استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل تستمر البنوك المركزية في حمل العـبء؟

الأحد 11 أكتوبر 2020 07:01 ص

هل تستمر البنوك المركزية في حمل العـبء؟

كلما طال الوقت زادت المشكلات التي من المفترض على أي حزمة إنقاذ مستقبلية معالجتها.

انتعاش اقتصادي عالمي مبدئي ومتزايد وتخبط سياسي غير معتاد واستجابات سياسات مالية وهيكلية متأخرة.

انفصلت وول ستريت عن مين ستريت بطريقة لم يتوقعها كثر وسيكون خطأ استمرار قراءة المستقبل دون توقع أضرار جانبية متزايدة وعواقب غير مقصودة.

*     *     *

جاء إعلان دونالد ترامب بأن المحادثات بشأن حزمة التحفيز قد توقفت، قبل أن يعود إلى إقرار حزمة مجتزأة، ليزيد المشاكل سوءاً. فبعد أن كانت مدعومة بالسيولة الوفيرة منذ فترة طويلة، تدخل الأسواق المالية الربع الأخير من عام 2020 وسط انتعاش اقتصادي عالمي مبدئي ومتزايد، وتخبط سياسي غير معتاد، واستجابات السياسات المالية والهيكلية المتأخرة.

وتأتي هذه الأجواء العكسية في عمق أزمة «كوفيد19» التي جعلت معظم البلدان تكافح لتحقيق توازن بين حماية الصحة العامة، والعودة إلى المستوى شبه الطبيعي للنشاط الاقتصادي والحد من التعديات على الحريات الفردية.

وفي هذا السياق يبقى الأمل اليوم في أن ظروف السيولة السخية التي تم تمكينها ودعمها من قبل البنوك المركزية، ستستمر في توفير جسر حماية داعم يمتد إلى عام قادم أفضل من الحالي. ليس فقط لعكس الضرر الاقتصادي والاجتماعي، ولكن أيضاً تقديم المزيد من المكاسب للمستثمرين.

ولكن هل ستكون عملية التدعيم هذه التي تم اعتمادها بالفعل لعدة سنوات للتعويض عن الرياح المعاكسة الأخرى كافية للتغلب على مزيج وبائي متزايد التعقيد؟

تشير البيانات الاقتصادية الأخيرة إلى أنه خارج الصين وعدد قليل من البلدان الأخرى، لا يزال الانتعاش الاقتصادي متفاوتاً وغير مؤكد، ولا يفي بما هو مطلوب وممكن في رأيي.

لا تزال أنشطة السفر والضيافة وغيرها من أنشطة قطاع الخدمات تواجه تحديات كبيرة، مما يعقد الصورة العامة للتوظيف. علاوة على ذلك، يستمر عدد متزايد من الشركات في القطاعات الأخرى في عمليات تغير الهيكلية والحجم، سواء بعمليات توظيف أقل أو موجات تسريح العمال.

ومما يزيد هذه التحديات الاقتصادية تعميق حالة عدم اليقين السياسي، خاصة في الولايات المتحدة، إثر عملية انتخابات غير مؤكدة بالفعل زادت تعقيداتها بعد إصابة الرئيس دونالد ترامب بـ«كوفيد 19». والآن بعد أن أصيب عدد من المشرعين بالفيروس أيضاً، تم تأجيل مداولات الكونغرس بشأن العديد من الأمور الحيوية.

حتى لم يُترك الكثير من الوقت لمجلس الشيوخ الأمريكي للنظر في أي شيء آخر باستثناء ترشيح قاضٍ جديد للمحكمة العليا تصر الأغلبية الجمهورية على دفعه قبل نهاية ولاية ترامب.

نتيجة لذلك، هناك أمل ضئيل فقط في حزمة إغاثة مالية جديدة، أو إصلاحات هيكلية داعمة للنمو، أو أي مبادرات سياسة أمريكية أخرى ذات مغزى في الأسابيع القليلة المقبلة.

في غضون ذلك، تظل مشاركة الولايات المتحدة في المداولات السياسة متعددة الأطراف ناهيك عن دورها القيادي العالمي بشكل عام محدودة.

ومما يزيد الأمور تعقيداً، أن الاستجابات الاقتصادية والمالية في أماكن أخرى تصل أيضاً إلى سقف معين، لا سيما في العالم النامي، حيث لا توجد للحكومات مساحات سياسية، بسبب العجز المرتفع والديون المتزايدة وتخبط قيمة العملة.

تتفاقم حالة عدم اليقين المتعلقة بصنع السياسات بسبب النضال لتحقيق الأهداف الرئيسية الثلاثة الأهم لعصر الجائحة، وهي الحفاظ على الصحة العامة، وحماية المواطنين والنسيج الاجتماعي والرفاه الاقتصادي والقدرة المالية، وتقليل القيود والحظر. وبالتالي للتخفيف من الإرهاق الذي تسببه الجائحة.

رغم هذا المزيج غير المستقر والمزعج والمتقلب بطبيعته، من الظروف المحيطة في المشهد، أظهرت الأسهم والأصول الخطرة الأخرى مرونة ملحوظة.

والجدير بالذكر أن نسبة كبيرة من المستثمرين كانت على استعداد لمواصلة الشراء في القاع، إما لأنهم يعتقدون أنه لا يوجد بديل للأسهم، أو لأن ارتداد السوق الموثوق به على مدى السنوات القليلة الماضية قد أجج مخاوفهم من فقدان مكسب كبير.

في كل الأحوال يعتمد التكيف مع لغة السوق هذه، والمعايير المستخدمة، على عاملين:

أولاً، وهو الأهم، يثق المستثمرون بشكل كبير في الاستعداد المنظم للبنوك المركزية المهمة؛ أي الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي، لضخ السيولة عند أول علامة على ضغوط السوق الخطرة، بغض النظر عن المقدار المتوفر للدخول في مجال السياسة التجريبية غير التقليدية.

ومع ذلك، ومن خلال توسيع الفجوة بين تقييمات السوق الحالية والأساسيات الاقتصادية، قد تعرض البنوك المركزية مصداقيتها للخطر، وتضخم عدم المساواة في الثروة وتزيد من مخاطر الاستقرار المالي في المستقبل.

ثانياً، يميل المستثمرون إلى اعتبار معظم إن لم يكن كل التحديات الحالية للسوق على أنها ليست مؤقتة فحسب؛ بل قابلة للعكس. الافتراض هو أن حالة عدم اليقين المتعلقة بالانتخابات الأمريكية سيتم حلها بسرعة.

سيتم استئناف جهود الإصلاح المالي والهيكلية لتعويض الوقت الضائع، وسيستمر التقدم نحو إيجاد لقاحات جديدة وفاعلة ل«كوفيد 19»، أو أن سياسة «مناعة القطيع» ستتسارع أكثر. في غضون ذلك، أصبحت الأسواق «تتوقع ما هو غير متوقع».

كلما طال الوقت زادت المشكلات التي من المفترض على أي حزمة مستقبلية معالجتها.

لست في وضع يسمح لي بالتنبؤ بنتيجة الانتخابات أو احتمالات التحسن في ظروف الصحة العامة، لكن لدي بعض الثقة في تحديد السيناريوهات الاقتصادية المحتملة وعواقبها.

وفي ما يتعلق بحزمة الدعم المستقبلية، فإن التوقيت مهم. هل سيتم سن استجابة سياسية شاملة الآن؟ أو في غضون أشهر قليلة؟ كل ذلك يؤثر بشكل مباشر في تأثير الحزمة المحتمل.

بعد كل شيء، مقابل كل يوم يتأخر فيه المشرعون، سيكون هناك توظيف أقل، ومزيد من تسريح العمال، وستزداد مخاطر إفلاس الشركات، خاصة بين تلك التي تتآكل مرونتها المالية وتخسر مزيداً من نقدها في مواجهة شروط إقراض أكثر صرامة.

وبناء على ذلك، كلما طالت المدة لتقديم الدعم المادي، زادت المشكلات التي سيتعين على أي حزمة مستقبلية معالجتها.

على مدى السنوات القليلة الماضية، كان المستثمرون يحصلون على مكافآت مجزية جراء ابتعادهم عن المحددات التقليدية للقيمة السوقية، ورهانهم على شيء واحد فقط وهو ضخ السيولة الوفير والمتوقع في السوق.

لكن الأشهر القليلة القادمة ستكون على الأرجح الاختبار الأكبر لهذا الرهان. انفصلت وول ستريت عن مين ستريت بطريقة لم يتوقعها كثيرون. سيكون من الخطأ الاستمرار في قراءة المستقبل دون توقع الأضرار الجانبية المتزايدة والعواقب غير المقصودة.

* د. محمد العريان خبير اقتصادي كبير الاستشاريين بمجموعة أليانز

المصدر | الغارديان

  كلمات مفتاحية

الاقتصاد، حزمة إنقاذ، كورونا، سياسات مالية، الأسواق،