الذكرى 103.. خطة ترامب لسلام الشرق الأوسط امتداد لوعد بلفور

الاثنين 2 نوفمبر 2020 03:25 م

تمر الإثنين، الذكرى الثالثة بعد المئة لصدور "وعد بلفور"، الذي منحت بموجبه بريطانيا "التي لا تملك"، أرض فلسطين للحركة الصهيونية "التي لا تستحق".

وكان هذا الوعد الأساس الذي نشأت بموجبه دولة إسرائيل على أرض فلسطين التاريخية، وتسبب بتشريد جماهير الشعب الفلسطيني، وعدم تمكنه من تأسيس دولته المستقلة، حتى اليوم.

وتأتي الذكرى، هذا العام، وسط تزايد المخاطر التي تتعرض لها القضية الفلسطينية، وتهدد بتصفيتها، في ظل خطة أعلنت إدارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" تبنيها لإقرار السلام في الشرق الأوسط، وروجت لها وسائل الإعلام العالمية باسم "صفقة القرن".

وتشمل الصفقة سيطرة إسرائيل على نحو 30% من أراضي الضفة الغربية المحتلة منذ عام 1967، مقابل إعلان دولة فلسطينية مبعثرة ومنزوعة السلاح على باقي الأراضي وقطاع غزة، يلحقها تطبيع للعلاقات مع الدول العربية، وهو ما بدأت دول كالإمارات والبحرين في تنفيذه بتوقيع اتفاق للتطبيع في 15 سبتمبر/أيلول الماضي.

وإزاء موجة التطبيع الجديدة، بدأ الاهتمام بالقضية الفلسطينية يتراجع، وخاصة مع ربط إعلان دول عربية تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بحوافز اقتصادية أو سياسية دون انسحاب الأخيرة من الأراضي التي احتلتها عام 1967، كما جرى في حالة السودان مؤخرا، حيث أعلنت السلطة الانتقالية قبولا بالتطبيع مقابل رفع اسم البلاد من قائمة الإرهاب الأمريكية.

ويعد السودان ثالث دولة عربية تطبع علاقتها مع إسرائيل، خلال الشهرين الماضيين، حيث سبقتها الإمارات والبحرين.

وبذلك، ارتفع عدد الدول العربية التي طبعت علاقتها مع إسرائيل إلى 5، بعد مصر (1979) والأردن (1994).

وكانت القيادة الفلسطينية، تعوّل في إقامة الدولة المستقلة على تنفيذ المبادرة العربية لعام 2002، والتي تربط "تطبيع العلاقات" مع الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

وضمن خطة "ترامب"، اعترفت واشنطن بالقدس عاصمة لإسرائيل، وقطعت مساعداتها عن الفلسطينيين ووكالة "أونروا"، وأغلقت مكتب منظمة التحرير الفلسطينية على أراضيها، واعتبرت الاستيطان الإسرائيلي بالأراضي الفلسطينية شرعيا، واعترفت بسيادة تل أبيب على الجولان السوري المحتل.

كما ألغت الخطة القيود التي كانت تمنع استخدام المساعدات الأمريكية المخصصة للتعاون العلمي في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية ومرتفعات الجولان، وسمحت لإسرائيل بضم القدس الشرقية، وأخيرا قادت واشنطن عملية التطبيع العربي مع إسرائيل.

ولذا فإن "صفقة القرن" تهدد بتصفية القضية الفلسطينية، حيث تضغط على الفلسطينيين للتنازل عن حقوقهم، التي أقرتها قرارات الشرعية الدولية.

ويرى مراقبون في صفقة القرن امتدادا لوعد بلفور الذي صدر في يوم 2 نوفمبر/تشرين الثاني 1917، حين بعث وزير خارجية بريطانيا آنذاك "جيمس بلفور" برسالة إلى اللورد "ليونيل والتر روتشيلد"، أحد زعماء الحركة الصهيونية، برسالة عُرفت فيما بعد باسم "وعد بلفور"، تضمنت تعهدا بتأسيس وطن قومي لـ"الشعب اليهودي" في فلسطين.

وتزامن الوعد، مع احتلال بريطانيا، لكامل أراضي فلسطين التاريخية، خلال الحرب العالمية الأولى، وبعد مرور عام، أعلنت كل من إيطاليا وفرنسا موافقتها عليه، لتتبعها موافقة أمريكية رسمية عام 1919، ثم لحقت اليابان بالركب في ذات العام.

وخلال فترة الاحتلال البريطاني لفلسطين (1917-1948)، عملت لندن على استجلاب اليهود من كافة دول العالم، وتنظيمهم، وتقديم الدعم لهم، حتى تأسست دولة إسرائيل.

