أبرزها أطماع حفتر.. تحديات هائلة أمام التسوية السياسية الشاملة في ليبيا

الخميس 5 نوفمبر 2020 01:34 ص

سيؤدي انطلاق المفاوضات السياسية الليبية بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الجديد، إلى تقليل الأعمال العدائية بين الفصائل المتحاربة في البلاد، لكن معالجة الديناميكيات السياسية والاقتصادية والأمنية المتصدعة بفعل الحرب الأهلية المستمرة في ليبيا ستظل عقبات كبيرة أمام تسوية شاملة وسلام دائم.

وإلى حد كبير، سيعتمد استمرار وقف إطلاق النار، الذي تم التوصل إليه في 23 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على التقدم الذي يتم إحرازه في تلك المفاوضات.

وإذا أسفرت المفاوضات عن نتيجة تتعارض مع الأطماع السياسية لـ"خليفة حفتر"؛ فمن المرجح أن يعود هو وقواته إلى استراتيجية قسرية في المفاوضات أو يعطلها تماما.

ويكرس اتفاق وقف إطلاق النار الجديد الديناميكيات الموجودة منذ يونيو/حزيران 2020، عندما توقف القتال بين الخصمين الليبيين إلى حد كبير على طول الخطوط الأمامية بين الجفرة وسرت.

ونتيجة الضغوط الاقتصادية وعدم القدرة على إحراز مزيد من التقدم العسكري، جاءت قوات "حفتر" وحكومة "الوفاق الوطني" إلى طاولة المفاوضات.

لكن سيمنع انعدام الثقة العميق أي من الجانبين من إبعاد قواته عن الخط الاستراتيجي الممتد بين مدينتي سرت والجفرة الليبيتين، وهو الحد الذي دأب الجانبان على تحصينه منذ مايو/أيار.

من المرجح أن تعارض روسيا وتركيا تقليص وجودهما بموجب شروط وقف إطلاق النار، بما في ذلك وجود المتعاقدين العسكريين الخاصين مثل مجموعة "فاجنر" الروسية، التي تعمل مع قوات "حفتر". وبالفعل، أكد وزير الدفاع في حكومة الوفاق "صلاح النمروش" أن وقف إطلاق النار لن يؤثر على اتفاقيات الدفاع بين تركيا وحكومته الوفاق.

موازنة الضغوط

ومن المتوقع الآن أن توجه الفصائل الليبية انتباهها إلى عملية السلام الأوسع نطاقا، والتي تشمل مسارات منفصلة للمفاوضات تغطي القضايا السياسية والاقتصادية.

لكن الخلافات بشأن الموارد المالية والهيدروكربونية، وكذلك العلاقة بين حكومة الوفاق و"حفتر" ستحد من التقدم.

ولا يتناول وقف إطلاق النار اتفاقيات المصالحة بين الخصوم السابقين، ويغطي بشكل طفيف تسريح المليشيات الليبية ودمجها في الجهاز الأمن للدولة، كما تظل الخلافات الأيديولوجية المتعلقة بدور "الإخوان المسلمين" دون معالجة.

وتتمثل الخطوة التالية في عملية السلام في افتتاح "منتدى الحوار السياسي الليبي"، الذي بدأ فعليًا عبر الاتصال المرئي في 26 أكتوبر/تشرين الأول قبل بدء المحادثات المباشرة في 9 نوفمبر/تشرين الثاني في تونس.

وقد يؤدي المنتدى إلى تعيين حكومة ليبية جديدة، بما في ذلك رئيس وزراء جديد، بعد إعلان رئيس وزراء حكومة الوفاق "فايز السراج" في سبتمبر/أيلول نيته الاستقالة.

وكان "السراج" يعتزم في البداية التنحي في نهاية أكتوبر، لكنه قال منذ ذلك الحين إنه سيبقى في منصبه حتى يتم تعيين حكومة جديدة.

وسيحتاج "منتدى الحوار السياسي الليبي" إلى موازنة الضغوط المحلية والدولية المتعارضة فيما يتعلق بتشكيل حكومة جديدة؛ حيث لن يكون كل من الحلفاء الخارجيين لمليشيا "حفتر" وحكومة الوفاق مستعدين للتنازل عن السياسات التي قد تهدد نفوذهم في ليبيا.

وتنخرط كل من فرنسا وتركيا والإمارات بعمق في الصراع الليبي، ولديها خلافات كبيرة فيما يتعلق بمدى مشاركة جماعة "الإخوان المسلمين"، التي يشغل حلفاؤها وأعضاؤها مناصب رئيسية في حكومة الوفاق.

لذلك، من المرجح أن يرفض "حفتر" أي اتفاق يتضمن تمثيلا كبيرا للإسلاميين أيضا، باعتباره حليفا للإمارات.

كما أن أي اتفاق يتضمن زيادة نفوذ "حفتر" في الحكومة من شأنه أن يثير المناهضين له في حكومة الوفاق، والذين سيعتبرون ذلك بمثابة مكافأة له على هجومه الفاشل على طرابلس.

