سفير إيراني في صنعاء.. فشل سعودي أم تواطؤ لإطالة أمد الحرب؟

الاثنين 2 نوفمبر 2020 07:22 م

صُدم الكثير من اليمنيين من إعلان إيران عن وصول سفيرها إلى العاصمة اليمنية صنعاء، وتساءلوا: لماذا لم يتمكن التحالف الذي تقوده السعودية والإمارات، من منع الدبلوماسي الإيراني من أن تطأ قدمه أرض اليمن؟

وأثار هذا التطور العديد من التكهنات والشكوك الإضافية حول دور التحالف ونواياه في اليمن.

ويأتي هذا في الوقت الذي  يصعب فيه على اليمنيين السفر إلى الخارج أو العودة إلى الوطن، في ظل الحرب التي تدور رحاها منذ 6 سنوات، حيث تخضع المطارات والموانئ لسيطرة التحالف الذي يقاتل الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن.

ويعتبر الهدف المزعوم للسيطرة على المطارات والموانئ اليمنية هو منع تهريب الأسلحة إلى الحوثيين.

وهكذا، يجب تقديم أسماء جميع الركاب إلى التحالف مسبقًا، عندما تكون الرحلة متجهة إلى اليمن أو تغادره، وبدون موافقة التحالف، لن يتمكن المواطن اليمني من ركوب الطائرة.

وبالرغم من ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية في 17 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصول مبعوث إيراني جديد إلى العاصمة التي يسيطر عليها الحوثيون.

ونقلت وكالة "فارس" للأنباء عن المتحدث باسم وزارة الخارجية قوله: "وصل إلى صنعاء حسن إيرلو سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في اليمن".

وكان الحوثيون قد عينوا مسبقًا في سبتمبر/أيلول 2019، "إبراهيم الديلمي" سفيراً فوق العادة لليمن في طهران.

تفسير الخطوة المفاجئة

يمكن استنتاج تفسيرين لنجاح إيران في إرسال مبعوثها إلى اليمن؛ الأول أن التحالف الذي تقوده السعودية تغاضى عن عمد عن استعداد إيران لإرسال سفير إلى اليمن، فكان يمكن للتحالف أن يمنع مثل هذا التطور، لكنه لم يرغب في ذلك، وقد تكون نيته ببساطة إطالة أمد الحرب في اليمن وإضعاف الحكومة اليمنية الشرعية المعترف بها دوليًا.

لطالما عمل التحالف بالفعل على تقويض الحكومة اليمنية بشكل متكرر في الجنوب، ما أدى إلى إبعادها بالكامل، بما في ذلك رئيس الوزراء والرئيس، وفي الوقت الحاضر تعيش الحكومة في المنفى بالسعودية بينما يظل الحوثيون حاكمين لشمال اليمن.

وبعد 6 سنوات من الحرب السعودية ظاهريًا ضد إيران في اليمن، أرسلت إيران مبعوثها إلى صنعاء، ما أثار حالة من النشوة لدى الحوثيين.

وبينما يبدو حلفاء إيران في اليمن أقوياء ومهيمنين، فإن حلفاء السعودية في اليمن مشتتون ومغتربون، وقد بدد هذا الواقع أي آمال في أن السعودية ستعيد الحكومة في شمال اليمن أو جنوبه.

فلكي تعيد السعودية الحكومة اليمنية إلى السلطة، يجب عليها أولاً الاعتراف بصدق بشرعيتها من خلال السماح لها بالعودة إلى المناطق التي لا يسيطر عليها الحوثيون وإعطائها مساحة لإدارة هذه الأراضي دون تدخل كبير ما لم تتم دعوتها.

وبدون فعل ذلك، فإن التحالف يستغل الحكومة اليمنية فقط لإدامة سياساته المدمرة في البلاد بهدف الاستيلاء على الخطوط الساحلية أو الجزر الاستراتيجية كما تفعل الإمارات في جنوب اليمن.

التفسير الثاني لوصول سفير إيران إلى اليمن هو أن السعودية فشلت في كشف وإحباط نقل الدبلوماسي الإيراني إلى اليمن الذي مزقته الحرب.

