الإسرائيلية) إلى أبوظبي: الحجّ المعكوس!

السبت 29 أغسطس 2020 11:18 ص

إلعال (الإسرائيلية) إلى أبوظبي: الحجّ المعكوس!

حكام الإمارات وضعوا إسرائيل كمثال يحتذى ومركز يدورون حوله ويُستتبعون له.

كل مظاهر التطبيع هذه أمور تبدو في ميزان القوى «مصالح» إسرائيلية (وأمريكية) لا إماراتية.

لن يعود لدى الإمارات أي ورقة توت تختبئ وراءها ولا يتبقى غير حجّ الإسرائيليين المعكوس إلى كنيس «أبراهام» في أبوظبي.

إسرائيل معتادة على صفقات إذلال ولن تسلم بهديّة مساواتها أمريكيا بدولة متسرعة للتطبيع فما الداعي للإعطاء إذا أمكن الأخذ مجانا؟

طائرة إماراتية مسيّرة أغارت على 50 طالبا غير مسلح يجرون تدريبات في الأكاديمية العسكرية في طرابلس فقتلت 26 منهم.

يريد قادة أبوظبي استخدام الطائرات الأمريكية المتطورة (أف-35) في المزيد من المجازر في اليمن وليبيا وربما مناطق أخرى.

أبوظبي ذاتها تحتاج من يطبّع معها حين يتعلّق الأمر بشعوب عربية فقد اكتسب حكام الإمارات سمعة لا يريد أحد (باستثناء الإسرائيليين) أن ينافسهم عليها.

رحلة مثقلة بالرموز من إشارة واضحة لعلاقة الأول بالتالي والمستقبل بالمرسل وليس انتهاء بثمن بائس قايضت به أبوظبي اتفاقية التطبيع لتمرير صفقة أف-35!

*     *     *

أعلنت السلطات في إسرائيل والإمارات أن أول رحلة تجارية بين البلدين ستنطلق من مطار بن غوريون في تل أبيب إلى أبوظبي بعد غد الإثنين، وهي رحلة مثقلة بالرموز، بدءا من الإشارة الواضحة إلى علاقة الأول بالتالي، والمستقبل بالمرسل، والمركز والطرف، وليس انتهاء بالثمن البائس الذي قايضت به أبو ظبي اتفاقية التطبيع بهدف حصولها على صفقة طائرات أف-35!

وهو أمر، ما زال، على ما يظهر، محلّ أخذ وردّ، فإسرائيل معتادة على صفقات الإذلال، وليست في وارد التسليم بهديّة مساواتها أمريكيا بدولة متسرعة للتطبيع، فما الداعي للإعطاء إذا يمكن الأخذ مجانا؟

لا داعي، بالنسبة للإسرائيليين، أن يقوم قادة الإمارات بالتمويه، ولا يهمّ بنيامين نتنياهو ورئيس مخابراته يوسي كوهين، أن تساعد تل أبيب أبوظبي في الادعاءات!

سواء في زعم مساهمة الاتفاق في وقف إسرائيل لضم الأراضي الفلسطينية، أو في استخدام القدس في الموضوع ودعوة سكان الإمارات إلى الحج إليها، وهو ما رفضته السلطات الدينية الفلسطينية وأفتت بعكسه.

وحتى لو افترضنا أن «الاتفاق» جرى للحصول على موافقة الولايات المتحدة الأمريكية على بيع طائرات أف-35 للإمارات، فإن هذه الصفقة البائسة لم يتم إحرازها بعد، ويبقى طبعا الكلام عن «المصالح» المتبادلة بين البلدين.

والتي تعتبر رحلة إلعال أحد أشكالها، عبر الحديث عن افتتاح كنيس يهودي، وفتح باب «السياحة» للإسرائيليين في الإمارات، أو التعامل بشكل مكشوف مع شركات التكنولوجيا التي تزود أبوظبي ببرامج التجسس على المعارضين، وكل هذه أمور تبدو، في ميزان القوى، «مصالح» إسرائيلية (وأمريكية) لا إماراتية.

في الوقت الذي يطبّع فيه حكام الإمارات مع إسرائيل، ورغم النفوذ الذي لا تكف أبوظبي عن إظهاره في أنحاء المنطقة العربية والعالم، يبدو أن أبوظبي تحتاج هي نفسها إلى من يطبّع معها، وخصوصا حين يتعلّق الأمر بالشعوب العربية، فقد اكتسب حكام الإمارات سمعة لا يريد أحد (باستثناء الإسرائيليين ربما) أن ينافسهم عليها.

آخر الأنباء، على سبيل المثال، كشفه تحقيق استقصائي لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي وكشف أن طائرة إماراتية مسيّرة أغارت على 50 طالبا غير مسلح يجرون تدريبات في الأكاديمية العسكرية في طرابلس فقتلت 26 منهم.

الهجوم تم بطائرة «وينغ لونغ2» الصينية، وبصاروخ «بلو أرو7» الصيني أيضا، وكانت الطائرة والصاروخ جزءا من صفقة اشترتها الإمارات عام 2017.

إذا وضعنا المجزرة المذكورة المرتكبة في ليبيا في 4 كانون الثاني/يناير من العام الجاري في سياق رغبة حكام الإمارات في الحصول على طائرات أف-35 المتطورة، فإن السياق الطبيعي المتوقع هو أن قادة أبوظبي يريدون استخدام الطائرات الأمريكية المتطورة في المزيد من المجازر في اليمن وليبيا ومناطق أخرى.

الأمر الآخر الذي يمكن توقعه، من هذه الرغبة الجامحة في امتلاك أسباب القوة الضاربة والصرف الهائل على التسلح والتدخّلات العسكرية والأمنية في مختلف البلدان العربية، هو أن حكام الإمارات وضعوا إسرائيل كمثال يحتذى ومركز يدورون حوله ويُستتبعون له!

ومن المثير للسخرية أن إسرائيل تقابل هذا الاقتداء بمثلها، والتفاني في التقرب إليها، بالعمل على وضع الحدود المفروض على أبوظبي أن تلعب فيها، وبالممانعة في تسليمها صفقة أف-35، بحيث لا يعود لديها أي ورقة توت تختبئ وراءها، ولا يتبقى غير حجّ الإسرائيليين المعكوس إلى كنيس «أبراهام» في أبوظبي.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية