ترامب يشكك مبكرا بنزاهة الانتخابات.. عجز عن تأمين الرئاسيات؟

الأحد 13 سبتمبر 2020 06:22 م

"لن نخسر هذه الانتخابات إلا إذا كانت مزورة". سلط هذا التصريح المفاجئ الصادر عن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" الشهر الماضي على جانب من محاولاته زرع الشك بشأن نزاهة اقتراع تشرين الثاني/نوفمبر الرئاسي.

يثير ذلك التصريح تساؤلات حول جانب مقلق بشكل متزايد: هل بإمكان الولايات المتحدة التي تعد بين أقدم ديمقراطيات العالم ضمان انتخابات حرة ومنصفة في 2020؟

ولعل نظام التصويت الأمريكي يواجه أخطر تهديد منذ عقود، تغذيه مقاربة الرئيس التي لا أساس لها والعدد القياسي للأصوات التي يتم الإدلاء بها عن طريق البريد جراء وباء كوفيد-19 والقلق بشأن الآلات المتقادمة والاتهامات بقمع الناخبين.

وازدادت الأمور تعقيدا جراء تكرار التدخلات الأجنبية التي شابت انتخابات 2016، وهو أمر بات أكثر وضوحا مع إعلان وزارة الخزانة الأمريكية فرض عقوبات على "عميل روسي نشط" اتهم بإثارة نظريات مؤامرة استخدمها البيت الأبيض.

لكن في وقت تتأهب الولايات الأمريكية الـ50 لمواجهة أي تدخلات من موسكو أو غيرها، يبدو أن التهديدات الأكبر تأتي من الداخل.

وقالت منظمة الأمن والتعاون في أوروبا التي راقبت انتخابات على مدى عقود في بلدان من أفغانستان وصولا إلى الولايات المتحدة إن "إجراء هذه الانتخابات سيكون الأصعب في العقود الأخيرة".

وأفادت المنظمة في تقرير في تموز/يوليو أن تدابير كوفيد-19 قد "تؤثر على مستوى الثقة" ونزاهة إدارة الانتخابات و"إثارة الشكوك بشأن النتيجة في نهاية المطاف".

ويوجه مركز "كارتر"، غير التابع لأي الحزبين والذي أسسه الرئيس السابق جيمي كارتر وراقب الانتخابات في 39 بلدا منذ العام 1989، أنظاره لأول مرة نحو الولايات المتحدة.

وكتب جيسون كارتر من المركز أواخر آب/اغسطس "يفقد الأمريكيون ثقتهم في العملية الانتخابية في الولايات المتحدة".

وأضاف "تعاني البلاد من استقطاب عميق والناس من الجانبين اليمين واليسار قلقون حيال التهديدات لأمن الانتخابات ومصداقية العملية".

تدابير وقائية؟

وظهرت عدة مؤشرات على مخاطر جديدة محتملة.

ومنذ العام 2016، أُغلق أكثر من 1100 مركز اقتراع في تكساس وأريزونا ولويزيانا وغيرها، حسب "مؤتمر القيادة للحقوق المدنية وحقوق الإنسان".

وازدادت الخلافات بشأن تمويل خدمة البريد الأمريكية التي حذرت من أنها ستواجه صعوبات في معالجة العدد القياسي من الأصوات المرسلة عبر البريد.

وفاقمت الطوابير الطويلة للغاية التي شهدتها الانتخابات التمهيدية هذا العام المخاوف بشأن القدرة على معالجة الأصوات بشكل مناسب.

وقد تصعب العديد من التحديات القانونية مهمة فرز الأصوات في وقتها وتدريب المتطوعين، ما يسهل رفض الأصوات واعتبارها باطلة.

ونظرا إلى أن العاملين في الانتخابات هم عادة متطوعون مسنون، يتوقع أن يلتزم كثير منهم منازلهم جراء المخاوف المرتبطة بكورونا المستجد، ما يعني أن الولايات تعمل جاهدة لتدريب ما يكفي من الكوادر على تنظيم الانتخابات.

وأطلقت ولاية جورجيا الثلاثاء تحقيقا بعد تسجيل نحو ألف حالة تصويت مزدوج في الانتخابات التمهيدية في حزيران/يونيو والدورة التكميلية التي جرت في آب/اغسطس.

وبدا السيناريو مطابقا لما روج إليه "ترامب" نفسه هذا الشهر في كارولاينا الشمالية حيث دعا أنصاره للتصويت أول مرة عبر البريد وتكرار التصويت في مركز الاقتراع "للتأكد من احتساب" أصواتهم.

وعلى الرغم من ذلك، "هناك تدابير وقائية فرضت في العديد من المناطق لمنع تزوير الانتخابات"، وفق جون هوداك من معهد "بروكينغز".

وشدد على أنه بينما يتسبب الوباء في ازدياد عمليات التصويت عبر البريد، إلا أن التأخير المحتمل في تثبيت نتائج الولايات لن يكون مدعاة قلق كما حذر "ترامب".

وقال هوداك "إنه في الواقع مؤشر على أن النظام الانتخابي ناجح".

منع التدخل الفيدرالي

وشعر الأمريكيون بالقلق حيال نزاهة الانتخابات على مدى سنوات.

وأظهرت دراسة لمركز "بيو" أن الناس "لا يشعرون بثقة كبيرة بأن الأنظمة الانتخابية في الولايات المتحدة آمنة من الاختراق أو غير ذلك من التهديدات التكنولوجية".

وأفاد المركز أن 45 في المئة فقط من المستطلعين أشاروا إلى أنهم يشعرون بنوع من الثقة حيال أمان الأنظمة الانتخابية.

ولا يزال الناخبون يذكرون كارثة فلوريدا عام 2000 عندما أوقفت المحكمة العليا عملية إعادة فرز للأصوات خيمت عليها الفوضى في ظل تقارب النتائج، ما أدى إلى فوز "جورج بوش" الابن.

وقد تتسلط الأضواء على فلوريدا مجددا، في وقت يتهم الديموقراطيون الجمهوريين بمحاولة قمع الناخبين.

مع ذلك، لا يبدو الأستاذ في جامعة "هارفارد"، "ستيفن أنسولابيهير" قلقا بشأن الدعاوى القضائية أو إغلاق مراكز الاقتراع أو غير ذلك من التجاوزات.

وقال "أنسولابيهير" الذي يتابع الانتخابات الأمريكية عن كثب منذ العام 2000 "هناك جزء كبير من هذه الأمور يعد ضمن طبيعة النظام الأمريكي".

وفي وقت تتحمل كل ولاية مسؤولية تنظيم الانتخابات لديها، تتجنب الحكومة الفدرالية التدخل في العمليات الانتخابية.

ويعد هذا النظام اللامركزي سيفا ذو حدين. وقال أنسولابيهير إنه "قد يصعب التوصل إلى حلول لكنه يمنع كذلك التدخل على المستوى الفدرالي" ما يفسح المجال أمام الابتكارات التكنولوجية.

وبالمجمل، أعرب الأستاذ في جامعة هارفارد عن "ثقته العالية" في نزاهة الانتخابات، على الرغم من اللهجة التي يتبناها الرئيس.

وأفاد أن "حديث ترامب علنا عن جميع هذه الأمور يعني أن الجميع يراقب"، مضيفا "عندما يكون الجميع يراقب، يصعب القيام بأمور سيئة".

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

انتخابات الرئاسة الأمريكية رئاسيات أمريكا 2020 رئاسيات أمريكا دونالد ترامب

مخاطر انتخابات أمريكا الرئاسية 2020