خبراء: علاقات السعودية مع أمريكا بعهد بايدن لن تنقلب رأسا على عقب

الثلاثاء 10 نوفمبر 2020 07:12 م

تعهد الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" بإعادة تقييم العلاقة مع السعودية على خلفية مسألة حقوق الإنسان، لكن خبراء يرون أن المملكة الثرية لا تزال تمتلك نفوذا كافيا لمنع حدوث شرخ كبير في العلاقات.

وتمتّع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، الذي تزامن صعوده السريع إلى السلطة مع بداية رئاسة "دونالد ترامب" في عام 2016 ، بعلاقات وطيدة مع البيت الأبيض شكّلت شبكة حماية له من الكثير من الانتقادات.

لكن هزيمة "ترامب" تترك الحاكم الفعلي للدولة الخليجية عرضة للمحاسبة المحتملة من أقرب حليف غربي؛ ما قد يجعله أقل قدرة على الوصول إلى الدوائر الضيقة في واشنطن في وقت تواجه أجندته الإصلاحية مخاطر اقتصادية وسط استمرار الحرب في اليمن المجاور.

وبينما قدّم "ترامب" وصهره "جاريد كوشنر" الدعم الكامل لوريث العرش السعودي، تعهد "بايدن" بإعادة تقييم العلاقة.

وانتقد ما وصفه بـ"شيك على بياض خطير" من "ترامب" للمملكة، وتعهد بمواصلة السعي وراء تحقيق العدالة في قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" في 2018 على يد أفراد سعوديين، وبمراجعة مبيعات الأسلحة الأمريكية بسبب الحرب الكارثية في اليمن.

ومع ذلك، يقول الخبراء إن العلاقات العسكرية والاقتصادية القائمة منذ عقود، التي تشمل مكافحة الإرهاب معا والحفاظ على الاستقرار في أسواق النفط، من غير المرجح أن تنقلب رأسا على عقب.

ورغم أن الولايات المتحدة قلصت اعتمادها على النفط السعودي في السنوات الأخيرة، إلا أنّ المملكة لا تزال زبونا رئيسيا للمقاولين العسكريين الأمريكيين.

ويرى خبراء أن "بايدن" سيحتاج إلى العمل مع حكام السعودية بشأن مجموعة من القضايا الساخنة في المنطقة، بدءا من مواجهة النفوذ الإقليمي لإيران، إلى محاربة "تنظيم الدولة"، الذي عاد للظهور مؤخرا.

وقال الدبلوماسي السابق الرفيع المستوى في السفارة الأمريكية في الرياض "ديفيد رونديل"، لـ"فرانس برس"، إن "إدارة بايدن ستتخذ بلا شك موقفا أكثر تشددا في ما يتعلق بحقوق الإنسان من سابقتها، لكن من غير المرجح أن تتخلى تماما عن الشراكة السعودية الأمريكية".

وأضاف "رونديل"، الذي ألف كتابا عن السعودية: "بينما أصبحت الولايات المتحدة أكثر استقلالية في مجال الطاقة (...)، فإن الحلفاء المهمين لأمريكا مثل اليابان وكوريا لم يفعلوا ذلك".

غطاء اقليمي

ويبدو أن الرياض قلقة من تعهد "بايدن" بإحياء الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين القوى العالمية وإيران، وهو اتفاق مثير للجدل تم التفاوض عليه عندما كان نائبا للرئيس في عهد "باراك أوباما".

ومزق ترامب الاتفاق، بعدما اختار زيارة الرياض في أول جولة خارجية له كرئيس في عام 2017.

ولضمان نجاح الاتفاق هذه المرة، يقول محللون إن "بايدن" سيسعى للحصول على توافق بين دول المنطقة، بما في ذلك السعودية التي تعارض تقليديا الدبلوماسية مع طهران.

وقال المحلل السعودي "علي الشهابي": "لا أحد يتوقع أن يسافر بايدن أولا إلى الرياض، ويؤدي رقصة وهو يحمل سيفا، لكنه يحتاج إلى السعودية من أجل أي غطاء إقليمي لصفقة إيرانية جديدة، وفي مسألة دعم مكافحة الإرهاب، والصراع الإسرائيلي الفلسطيني، واستقرار سوق النفط".

وكان "بايدن" أعرب عن دعمه لاتفاقات التطبيع العربية الإسرائيلية الأخيرة، بما في ذلك البحرين التي من غير المرجح أن تكون قد وقعت على اتفاق التطبيع من دون موافقة الرياض.

ويرى مراقبون إن الأمير "محمد بن سلمان" يمكن أن يستخدم التطبيع المحتمل للسعودية مع إسرائيل كأداة تفاوضية إذا زاد "بايدن" من الضغوط.

وحسب الباحثة في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الدولية "تشينزيا بيانكو"، فإن "كثيرين في الرياض يعتقدون أن اتفاق التطبيع مع إسرائيل سيضع الأمير  السعودي في وضع أفضل بكثير مع إدارة بايدن".

وأضافت: "كل شيء يعتمد على مدى عدائية إدارة بايدن في الواقع، في السياسة وليس في الخطاب، تجاه السعودية بدءا من يناير/كانون الثاني"، مع أدائه اليمين.

شروط أكثر صرامة

ويعتبر المراقبون السعوديون خطابات "بايدن" الانتخابية حول المملكة أداة انتخابية لا أكثر، مشيرين إلى أن "ترامب" وجه أيضا ملاحظات معادية للمملكة في حملته عام 2016 قبل التقرب من حكامها.

كما أن تعهد "بايدن" بإعادة تقييم مبيعات الأسلحة للسعودية يتعارض مع سجله السابق.

فعندما كان نائبا للرئيس خلال فترتي ولايتين لـ"أوباما"، قدمت الولايات المتحدة لقوات المملكة الدعم اللوجستي والاستخباراتي.

كما باعت أسلحة تزيد قيمتها على 115 مليار دولار في 42 صفقة منفصلة، أي أكثر من أي إدارة سابقة أخرى، وفقا لبيانات من عام 2016 لمنظمة "سيكيوريتي اسيستينس مونيتور" ومقرها الولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإن أقرباء سجناء الرأي السعوديين يعلّقون آمالهم على "بايدن"، ويتوقعون أن يضع شروطا أكثر صرامة على الدعم الأمريكي مثل المطالبة بالإفراج غير المشروط عن هؤلاء السجناء.

وأشرف "بن سلمان" على حملة قمع لأي معارضة، مع اعتقال عشرات الناشطين والصحفيين ورجال الدين وحتى أفراد العائلة المالكة على خلفية شبهات بالفساد في السنوات الأخيرة.

وقال "وليد الهذلول"، شقيق الناشطة "لجين الهذلول" المسجونة منذ أكثر من عامين والمضربة عن الطعام حاليا: "نأمل أن يجعل (بايدن) انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية أولوية، الأمر الذي أهملته إدارة ترامب الحالية".

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

أمريكا السعودية العلاقات السعودية الأمريكية بايدن ترامب

كيف تضبط السعودية علاقاتها مع بايدن؟.. 3 فرص في الأفق