ما أسباب انخفاض وفيات كورونا في أفريقيا؟

الجمعة 9 أكتوبر 2020 11:34 م

أطلقت عدة دول أفريقية حملة بدت فعّالة لمكافحة انتشار فيروس كورونا، على الرغم من السمعة التي تلتصق بأجهزتها الصحية الحكومية بأن لديها أنظمة صحية هشة.

ولدى القارة التي يبلغ عدد سكانها أكثر من مليار نسمة، نحو 1.5 مليون حالة إصابة بالفيروس، وفقا لبيانات جمعتها جامعة جون هوبكنز. 

وهذه الأرقام أقل بكثير من تلك الموجودة في أوروبا وآسيا والقارتين الأمريكيتين، ويترافق ذلك مع انخفاض مطرد في حالات الإصابة المبلغ عنها.

وسجلت أفريقيا نحو 37 ألف حالة وفاة جراء الإصابة بالفيروس، مقارنة بنحو 580 ألف حالة وفاة في الأمريكيتين، و 230 ألف وفاة في أوروبا، و 205 آلاف في آسيا.

وأشارت دراسة حديثة أجرتها مبادرة "بي إي أر سي"، التي تضم عدداً من المنظمات الخاصة والعامة في القارة الأفريقية، لتحقيق شراكة من أجل رد ضد "كوفيد 19" مبني على الأدلة الموثقة، إلى أن معدل الوفيات في أفريقيا أقل من معدل الوفيات العالمي، مما يشير إلى أن نتائج تأثير الفيروس كانت أقل حدة بين السكان الأفارقة.

وقال الدكتور "جون نكينجاسونج"، رئيس المراكز الأفريقية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Africa CDC)، إن معدلات فحص الكشف عن الفيروس المنخفضة تظل تقوض فكرة وجود استجابة جيدة لمكافحة الفيروس في القارة، على الرغم من أنه ليس هناك ما يشير إلى أن عددا كبيرا من الوفيات جراء الإصابة بـ"كوفيد-19" لم يتم تسجيله.

أسباب انخفاض معدل الوفيات
 

  • 1- إجراءات سريعة

أُكد وقوع حالة الإصابة الأولى في القارة الأفريقية بمصر في 14 فبراير/شباط. 

وكانت هناك مخاوف من أن يطغى تفشي الفيروس المستجد بسرعة على النظم الصحية الهشة إلى حد كبير في القارة فلا تستطيع احتواءه.

لذلك، اتخذت معظم الحكومات الأفريقية منذ البداية، إجراءات صارمة لمحاولة إبطاء انتشار الفيروس.

واتبعت إجراءات توصيات الصحة العامة بشأن مكافحة الفيروس، وبضمنها تجنب المصافحة وغسل اليدين بشكل متكرر، والتباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات.

وتصرف بعض البلدان مثل ليسوتو في هذا الصدد، حتى قبل الإبلاغ عن حالة إصابة واحدة، حيث أعلنت حالة الطوارئ وأغلقت المدارس في 18 مارس/آذار، وفرضت الإغلاق العام لمدة ثلاثة أسابيع بعد حوالي 10 أيام، في انسجام مع العديد من دول جنوب أفريقيا الأخرى.

ولكن بعد أيام فقط من رفع الإغلاق في أوائل مايو/أيار، اكتشفت ليسوتو، أولى حالات الإصابة المؤكدة لديها.

ورغم عدد سكانها الذي يزيد عن مليوني نسمة، فقد سجلت حتى الآن حوالي 1700 حالة إصابة بالفيروس و40 حالة وفاة فقط.

  • 2 - دعم الناس

وكشف استطلاع أجرته مبادرة "بي إي أر سي" في 18 دولة في أغسطس/آب، عن أن التأييد العام لاتباع تدابير السلامة العامة كان مرتفعاً. إذ قال 85% ممن شاركوا في الاستطلاع، إنهم ارتدوا الكمامات في الأسبوع السابق.

وذكر التقرير أنه "مع تنفيذ إجراءات صحية واجتماعية صارمة، تمكنت الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي من احتواء الفيروس في الفترة الواقعة بين مارس/آذار ومايو/أيار.

وأضافت أن "التخفيف الطفيف للقيود في يونيو/حزيران ويوليو/تموز، تزامن مع زيادة في الحالات المبلغ عنها في جميع أنحاء القارة".

ومنذ ذلك الحين، كان هناك انخفاض ملحوظ في عدد حالات الإصابة المؤكدة والوفيات في حوالي نصف القارة. وقد يكون ذلك مرتبطاً بنهاية فصل الشتاء في نصف الكرة الجنوبي.

وكلف تطبيق القيود هذه الدول ثمنا باهظا؛ إذ فقدت سبل العيش على نطاق واسع وخسرت جنوب أفريقيا (التي شهدت واحدة من أكثر عمليات الإغلاق صرامة في العالم) 2.2 مليون وظيفة خلال النصف الأول من العام.

واضطر المزيد والمزيد من الدول إلى إعادة فتح مصادر اقتصادها، على الرغم من أن عدد الحالات أعلى بكثير مما كانت عليه عندما أمرت بالإغلاق.

