جورج فريدمان: لهذا السبب غاب الدور الأمريكي في الحرب بين أذربيجان وأرمينيا

الأربعاء 7 أكتوبر 2020 08:51 م

خلال الحرب الباردة، واجهت الولايات المتحدة الاتحاد السوفيتي في أي مكان سعى فيه لإحراز تقدم ونفوذ.

وكانت بعض التدخلات ضرورية وواضحة الهدف، مثل في ألمانيا لحماية أوروبا، وفي تركيا للحد من الحركة البحرية السوفيتية في البحر المتوسط، وفي اليابان لإغلاق ميناء "فلاديفوستوك" السوفيتي على المحيط الهادئ، بينما كانت المواجهة في دول أخرى، مثل أنجولا وأفغانستان، أقل أهمية.

وكانت الولايات المتحدة في منافسة عالمية مع السوفييت، واستخدم كلاهما الأدوات المتوفرة لدى كل منهما لمواجهة بعضهما البعض.

وكانت الأداة الأساسية لواشنطن هي جيشها، ولا سيما القوات البحرية الضخمة، فيما أطلقت موسكو على تحركاتها "حروب التحرير الوطني" وقد اشتملت على دعم سري للمتمردين في دول مختلفة، وخاصة المستعمرات السابقة للإمبريالية الأوروبية.

وعادة ما كان لدى الولايات المتحدة القليل من الاهتمام بالدول التي اختارتها موسكو كساحة معركة.

لكن كان لدى واشنطن مصلحة كبيرة في عرقلة النجاح السوفيتي في هذه البلدان، لأن النجاح قد يخلق قوة سوفييتية أكبر.

وكانت الولايات المتحدة تميل إلى استخدام الحرب السرية ضد وكلاء الاتحاد السوفيتي، بالرغم من بعض الاستثناءات الملحوظة مثل فيتنام.

وخلال الحرب الباردة، كان كل شيء مهما للولايات المتحدة، لأن السوفيت كان يمكنهم استغلال أي فرصة وخاصة مع امتلاكهم قدرة سرية كثيرا ما كانت تضع واشنطن في مواقف صعبة.

لكن لا يوجد تهديد من الاتحاد السوفيتي اليوم، ولا يوجد الكثير من الأشياء التي تهم واشنطن الآن.

وهذه صدمة لعالم يتوقع أن تقوم الولايات المتحدة بدور قيادي غير مبالٍ بالتكلفة مثل ما قامت به الولايات المتحدة خلال الحرب الباردة.

ويحمل الانخراط على المستوى العالمي في طياته ثمنا باهظا يمكن دفعه عند الضرورة، ولكن يجب تجنبه قدر الإمكان.

وفي فترة وسيطة بين الحرب الباردة والآن، خاضت روسيا حربا في جورجيا في أواخر عام 2008.

وكانت الولايات المتحدة متورطة بشدة في العراق وأفغانستان، وأوضحت أنها لا تنوي التدخل.

وبسبب أنها كانت مقيدة بالتزاماتها في أماكن أخرى، لم تكن الولايات المتحدة في وضع يمكنها من نشر القوات هناك بسرعة.

وبعد الحرب، أرسلت واشنطن قوات إلى جورجيا، بهدف تدريب الجيش الجورجي في المقام الأول، واستمر وجودها والتزامها هناك حتى يومنا هذا.

لقد كانت استجابة أبطأ بكثير مما كانت عليه خلال الحرب الباردة.

وقد أثار التهديد الروسي لجورجيا ردة فعل عميقة، مفادها أنه يجب منع التوسع الروسي أينما ظهر، خاصة عندما تكون الضحية حليف لأمريكا.

وبغض النظر عن ارتباط هذه القضية بالمصالح الأمريكية، فإن الولايات المتحدة لديها مسؤولية لتحقيق الاستقرار في العالم.

ويمثل النزاع الحالي حول منطقة "ناغورنو كاراباخ"، وهي منطقة تقع مثل جورجيا في منطقة القوقاز، تحولا أساسيا في سياسة الولايات المتحدة.

وكانت أذربيجان قد خسرت أراضيها لصالح أرمينيا في أوائل التسعينيات. ومنذ ذلك الحين، كان استردادها رغبة أساسية لدى أذربيجان، لكن قضايا داخلية أخرى شغلت وقتها.

لكن الأسبوع الماضي، بدأ الجيش الأذربيجاني هجوما مدفعيا استمر لعدة أيام.

رفضت أرمينيا التنازل عن الإقليم. وانحازت تركيا إلى أذربيجان، بسبب التقارب التاريخي مع أذربيجان وبسبب العداء طويل الأمد مع أرمينيا المتحالفة مع الروس.

وقدم الإيرانيون دعما فاترا لأرمينيا، لكنهم أوضحوا بشكل عام أنهم يرغبون في البقاء خارج الصراع.

وإذا كان هناك افتراض تلقائي بأن على الولايات المتحدة إدارة أزمة مثل هذه في عام 2008، فمن الواضح في عام 2020 أن الأزمة لا يمكن السيطرة عليها، لسبب واحد وهو أن الولايات المتحدة ليست مهتمة بمن سيسيطر على "ناغورنو كاراباخ"

ومن ناحية أخرى، فإن نتيجة الحرب سيكون لها تأثير ضئيل على الولايات المتحدة. وأخيرا، فإن العلاقات الأمريكية مع تركيا وروسيا متوترة بالفعل، ومخاطر خوض حرب في القوقاز ستفوق الفوائد.

لهذا السبب لم تقدم واشنطن سوى الكلمات المبتذلة المتوقعة منذ الأسبوع الماضي.

وكان تحول استراتيجية الولايات المتحدة أمرا حتميا ويمكن التنبؤ به.

وخلال الحرب الباردة، كان الرأي السائد أن العالم كان نسيجا واحدا بحيث لا يمكن أن يقف مكتوف الأيدي إزاء حادث هنا أو هناك.

ومع الوقت، انتهت الحرب الباردة لكن الاستراتيجية لم تنته، كما يتضح من حملات القصف في صربيا وليبيا.

وخلال هذه الفترة الانتقالية، أصبح تحديد أهداف الولايات المتحدة أكثر صعوبة، ولا يزال من الصعب شرح كيف سيحقق العمل العسكري الهدف.

وقد أمضت الولايات المتحدة نصف قرن وفق مبدأ المشاركة المستمرة والعاجلة حول العالم.

ومن المعروف أن المبادئ الاستراتيجية تموت بصعوبة.

ولا تزال الولايات المتحدة قوية، لكن تجربة الحرب والدبلوماسية العدائية يمكن أن تكون مؤلمة حتى بالنسبة للأقوياء.

وكانت هناك علاقة بين قوة الولايات المتحدة والمخاطر خلال الحرب الباردة، فيما لا يوجد الكثير من العلاقة بين الولايات المتحدة ومستقبل العلاقات الأذربيجانية الأرمينية.

ويعني الاعتراف بعدم وجود حرب عالمية جارية، أن بعض الأشياء تمر ببساطة بالنسبة للولايات المتحدة أكثر من غيرها.

وفي مكان صغير لم يسمع به سوى القليل من خارج المنطقة، تنفذ الولايات المتحدة المنطق الجديد للسياسة الخارجية الأمريكية.

وبطريقة ما، فإن هذا يجعل الولايات المتحدة أكثر شبها بالقوى الأخرى، حيث تعمل على تكديس رأس المال السياسي وإنفاقه بعد حساب مخاطر وفوائد هذا الإجراء أو ذاك.

المصدر | جورج فريدمان/جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

سياسة الولايات المتحدة ناغورنو كاراباخ حرب القوقاز الحرب الباردة أذربيجان أرمينيا تركيا

شيخ الأزهر يطالب بالتهدئة بين أرمينيا وأذربيجان.. وناشطون: تحدث عن مصر

روسيا تدعو أرمينيا وأذربيجان لمحادثات في موسكو

دول الخليج تدعو أذربيجان وأرمينيا لوقف إطلاق النار

أرمينيا وأذربيجان تشاركان بمحادثات موسكو

رئيس أذربيجان يحدد الفرصة الأخيرة أمام أرمينيا