استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بديهيات السلام والحروب

الجمعة 9 أكتوبر 2020 09:24 ص

بديهيات السلام والحروب

الحاجة ملحة للتعامل مع مفهومي الحرب والسلام بمنطق العقل بدلا من تهويمات شعارات الخوف والكذب.

كما أن تاريخ البشرية مليء بالحروب غير المبررة فهو مليء أيضا بالسلام أو الاستسلام غير المبرر.

فلسطين تخص كل العرب ومن هنا أهمية عدم تفضيل سلام مؤقت على سلام دائم ولا سلام مع مجرم على حساب الضحية.

هل يفهم دعاة السلام العرب أنه لا يكفي أن يرغبوا بالسلام ليتحقق فينبغي أن تتصرف الجهة الأخرى بمنطق السلام ومتطلباته.

السلام على حساب أحد طرفين النزاع سلام غير عادل مهما أسبغت عليه من صفات وهمية لتزيينه وتسويقه كبضاعة وليس ترسيخه كعمل أخلاقي إنساني.

السلام الحقيقي تحرير الفلسطينيين من احتلال وغدر سلطات صهيونية استعمارية استئصالية بل ومن بؤس العيش والقهر والبطالة والفقر والجهل.

*     *     *

في أيامنا التي نعيش، هناك حاجة ملحة للتعامل مع مفهومي الحرب والسلام بمنطق العقل بدلا من تهويمات شعارات الخوف والكذب. فلا يوجد معنى مطلقا لكليهما، وإنما يوجد واقع يفرض هذا أو يحتم ذاك. ومثلما أن تاريخ البشرية مليء بالحروب غير المبررة، فإنه مليء أيضا بالسلام، أو الاستسلام، غير المبرر.

من هنا أهمية وضع شروط وظروف السلام والحرب، والقيم التي يجب أن تحكم اللجوء لهما. وهذا ينطبق على السلام، أو الصراع في ما بين الأفراد، مثلما ينطبق بشكل مماثل في ما بين الجماعات والدول والأمم.

سنحاول إبراز بديهيات هذا الموضوع، بعد أن كثرت في أيامنا كتابات ولقاءات لا تراعي ذلك المنطق وتحتكم إليه، وإنما تمارس الزبونية لتبرير الموقف السياسي، لهذا المسؤول أو ذاك، وهي في هذا المسعى على استعداد لتزوير التاريخ والدين، وأفكار الفلاسفة وكل حقائق الواقع.

فأول البديهيات أن السلام والحرب ليسا من تركيبة الإنسان الطبيعية، وإنما هما سلوكان ينشآن في الإنسان، ويحتاجان دوما لتحكيم العقل والقيم والقوانين، من أجل ضبطهما وتوازنهما.

لكن تاريخ البشرية يؤكد أن الديانات والأفكار الفلسفية والمبادئ السياسية، وقصص الآلام والأحزان الإنسانية، عجزت جميعها عن إيجاد التوازن المطلوب، وذلك بسبب عدم تماثل فكر وتصرف جهتي الصراع، بالنسبة للحرب أو السلام في ما بينهما.

من هنا الأهمية القصوى لأن يفهم دعاة السلام العرب بأنه لا يكفي أن يرغب العرب في السلام، حتى يتحقق السلام، هناك حاجة أيضا لان ترغب الجهة الأخرى في السلام، وتتصرف بمنطق السلام ومتطلباته حتى يعم السلام.

فلا يمكن أن يوجد سلام بين الأمة العربية مجتمعة والكيان الصهيوني، طالما أن سلطات الكيان لم تلتزم علنا برد ما سرقت من أرض، وبقبول عودة أصحاب الأرض المغتصبة، وبالتوقف التام عن استيراد جحافل المستوطنين من أقاصي الغرب والشرق، وبإيقاف جرائم القتل والسجن، واقتلاع الأشجار وهدم البيوت وسرقة المياه ومحاصرة وتجويع المدن.

والبديهية الأولى تلك تقودنا إذن إلى البديهية الثانية، وهي أن السلام الذي يكون على حساب أحد الطرفين المتحاربين، هو سلام غير عادل مهما أسبغت عليه من صفات وهمية، بغية تزيينه وبيعه كبضاعة، وليس ترسيخه كعمل أخلاقي إنساني.

السلام الحقيقي هو تحرير الفلسطينيين من الخوف والغدر، ليس فقط من سلطات صهيونية استعمارية استئصالية لا ترحم، وإنما أيضا من بؤس المعيشة التي يحيونها، والذل المرافق لها والبطالة والفقر والجهل، التي يراد تجذرها في حياة الفلسطينيين.

فإذا أضفنا إلى فضيلة العدل تلك فضائل الأخوة، والهوية المشتركة، ورفقة التاريخ الطويلة في السراء والضراء، ومواجهة الأخطار المشتركة، والتعاضد في تحقيق الآمال المشتركة.

وبمعنى آخر كل الالتزامات القومية التي أصبحت متجذرة في الإنسان العربي ومجتمعاته، والتي جميعها تتناقض مع الخلاص الفردي الأناني، ومع المصالح الوطنية، إن كانت على حساب المصالح القومية المشتركة، أدركنا عظم المسؤولية التي نحملها تجاه موضوعي الحرب والسلام في كل الوطن العربي الكبير.

ويعجب الإنسان من الذين يكتبون بأنهم ضد السلام الكاذب غير المتبادل بتوازن وعدالة، ولكنهم يتفهمون مبررات جهات اتخاذ القرار. وهم لا يفصحون عن هذه المبررات لكي تناقش الأمور بحرية ومنطق. وبالطبع فإن ذلك غير مقبول في الأمور الوجودية التي تهم المجتمعات العربية، ولها تأثيراتها الكبرى على ملايين من الإخوة العرب.

فالصراع العربي ـ الصهيوني الوجودي لا يعني فقط الأخوة الفلسطينيين، وإنما يعني كل عربي، خصوصا يوم أفصح عتاة الصهيونية، عن أنهم يهدفون إلى عودة إسرائيل الكبرى، من النيل إلى الفرات.

البديهية الثالثة هي أن موضوع فلسطين، شئنا أم أبينا، يخص كل العرب، إن عاجلا أو آجلا، ومن هنا الأهمية القصوى لعدم تفضيل السلام المؤقت على السلام الدائم، ولا السلام مع المجرم على حساب الضحية.

هذه البديهية لا تحتمل الخزعبلات والفذلكات، التي تتداول، ولا التلاعب بالألفاظ الرنانة لجعلها شعارات سياسية خادعة.

* د. علي محمد فخرو كاتب ومفكر بحريني

المصدر | الشروق المصرية

  كلمات مفتاحية

فلسطين، السلام، الحرب، التطبيع، الاحتلال، الصهيونية،

بسبب الكوارث المناخية.. نزوح أكثر من 10 ملايين في 6 شهور