وفي عام 1948، أثناء خروج بريطانيا من فلسطين، سلّمت الأراضي الفلسطينية لـ"منظمات صهيونية مسلّحة"، ارتكبت مجازر بحق الفلسطينيين، وهجّرتهم من أراضيهم لتأسيس دولتهم عليها، فيما عُرفت هذه الحادثة فلسطينيا بـ"النكبة".

ووقعت ثلاثة أرباع فلسطين آنذاك تحت السيطرة الإسرائيلية، في حين حكمت الأردن الضفة الغربية وخضع قطاع غزة للإدارة المصرية.

وبعد 19 عاما (أي في سنة 1967) احتلت إسرائيل الضفة الغربية (بما فيها القدس الشرقية) وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء، ومرتفعات الجولان السورية.

وبعد توقيع اتفاقية أوسلو بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993، خضعت المدن الرئيسية في الضفة الغربية (بدون القدس) وقطاع غزة، للحكم الذاتي الفلسطيني.

تقسيم المنطقة

ويشير الكاتب والمحلل السياسي "عبدالمجيد سويلم" إلى أن وعد بلفور "كان خطة لتقسيم المنطقة العربية، وزرع كيان يفصل بلاد الشام عن مصر"، مضيفا: "اعتقدت بريطانيا آنذاك أن الوحدة العربية تشكّل خطرا على مشروعها الاستعماري المستقبلي الذي كانت تخطط له، منذ توقعيها لاتفاقية سايكس بيكو السرية عام 1916، لتقسيم الشرق الأوسط بينها وبين فرنسا".

وتابع أن هذا الوعد جاء ضمن سياق رغبة بريطانيا، في "التخلص من التواجد اليهودي في الغرب"، إضافة إلى الاستفادة منه في تقسيم المنطقة العربية.

لكن "سويلم" أكد أن الفلسطينيين لم يستسلموا للمؤامرات طوال العقود الماضية، وما زالوا يناضلون للحصول على حقوقهم، مشيرا إلى أن "المشروع الصهيوني معزول من الناحية السياسية رغم حالة التطبيع العربي مع إسرائيل".

وفي قراءة سابقة لوعد بلفور، قال "محسن صالح"، مدير عام "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات (فلسطيني مقره في لبنان)"، إن بريطانيا أثناء احتلالها لفلسطين، قامت بتطبيق الشق الأول من وعد بلفور بإنشاء "وطن قومي لليهود في فلسطين"، لكنها لم تلتزم بشقه الثاني الذي يتضمن عدم الإضرار بحقوق الفلسطينيين الذين كانوا يشكلون في ذلك الوقت نحو 92% من السكان وفق التقديرات البريطانية نفسها.

ويرى الخبير في الشأن الإسرائيلي "وديع أبو نصار" أن وجه الشبه بين "وعد بلفور" وخطة "ترامب" يكمن في أن الجهتيْن لا تملكان الأرض، لكنهما يقدّمانها هدية لمن لا يستحق (اليهود).

وقال "أبو نصار": "بريطانيا أعطت اليهود أجزاء من فلسطين، وهي لا تملك الأرض وكان قبل الاحتلال البريطاني لفلسطين (عام 1920)، واليوم واشنطن تعطي إسرائيل القدس وأجزاء من الضفة وهي لا تملكها".

وأضاف أن الظروف التي عاشتها المنطقة العربية خلال وعد "بلفور"، وخطة "ترامب" تكاد تكون متشابهة، لافتا إلى أن "العرب في أضعف حالاتهم، وهم مهمّشين ومشتتين وبدون رؤية استراتيجية سياسية، وبدون خطط لمواجهة المؤامرات"، حسب قوله.

وكما سعى وعد "بلفور" إلى تفكيك المنطقة العربية، فإن خطة "ترامب"، تهدف كذلك لتحقيق نفس الهدف من خلال توسيع حالة التطبيع العربي الرسمي مع إسرائيل، وفق "أبو نصار".

ويعتقد الخبير في الشأن الإسرائيلي أن "التطبيع وإعادة بلورة إسرائيل في المنطقة العربية، من شأنه أن يحافظ على السيطرة والنفوذ الأمريكي في الشرق الأوسط"، وتقويض "الوجود الصيني والروسي في المنطقة".

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

وعد بلفور ترامب فلسطين الولايات المتحدة تطبيع القدس

«هآرتس»: «بن سلمان» منح (إسرائيل) وعد «بلفور» جديدا