العال في أبوظبي: تاريخ «يتعدى الشرق الأوسط»؟

الخميس 3 سبتمبر 2020 11:21 ص

إلعال في أبوظبي: تاريخ «يتعدى الشرق الأوسط»؟

انتصارات ترامب وصهره هي انتصارات على البشرية رغم أن فلسطين والعرب أكبر المستهدفين.

تاريخ «يتعدى الشرق الأوسط» تاريخ وحشية منفلتة مما يضع مسؤولية كبرى على العالم ونخبه السياسية.

سياسات ترامب تشعل جذوة النزاع الأهليّ بأمريكا وتعادي المهاجرين والأقليات والفقراء وتؤجج الصراع عالميا.

ما سر العلاقة الحميمة لإدارة ترامب مع أنظمة الاستبداد العربية وإسرائيل وحماسة الأنظمة المدهشة مع فوز ترامب كما لو كانت حياة أو موت؟

بشّر كوشنر الفلسطينيين باستمرار الضغوط عليهم وأن «خيارات الضم لا تزال مفتوحة» مما يعني عمليا الطلب منهم الاستسلام للواقع الجديد.

نجاح ترامب سيرسخ نهجا متطرّفا داخليا وخارجيا! كلمات ترامب ونائبه بمؤتمر الحزب وأغلب المتحدثين أشبه بخطاب حزب سلطوي شمولي من العالم الثالث.

*     *      *

في تصريحاته التي أطلقها من على مدرج طائرة إلعال الإسرائيلية الهابطة في أبوظبي يوم الاثنين الماضي قال جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمهندس الفعلي للخطوة، إن هذه الرحلة ستكون «بداية مسيرة تاريخية تتعدى الشرق الأوسط».

أشار كوشنر إلى بعض ما سيحصل بعد هبوط الطائرة وعلى رأس ذلك أن الولايات المتحدة الأمريكية ستقوم بالمحافظة على تفوق عسكري نوعي لإسرائيل في المنطقة، وأنها ستدعم قرار الإمارات بالتطبيع مع إسرائيل.

وبشّر كوشنر الفلسطينيين باستمرار الضغوط عليهم وبأن «خيارات الضم لا تزال مفتوحة»، وهو ما يعني عمليا الطلب منهم بالاستسلام للواقع الجديد، وبوقوفهم وحدهم في مواجهة دولة الاحتلال بعد أن تغيّرت معادلة الأرض مقابل السلام إلى التحالف مع إسرائيل ضدهم!

غير أن هذه الإشارات تخصّ الفلسطينيين والعرب وإسرائيل، فما معنى حديث كوشنر عن «تاريخ يتعدى الشرق الأوسط»؟

يُفترض أن يبدأ هذا «التاريخ» من أمريكا نفسها التي تستعد بعد انتهاء مؤتمري الحزبين الرئيسيين، الجمهوري الحاكم والديمقراطي الطامح للحكم، ودخول مرشحيهما، ترامب ونائبه مايك بنس، وجو بايدن ونائبته كمالا هاريس، حملة الوصول إلى البيت الأبيض، فهذه الحملة قد تحدّد فعلا مصير العالم لعقود قادمة.

فنجاح ترامب سيؤدي إلى ترسيخ نهج إدارة متطرّفة داخليا وخارجيا، فكلمات ترامب ونائبه، في مؤتمر الحزب، وكذلك أغلب من ألقوا كلمات، بدت أشبه بكلمات حزب سلطوي شمولي من العالم الثالث.

فقد ألقى الخطباء المدائح العصماء في نهج الرئيس، الذي لا يكف عن مديح نفسه وتعظيمها، وركّزت الخطب على دعم الجيش وقوى الأمن متجاهلة أسباب الغضب والتذمر والاحتجاجات في شوارع المدن الأمريكية.

إضافة إلى أن سياسات ترامب تشعل جذوة النزاع الأهليّ في أمريكا، وتعادي المهاجرين والأقليات والفقراء، فإنها تؤجج أشكال الصراع العالمي، وهو ما يفسّر هذه العلاقة الحميمة لإدارة ترامب مع أنظمة الاستبداد العربية وإسرائيل، كما يفسّر الحماسة المدهشة التي تتعامل بها هذه الأنظمة مع قضية فوز ترامب كما لو كانت قضية حياة أو موت.

رغم أن سياسة الابتعاد عن التدخل العسكري في العالم التي يحاول ترامب الالتزام بها، تعني ضحايا أقل لأمريكا في العالم، فإنها تعني أيضا ترك الأمور على غواربها، كما هو الأمر مع روسيا في سوريا وليبيا وأوكرانيا وبيلاروسيا وجورجيا، وإسرائيل في فلسطين المحتلة، وللإمارات والسعودية ومصر في ليبيا واليمن، وكذلك لفرقهما للتجسس (والاغتيال) في العالم.

لا يمكن أن ننسى طبعا سجل إدارة ترامب الفظيع في قضايا الدفاع عن البيئة وكوكب الأرض، فعواقب هذه السياسة لن تنعكس على أمريكا وحدها بل على العالم برمته.

التاريخ الذي «يتعدى الشرق الأوسط»، بهذا المعنى، هو تاريخ الوحشية المنفلتة من عقالها، وهو تاريخ يضع مسؤولية كبرى على العالم ونخبه السياسية، فانتصارات ترامب وصهره المدلل هي انتصارات على البشرية، رغم أن الفلسطينيين والعرب هم أكبر المستهدفين.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية