ماذا تخبرنا هجمات الطائرات بدون طيار في اليمن وباكستان بشأن قتال «الدولة الإسلامية»؟

الثلاثاء 15 سبتمبر 2015 12:09 م

خلال هذا الأسبوع، قامت صحيفة «واشنطن بوست» بنشر قصة حول خطة أمريكية جديدة لاستخدام هجمات الطائرات بدون طيار القاتلة في سوريا لتدمير قدرات تنظيم «الدولة الإسلامية» على أرض الواقع.

وتبدو الرغبة في فعل شيء، أي شيء، لتدمير قدرات التنظيم مفهومة إلى حد بعيد، لكن التسرع في إظهار النتائج سوف يؤدي على الأرجح إلى انتصار أجوف في أفضل الأحوال.

ويقول منتقدو البرنامج أن خطر سقوط ضحايا من المدنيين سيكون مرتفعا جدا، وأن الأمر يشكل انتهاكا لحقوق الإنسان، ويحاجون بأن التأثير الثانوي للأمر بنشر التطرف بين العامة وزيادة التعاطف مع المتشددين يفوق أي مكاسب تكتيكية محتملة.

أنا أقدم هنا، عبر هذا المقال، أحد الانتقادات الإضافية البسيطة استنادا إلى أساس 14 عاما من الخبرة والتحليل والعمل مع البرامج المصممة للحد من الصراع و التمرد والتطرف العنيف في جميع أنحاء العالم: ليس هناك دليل على أن هجمات الطائرات بدون طيار تحقق أهدافها.

وعلى العكس من ذلك، تبين أدلة وافرة أن هجمات الطائرات بدون طيار لم تجعل الأمريكيين أكثر أمنا، ولم تقلل المستوى العام للقدرات الإرهابية. الضربات لا تعدو كثيرا كونها إهدار لحياة البشر واستنزاف لرأس المال السياسي والموارد.

عدد هجمات الطائرات بدون طيار

هناك بلدان لديهما تاريخ كبير من التعرض لهجمات الطائرات بدون طيار الفتاكة من قبل الولايات المتحدة وفقا لما تشر إليه البيانات، إنهما اليمن وباكستان.

بدأت ضربات الطائرات بدون طيار في اليمن مع إطلاق قذيفة واحدة في عام 2002، ثم توقفت لعدة سنوات قبل أن يتم استئنافها مرة أخرى في عام 2009. بينما بدأت الضربات في باكستان في عام 2004. قمنا بالنظر في قاعدة بيانات الإرهاب العالمي الصادرة عن جامعة ميرلاند، من أجل دراسة أعداد ونمط الهجمات في كل من اليمن و باكستان. كذلك قمنا بمطالعة أعداد الهجمات بطائرات بدون طيار كما وثقها «لونج وور جورنال».

تبدأ الأخبار السيئة على الفور، تقدمت باكستان قائمة الدول العشرة الأوائل لأعلى عدد من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم خلال السنة الأولى من الضربات.  وتقدمت اليمن القائمة في عام 2010 بعد عام واحد من بدء الضربات وقد يظل البلدان يحتفظان بمواقع متقدمة ضمن القائمة منذ ذلك الحين.

باستثناء انخفاض طفيف في باكستان في عام 2014، ارتفع عدد الهجمات الإرهابية ضد الأهداف الأمريكية داخل كل من اليمن وباكستان منذ بدأت هجمات الطائرات بدون طيار.

مراكز البحوث المحلية مثل مؤسسة راند وحتى مراكز الأبحاث المحافظة مثل تقرير مؤسسة التراث أكدت أيضا على ازدياد عدد التهديدات ضد الولايات المتحدة على مدى السنوات القليلة الماضية. تبدأ الأخبار السيئة على الفور. تقدمت باكستان قائمة العشرة الأوائل لأعلى عدد من الهجمات الإرهابية في جميع أنحاء العالم خلال السنة الأولى من الضربات. وتقدم اليمن القائمة في عام 2010، بعد عام واحد من إعادة تشغيل الضربات. وقد بقي البلدان في تلك القائمة منذ ذلك الحين. وباستثناء انخفاض طفيف في باكستان في عام 2014، ارتفع عدد الهجمات الإرهابية ضد أهداف أمريكية داخل كل من اليمن وباكستان منذ بدأت هجمات الطائرات بدون طيار. صحيح أنه لم يكن هناك هجوم ناجح على الأراضي الأمريكية لبعض الوقت، ولكن الفضل في ذلك يعود إلى الجهود التي منعت من الخطط التي يجري تنفيذها، وليس إلى الطائرات بدون طيار التي كان من المفترض أن توقف خلق هذه الخطط في المقام الأول.

في اليمن، ليس العدد الإجمالي للهجمات فقط هو الذي يشهد تزايدا ولكن عدد الهجمات التي تشنها الأفرع التابعة للقاعدة على أهداف تابعة للولايات المتحدة تبقى في ازدياد أيضا.

إذا نظرنا للأمور وفق منظور ضيق في باكستان، فقد يبدو ما يحدث على أنه نجاح. الهجمات التي يشنها تنظيم القاعدة غير موجودة تقريبا في باكستان هذه الأيام، لكن المجموع الكلي للهجمات الصادر عن جميع الفاعلين المسلحين في ازدياد. ويبدو من الخطأ بمكان التركيز على نشاط جماعة واحدة بعينها.