الخلافات الداخلية

ومن المتوقع أن يشتد التوتر الداخلي بين الفصائل المتنافسة في حكومة الوفاق خلال الأشهر القليلة المقبلة مع ظهور الخلافات حول أولويات التفاوض. وسيؤدي ذلك إلى إضعاف موقف طرابلس التفاوضي، كما أن المعارضة الواسعة لـ"حفتر" ستحد من أي تنازلات تقدمها حتى الفصائل الأكثر براجماتية.

وعلى مدى العامين الماضيين، كان الموحد الأساسي بين الفصائل في غرب ليبيا، متمثلا في معارضة "حفتر"، وهكذا سيكون البراجماتيون في حكومة الوفاق، بمن فيهم بطل صفقة النفط نائب رئيس الوزراء "أحمد معيتيق"، أكثر انفتاحا على تقديم بعض التنازلات بشأن بعض القضايا مقارنة بالموالين لتركيا والمعارضين الأكثر تشددا لـ"حفتر".

وسيؤدي تنافس الفصائل السياسية إلى عرقلة تشكيل حكومة جديدة؛ مما قد يؤدي إلى استخدام استعراضات عسكرية للقوة كوسيلة لتعزيز القوى السياسية الجديدة أو الحفاظ على الوضع الراهن.

وبالفعل، رفضت بعض الفصائل المحادثات تماما، وقد تحذو فصائل أخرى حذوها.

حسابات حفتر

ومن المحتمل أن يسعى "حفتر" إلى تمديد المحادثات على أمل إعادة بناء مصداقيته، مع استغلال الانقسامات السياسية في غرب ليبيا.

وكان قرار "حفتر" السماح باستئناف صادرات النفط في سبتمبر/أيلول مدفوعا بضغط مكثف من الجماهير في شرقي ليبيا لمعالجة الأزمة الاقتصادية المتزايدة.

من المحتمل أن يستمر هذا الضغط في إبقاء "حفتر" منخرطا في المحادثات طالما ظلت قاعدته تعطي الأولوية لإنعاش النشاط الاقتصادي على النفوذ السياسي.

وقد كشف هجوم "حفتر" الفاشل على طرابلس حدود قواته فيما يتعلق بمواصلة العمل العسكري في غربي ليبيا وسط دعم تركيا الكبير لحكومة الوفاق.

ومع ذلك، من المحتمل أن تتغير حسابات "حفتر" إذا أسفرت المفاوضات عن نتائج تهدد مصالحه مثل:

  • عدم القدرة على الاتفاق على آلية شفافة لتوزيع عائدات النفط، و/ أو تعيين محافظ بنك مركزي جديد غير متحالف سياسيا مع "حفتر" أو شرق ليبيا، الأمر الذي من شأنه أن يجلب المزيد من الدعم القبلي لقطع صادرات النفط مرة أخرى.
  • تعيين خصوم "حفتر" والمسؤولين الموالين لتركيا في مناصب دفاعية وعسكرية في الحكومة، و/ أو تعيين شخصيات مؤيدة لـ"الإخوان المسلمين" في مناصب بارزة في الحكومة، الأمر الذي من شأنه دفع كل من "حفتر" وداعميه الخارجيين، مثل الإمارات، لاتخاذ موقف أكثر عدائية في المفاوضات السياسية.
  • قد يدفع استمرار الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق أيضا "حفتر" وأنصاره إلى العودة إلى التكتيكات القسرية في المفاوضات.

توقعات مستقبلية

وهكذا، فبالنظر إلى صعوبة الأمر المتمثل في حل جميع المخاوف التي أعرب عنها "حفتر" وخصومه، سيكون من المرجح للغاية عودة قواته في نهاية المطاف إلى الممارسات القسرية أثناء المفاوضات، فيما يمكن أن يعطل عملية السلام الأوسع.

وسبق أن عطل "حفتر" المفاوضات من خلال تحركات عدوانية في مناسبات متعددة في الماضي، ونظرا للقيود العسكرية الحالية على تحركات قوات "حفتر"، فقد يكون تعطيل صادرات النفط هو الطريقة التي يميل لها "حفتر" إذا قرر الإفساد.

وقد يتجلى الخيار غير النفطي المحتمل في المنافسة على النفوذ والعمليات العسكرية في جنوب غرب ليبيا، لكن ذلك سيكون له فوائد محدودة بالنظر إلى النفوذ الكبير لقوات "حفتر" القائم بالفعل في المنطقة.

وفي أبريل/نيسان 2019، شنت قوات "حفتر" هجومها على طرابلس قبل أيام فقط من مؤتمر كبير في ليبيا، وفي يناير/كانون الثاني، أوقف "حفتر" أيضا صادرات النفط في البلاد قبل فترة وجيزة من انعقاد مؤتمر حاسم بشأن ليبيا في برلين.

المصدر | ستراتفور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حكومة الوفاق الوطني خليفة حفتر العلاقات التركية الليبية منتدى الحوار السياسي الليبي الجيش الوطني الليبي مرتزقة فاجنر

ليبيا واتفاق جنيف: بصيص أمل قد ينطفئ سريعاً؟

الجيش الليبي يشترط انسحاب قوات حفتر والمرتزقة لعقد مباحثات في سرت

حفتر يمتلك عقارات بملايين الدولارات في أمريكا بأموال مهربة