وفي حال كان ذلك صحيحا، فإنه مؤشر على إخفاقات أخرى فيما يتعلق بمنع أنشطة التهريب التي تغذي الحوثيين إلى حد كبير بالأسلحة اللازمة لمواصلة الحرب.

لكن إلقاء اللوم على التهريب لا يمكن أن يحفظ ماء الوجه، وسواء غضت السعودية الطرف عن سفر "إيرلو" إلى صنعاء أو لم تكتشف تحركه أصلًا، فلن يكون ذلك جيدًا لسمعة الرياض ومكانتها، لا سيما بين اليمنيين والعرب المناهضين لإيران.

شراكة تتعزز

وكما كان متوقعا، رحب الحوثيون بوصول المبعوث الإيراني، وقال وزير الخارجية المعين من قبل الحوثيين "هشام شرف"، إن وصول السفير الإيراني إلى صنعاء يعتبر تمهيدا لعودة عدد من السفراء الأجانب في المستقبل القريب.

وأدانت الحكومة اليمنية في المنفى تلك الخطوة، معتبرة وصول السفير الإيراني انتهاكاً للاتفاقيات الدولية.

وقدمت الحكومة شكوى رسمية إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، واصفة الأمر بأنه "خرق للالتزامات الدولية"، ونص البيان على أن وصول السفير الإيراني إلى اليمن "يشكل سابقة خطيرة تمس جوهر حقوق الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ويسمح للدول والأنظمة المارقة بتمكين المتمردين من انتهاك سيادة الدولة".

ومع ذلك، فإن هذا الخطاب لن يمنع إيران من تعزيز شراكتها مع الحوثيين، وبالرغم من أن الولايات المتحدة أعربت عن عدم موافقتها على وصول "إيرلو" إلى اليمن، فلا يبدو أن هناك شيئًا قادرًا على إضعاف العلاقة بين إيران والحوثيين.

وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "مورجان أورتاجوس" على "تويتر": "هرّب النظام الإيراني حسن إيرلو، وهو عضو في الحرس الثوري الإيراني ومرتبط بحزب الله اللبناني، إلى اليمن تحت ستار كونه سفيرًا لدى ميليشيا الحوثي. إن نية إيران استخدام الحوثيين لتوسيع نفوذها الخبيث واضحة. على الشعب اليمني أن يقول لا لإيرلو وإيران".

مؤشر لطول الحرب

ولكن، بغض النظر عن أي تصريحات أو مواقف بشأن وصول سفير إيران إلى اليمن، فإن هذا التطور يشير إلى أن الصراع في اليمن لم يقترب من نهايته، بل هو تذكير بأن إيران تعمق دورها في اليمن فيما يبدو أن السعودية تفضل استمرار الانقسام بين الميليشيات بدلاً من يمن موحد ومستقر ذي سيادة.

وعندما سقط العراق في هاوية لا يمكن تصورها في عام 2003، لم تتأثر السعودية بالرغم أن البلدين يشتركان في الحدود، وظلت المملكة مستقرة وغنية بينما كان العراق محاصرا في فوضى مزمنة.

 والآن، يبدو أن النهج السعودي لم يتغير فيما يتعلق باليمن، فحتى لو ظل اليمن في حالة حرب وكثفت إيران وجودها في البلاد، يبدو أن القيادة السعودية تعتقد أن بلادها لن تصبح غير آمنة أو غير مستقرة.

وحتى الآن، لم تكن الصواريخ والطائرات المسيرة الحوثية المتكررة التي تضرب الأراضي السعودية كافية لدفع القيادة السعودية إلى التفكير في الخطر الذي يشكله الحوثيون، وبالرغم من أن المملكة تعتبر الحوثيين المتحالفين مع إيران عدوًا وجماعة إرهابية، لكنها تعتبر وجودهم فرصة لإبقاء اليمن دولة منقسمة وهشة.

وهكذا؛ سيكون وصول سفير إيران الجديد إلى صنعاء مبررًا آخر للحرب المطولة حتى مع استمرار معاناة الشعب اليمني إلى ما لا نهاية.

المصدر | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حرب اليمن الحوثيون العلاقات السعودية الإيرانية

الانتقالي الجنوبي باليمن: 6 حقائب في الحكومة الجديدة من نصيبنا

تبادل الأسرى ليس بداية حلٍّ في اليمن