  • 3 - فئة الشباب وعدد قليل من دور المسنين

لعبت أعمار سكان معظم البلدان الأفريقية دوراً في احتواء انتشار الوباء أيضاً.

فعلى الصعيد العالمي، كانت أعمار معظم الذين ماتوا أكثر من 80 عاماً، في حين تعد أفريقيا قارة فتية، إذ يبلغ متوسط أعمار سكانها 19 عاماً وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

وقالت منظمة الصحة العالمية: "انتشر الوباء إلى حد كبير بين الفئات العمرية الأصغر، فحوالي 91 % من حالات الإصابة بالمرض في جنوب الصحراء الكبرى كانت بين الأشخاص دون سن الـ 60، كما أن الأعراض لم تظهر على 80% منهم.

وقال "ماتشيديسو مويتي"، رئيس منظمة الصحة العالمية في أفريقيا: "لدينا في أفريقيا حوالي 3% من السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاماً، مقارنة بسكان أوروبا وأمريكا الشمالية والدول الآسيوية الأكثر ثراءً، والتي لديها أكبر نسبة من المسنين".

وأضاف: "إن أحد العوامل الرئيسية وراء ذلك هو أنه في الدول الغربية، كان كبار السن يعيشون في دورٍ مخصصة، والتي أصبحت أماكن تنتقل فيها العدوى بشدة".

ومثل هذه الدور نادرة في معظم البلدان الأفريقية، وفي الغالب، يعيش كبار السن في المناطق الريفية.

كما أن الكثافة السكانية في المناطق الريفية منخفضة، وبالتالي يكون الحفاظ على المسافة والتباعد الاجتماعي أسهل بكثير.

  • 4 - مناخ ملائم

ووجدت دراسة أجراها باحثون في جامعة ميريلاند في الولايات المتحدة، وجود علاقة بين درجة الحرارة والرطوبة وخط العرض وبين انتشار وباء "كوفيد-19".

وقال كبير الباحثين "محمد سجادي": "ألقينا نظرة على الانتشار المبكر للفيروس في 50 مدينة حول العالم. ووجدنا أن انتشار الفيروس كان أسهل في الأماكن التي فيها درجات حرارة منخفضة ورطوبة".

"ولا يعني ذلك أن الفيروس لا ينتشر في ظروف أخرى، لكنه ينتشر بشكل أفضل عندما تنخفض درجة الحرارة والرطوبة"، وفق "سجادي".

وكانت البلدان الأفريقية البعيدة عن المناطق الاستوائية أسوأ حالًا.

وازدادت سرعة انتشار الفيروس في جنوب أفريقيا مع دخول نصف الكرة الجنوبي فصل الشتاء.

ولكن مع ارتفاع درجة الحرارة، انخفض عدد الحالات بشكل كبير، مما أثر على التوقعات القارية، حيث تمثل جنوب أفريقيا ما يقرب من نصف العدد الإجمالي لحالات الإصابة والوفيات في القارة.

  • 5 - أنظمة المجتمع الصحية الجيدة

جاء وباء "كوفيد-19" في وقت كانت جمهورية الكونغو الديمقراطية تتعامل مع أكبر تفشي لفيروس إيبولا حتى الآن. 

وكانت الدول المجاورة في حالة تأهب قصوى، وتم توسيع الفحص الطبي للمسافرين الذي يكشف عن فيروس إيبولا ليشمل "كوفيد-19".

وأتقن أيضا العديد من دول غرب أفريقيا (التي كافحت أسوأ انتشار لفيروس إيبولا على الإطلاق في العالم في الفترة من 2013 إلى 2016) تدابير الصحة العامة التي تم استخدامها لاحقا للوقاية من "كوفيد-19" المستجد، بما في ذلك عزل المصابين وتتبع جهات الاتصال الخاصة بهم ثم إخضاعهم للحجر الصحي بينما ينتظرون نتائج اختباراتهم.

علاوة على ذلك، سارعت نيجيريا - التي تضم أكبر عدد من السكان في دولة أفريقية - إلى إعادة تصميم الفرق التي كانت تذهب إلى القرى لتحصين الأطفال بلقاح شلل الأطفال، ولتثقيف المجتمعات حول الوباء المستجد.

لذلك، تكمن قوة القارة في أنظمتها الصحية المجتمعية المجربة والمُختبرة، على الرغم من أن البنية التحتية للمستشفيات في معظم أنحاء أفريقيا أقل تطوراً منها في الأجزاء الأخرى من العالم.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

وفيات كورونا كورونا كورونا أفريقيا إصابات كورونا الصحة العالمية

الصحة العالمية: كورونا يتسارع في أفريقيا تتصدرها 10 دول

حتى 2023.. أفريقيا تحتاج 1.2 تريليون دولار لمواجهة كورونا

دولة أفريقية تنتصر على كورونا وتدعو العالم للتعلم منها

الصحة العالمية تؤكد عجز إفريقيا عن تطعيم 70% من سكانها قبل 2024