33 عاما على اغتيال رسام الكاريكاتير الفلسطيني الشهير "ناجي العلي" صاحب شخصية "حنظلة"، ولا يزال الغموض يكتنف الجهة التي اغتالته.

لا أحد يعرف بالضبط من قتل "العلي"، ولا الجهة التي اغتالته على وجه القطع، ولا تزال الشرطة البريطانية "سكوتلاند يارد"، حتى يومنا هذا، تنشر كل عام إعلانا تطلب فيه شهود عيان، لعل وعسى أن تجد شاهدا.

" العلي" تعرض لإطلاق نار من شخص مجهول في يوليو/تموز 1987، حينما كان يسير متجها إلى عمله في العاصمة البريطانية، واستقرت رصاصة أسفل عينه فدخل في غيبوبة لمدة 38 يوما، انتهت بمفارقته الحياة  في 29 أغسطس/آب 1987.

ودُفن"العلي" بمقبرة "بروكوود" في لندن، رغم رغبته بأن يوارى الثرى في مخيم "عين الحلوة" للاجئيين الفلسطينيين في لبنان.

• اتهامات للموساد

ويكتنف الغموض عمليه اغتياله؛ حيث راجت عدة فرضيات حول الجهة التي نفذت العملية من بينها "الموساد" الإسرائيلي، وأطراف فلسطينية، أو نظام عربي أزعجته انتقادات "العلي" اللاذعة.

وكانت لدى "سكوتلاند يارد" قناعة بأن "الموساد" متورط بالجريمة، لكن الأخير رفض بشكل رسمي التعاون مع التحقيقات البريطانية؛ ما أثار غضب رئيسة وزراء بريطانيا، آنذاك، "مارجريت تاتشر" التي قامت بإغلاق مكتب "الموساد" في لندن.

وتقول التحقيقات البريطانية، التي نٌشرت سابقا، أن أحد المشتبه بهم يدعى "بشار سمارة"، وكان منتسبا إلى منظمة التحرير الفلسطينية، لكن في الواقع كان عميلا لدى "الموساد".

كما اعتقلت الشرطة البريطانية طالب فلسطيني يدعى "إسماعيل صوان"، ووجدت أسلحة في شقته، ولم توجه له تهم تتعلق بجريمة اغتيال "العلي" رغم الشكوك بعضويته في "الموساد".

فرضيات تدبير  "الموساد " للاغتيال؛ جاءت لأن "العلي" كان ينتمي  إلى "حركة القوميين العرب" التي قامت "إسرائيل" باغتيال بعض قياداتها، ومن بينهم "غسان كنفاني".

وتشير بعض المعلومات إلى أنه عقب فشل محاولة "الموساد" في اغتيال "خالد مشعل" في عمان، قامت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بنشر قائمة بعمليات اغتيال نفذها "الموساد"، وجاء اسم "العلي" ضمن القائمة.

• تهديد ياسر عرفات

أول تهديد تلقاه "ناجي العلي" كان من الرئيس الفلسطيني آنذاك "ياسر عرفات"، الذي قال "اللي اسمه ناجي، لو بضل (يظل) يرسم، رح أحط أصابيعه بالأسيد"، وذلك أثناء مناسبة ما في "ثانوية عبدالله السالم" في الكويت.

أما عن ردة "العلي"، قال: "لو حط أصابيعي بالأسيد، برسم بأصابيع رجلي"، لأن إيمانه بالقضية الفلسطينية كان مصدر قوته.

وأضاف: "لو ما لقيت جريدة تنشر رسوماتي، بفتح دكان، وببيع بندورة وفلافل، ولا أبيع قلمي وريشتي"، حسبما أفادت زوجته "وداد صالح" في تصريحات صحفية.

وحول التهديدات الأخرى التي تلقاها من منظمة التحرير الفلسطينية، قالت "وداد" إنها كانت تقوم بتشغيل سيارته قبل نزوله من البيت؛ لتحميه من أي "تفخيخات" محتملة، وحين اكتشف الأمر قال: "أنا ولا أنتِ؛ لأن وجودك لأولادنا أفضل من وجودي!".

• من هو ناجي العلي؟

"ناجي سليم حسين العلي" وُلد عام 1937 في قرية الشجرة التي تقع على تلة متوسطة الارتفاع إلى الجنوب الغربي من مدينة طبريا.

وفي مايو/آيار 1949، سقطت القرية بأيدي اليهود، وغادرت عائلة "ناجي العلي" إلى لبنان وسكنت في مخيم "عين الحلوة". 

كبر الولد اللاجئ وتزوج من "وداد صالح نصر" وأنجب منها أربعة أولاد: "خالد وأسامة وليال وجودي".

 وحصل على شهادة ميكانيكا السيارات من طرابلس في لبنان.

وذات يوم كان الأديب الفلسطيني "غسان كنفاني" يزور مخيم عين الحلوة، وشاهد بالصدفة أحد رسوم ناجي العلي، وأعجب بها؛ فنشر الرسم في صحيفة "الهدف" التابعة للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ومن هناك اشتهر كرسام كاريكاتير.

 بعدها بعامين انتقل للعمل في صحف ومجلات كويتية، ومنها سافر إلى لندن ليرسم في صحيفة "القبس" الدولية الكويتية التي كانت تصدر من هناك.

و"حنظلة" هي الشخصية التي ابتدعها "ناجي" لتكون الشاهد على ما يحدث في بلاد العرب. وتحولت هذه الشخصية مع الزمن إلى رمز للقضية الفلسطينية.

ولم تكن "حنظلة" الشخصية الكاريكاتيرية الوحيدة التي رافقت رسوم "العلي"، بل كان هناك شخصية ثانية هي "فاطمة"، المرأة الفلسطينية القوية، بعكس زوجها الكادح.

 وكان "العلي" يقول: "اسمي حنظلة، وُلدت في 5 حزيران 1967، اسم أبي مش مهم. أمي اسمها نكبة، وأختي اسمها فاطمة، نمرة رجلي ما بأعرف لأني دايما حافي، أنا مش فلسطيني ولا أردني، مش كويتي ولا لبناني ولا مصري، أنا عربي".