استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

ما التعريف العربي للديمقراطية؟

الخميس 5 نوفمبر 2020 08:23 ص

ما التعريف العربي للديمقراطية؟

أصبحت الديمقراطية تعني كل شيء لكل الناس، حسب تعريفها ككلمة بمختلف اللغات البشرية.

محاولات خارجية وداخلية، لإشغال الإنسان العربي بالظرفي والمؤقت لئلا يكون لديه وقت للتركيز على الثابت والجوهري!

لا تعريف واحدًا لـ"الديمقراطية" ولا منهج واحدا لتطبيقها ولا فهم واحدًا لنوع ارتباطها بكثير من الكلمات السياسية الرائجة.

ضرورة النقاش العام بمجتمعات العرب يأخذ بالاعتبار واقعهم وتراثهم التاريخي الاجتماعي والثقافي والسياسي وتجاربهم المريرة منذ استقلال لم ينجز بعد.

*     *     *

هناك محاولات متنوعة ومستمرة ومتصاعدة، خارجية وداخلية، لإشغال الإنسان العربي، وعلى الأخص الشابات والشباب، بالظرفي والمؤقت والعابر، حتى لا يكون لديه الوقت للتركيز على الثابت والجوهري.

ولذلك فما أن تنطفئ نار في مكان حتى تشعلها تلك الجهات في مكان آخر، تساعدها في كثير من الأحيان غوغائية مفتعلة باسم الدين، أو المذهب، أو الكرامة الوطنية، أو غيرها من الشعارات المنفسة للاحتقان الدائم في الإنسان العربي.

من بين الثوابت التي يجب أن لا تغيب عن المسرح العام، ولا ليوم واحد، فكرا ونقاشا ونضالا، موضوع انتقال المجتمعات العربية إلى نظام سياسي اقتصادي ديمقراطي عادل.

لا يوجد تعريف واحد لكلمة الديمقراطية، ولا منهج واحد لتطبيقها، ولا فهم واحد لنوع ارتباطها بكثير من الكلمات السياسية الرائجة، من مثل الشورى والحرية والفردانية والعلمانية والرأسمالية إلخ.

لكن من الضروري أن يوجد نقاش عام في مجتمعات العرب، يأخذ بعين الإعتبار، قبولا أو رفضا أو نقدا وتعديلا، تراثهم التاريخي الاجتماعي والثقافي والسياسي، وواقعهم الوطني والقومي الحالي، وعلى الأخص تجاربهم المريرة منذ بدء استقلالهم الوطني الذي لم ينجز بعد.

وحتى يدرك شباب الأمة، وعلى الأخص من القابضين على الجمر وحاملي مسؤولية الالتزام الوطني والقومي، مقدار تعقّد الموضوع دعنا نحاول مراجعة التعريفات التي أعطيت لكلمة الديمقراطية عبر التاريخ.

لقد بدأت كتركيبة كلامية فلسفية، بمعنى حكم الجماهير، من قبل بعض فلاسفة اليونان، ولكن رفضها في الحال أفلاطون، إذ اعتبر أن ذلك التعريف سيعني حكم الفقراء والجهلة للمتعلمين وقادة المعرفة. وتبعه الفيلسوف أرسطو، بأنها يجب أن تعني الحكم الصالح، حيث تحكم أقلية ولكن برضى الأكثرية.

وهكذا، ومن البداية، أدخلت أرستقراطية حكم الأقلية في نظام حكم قصد به أن يكون حكم الأكثرية لشؤون حياتها العامة. ومنذ ذلك الوقت أصبحت الديمقراطية تعني كل شيء لكل الناس، حسب تعريفها ككلمة بمختلف اللغات البشرية.

ولذلك فليس بمستغرب أن تلحق بالديمقراطية عبر القرن العشرين، صفات تقود إلى طرح شعارات ديمقراطية الرئاسة، أو الديمقراطية الأساسية، أو الديمقراطية الموجهة أو الديمقراطية العضوية، أو الديمقراطية الانتقائية، أو الديمقراطية الجديدة، أو الديمقراطية الشعبية.

ولا يتسع المجال لذكر أسماء وظروف وتعريفات البلدان التي طرحت تلك الشعارات في كل أنحاء العالم، ومنها بعض بلاد العرب، سواء أكانت بنوايا صادقة أو بنوايا انتهازية غوغائية.

وحتى تزداد الصورة تعقيدا طرح كتّاب وقادة سياسيون تعريفات وتوصيفات لا حصر لها ولا عد «حكم الأغلبية «رضى الأغلبية» «سلطة الإرادة العامة» «الحكم الدستوري». وأثار البعض المخاوف بشأن طغيان وديكتاتورية الأغلبية، أو الغوغاء. واشترط البعض حق التصويت لمن أنهوا التعليم الثانوي كحد أدنى.

وأصر البعض على أنه لاديمقراطية حقيقية بوجود حكومة كبيرة. وخوفا من جمودها شدد البعض على أن الديمقراطية ليست عقيدة أو نظرية فلسفية، وإنما هي منهاج تنظيمي للقوانين ولمؤسسات المجتمع، من أجل السلام الأهلي.

ولم ينس البعض موضوع العقد الاجتماعي الشهير في ما بين الناس وسلطة الحكم. وفي المدة الأخيرة، وبسبب إعراض الكثيرين عن المشاركة في الانتخابات، اقترح البعض أن تكون المشاركة في الانتخابات إجبارية بالقانون، حتى لا تنقلب الديمقراطية إلى حكم بإرادة أقلية مهتمة وبقبول من أكثرية غير مهتمة.

وفي بلاد العرب أقحم البعض موضوعي طاعة ولي الأمر والشورى، المختلف حول فهمها وتفسيرهما عبر تاريخ العرب كله، في قلب المناقشات بشأن الديمقراطية لينتهي الأمر بانقسامات حادة حول هذا الموضوع، الذي ما عاد يستطيع تحمل التأجيل والانتظار في أرض عانت كثيرا من حكم الاستبداد عبر تاريخها كله.

لنتذكر بأننا اقتصرنا على الحديث عن تعريفات وفهم الديمقراطية على مستوى مختلف البلدان والثقافات والأنظمة السياسية، وذلك من أجل إبراز الأفهام والتطبيقات غير المتماثلة، التي لها تأثيرات هائلة على ممارسة الديمقراطية في الواقع الإنساني.

ولا نحتاج للتأكيد على أننا لا نقصد من إبراز تعقيدات المشهد، القول بأدني شك أو تردد بعدم أهمية الانتقال إلى النظام الديمقراطي، أو الإيحاء بتأجيل ذلك الانتقال، إذ لا يوجد حل لإخراج العرب من تخلفهم التاريخي، ما لم تكن الديمقراطية جزءا أساسي من مكوناته.

وهذا ينقلنا في الحال إلى ما طرحه البعض من مفكري وكتّاب العرب حول تشابك وتفاعل الموضوع الديمقراطي مع النسيج الاجتماعي، والتركيب السياسي وثوابت الثقافة وسلوكيات الفرد في أرض العرب. وهو ما سيكون موضوعا لمقال مستقبلي آخر.

* د. علي محمد فخرو كاتب ومفكر بحريني

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

الديمقراطية، الشورى، المجتمع العربي، التراث، الحكم،