وعلى الرغم من تأكيد «دانيال بايمان» خبير الشؤون الخارجية في جورج تاون أن كبار القادة الذين قتلتهم هجمات الطائرات بدون طيار لن يمكن تعويضهم بسهولة، فإن عدد قيادات الصف الثاني الذين تم قتلهم منذ عام 2011 مرتفع لدرجة أن مجلة «أونيون» الساخرة الشهيرة قد اتخذت من الأمر مادة للسخرية. مع إعلان «سي إن إن» عن اغتيال زعيم تنظيم القاعدة في اليمن «ناصر الوحيشي» في يونيو/ حزيران الماضي فقد تم الإعلان عن اسم من سيخلفه خلال نفس المقال.

لماذا لن تفعلها الضربات الجوية؟

استحالة كسب الحروب من خلال الضربات الجوية وحدها صارت أحد الحقائق البسيطة لأي عمل عسكري.

ما لم تكن الولايات المتحدة مستعدة لوضع عدد كبير من الجنود على الأرض من أجل دعم العمليات الجوية والسيطرة على الأرض فإنها على الأقل تحتاج إلى قوات محلية: ولكن أين يمكن للولايات المتحدة أن تجد القوات المحلية؟

في سوريا، فإن القوات الوحيدة المتاحة هي تلك التابعة لـ«بشار الأسد» ذلك الطاغية الذي يبدو عازما على استخدام قواته في القضاء على ما تبقى من شعبه. الميليشيات التي تدعمها الولايات المتحدة في سوريا هي أضعف بكثير من أن تراهن عليها الولايات المتحدة ويبدو أداءها أقل كثيرا مما كانت تأمل فيه.

العراق لديه القدرة العسكرية، ولكن نحن من اخترنا ألا نطلق البرنامج الجديد للطائرات بدون طيار هناك.

في كل من سوريا والعراق، نحن نواجه مشاكل تأسيسية. فقدان أي استراتيجية سياسية مفصلية متماسكة للحكم وإعادة الإعمار ما بعد «الدولة الإسلامية». لا يمكن لأي حل عسكري أن يثمر النتائج التي نبحث عنها. أورد «شون نايلور» في «فورين بوليسي» في يونيو/ حزيران من هذا العام أن «الدولة الإسلامية» تنجح في تجنيد أعضاء جدد بمعدل أكبر بكثير من قتلاها خلال العمليات.

لدينا ميزة طفيفة هنا، أنه على العكس من الطابع الخلوي اللا مركزي لتنظيم القاعدة فقد رسخت «الدولة الإسلامية» أقدامها في أراض محددة تعتزم الاحتفاظ بها. وهذا يجعل منها هدفا ثابتا لإسقاط المطرقة كما يقول المثل. ولكن لا تزال «الدولة الإسلامية» تستقطب مقاتلين جدد من جميع أنحاء العالم، وما لم يتم إيقاف "العرض" فإن مجرد قتل القيادات داخل المناطق التي يسيطر عليها «الدولة الإسلامية» يبقى عديم الجدوى في ظل توفر الإمدادات والبدائل.

وقد انخفض عدد الضحايا المدنيين من هجمات الطائرات بدون طيار الأميركية مع مرور الوقت إلى حد كبير، من خلال التحول عن توجيه الضربات إلى المناطق المأهولة بالسكان. ولكن طبيعة أهداف تنظيم القاعدة سمحت لنا أن نفعل ذلك، بينما تقع قيادة «الدولة الإسلامية» ومراكز سيطرتها في المناطق الحضرية. حيث تصبح فكرة "الضربات الجراحية" هوي محض خيال. وعلى الرغم من أن نظم الاستهداف المصاحبة لصواريخنا هي نظم شديدة الدقة، فإن نصف قطر الانفجار (ما بين 15 إلى 20 مترا للصاروخ هلفاير ليس كذلك).

لا يمكنني بأي طريقة أن أدمج الأرقام معا لأثبت أن الطائرات بدون طيار يمكن أن تكون استراتيجية فعالة وناجحة. البرنامج قد أدى حتى الآن إلى إنفاق المزيد من الدماء والأموال دون عائد يرجى من وراء ذلك. مع فقدان أي استراتيجية سياسية فإن الوعود في سوريا لا يمكن أن تكون أفضل.

 

  كلمات مفتاحية

اليمن باكستان الدولة الإسلامية طائرات بدون طيار

«وول ستريت جورنال»: واشنطن تبحث نشر طائرات بدون طيار في شمال أفريقيا

إيران تسلّم «الحشد الشعبي» بالأنبار 3 طائرات بدون طيار

«العبادي» يزور واشنطن لبحث صققات التسليح وطلب طائرات بدون طيار

«نيويورك تايمز»: «سي آي إيه» تدير قاعدة لطائرات بدون طيار جنوب السعودية

شهود عيان: تحطم طائرة بدون طيار فوق مأرب

من أجل الخليج.. «إسلام آباد» تطلب إلغاء حظر صيد «الحبارى»