التعاون النفطي بين الإمارات وإسرائيل.. آمال ستنكسر على صخرة الواقع

الاثنين 23 نوفمبر 2020 09:42 م

لا شك أن كلًا من أبوظبي وتل أبيب ستستفيدان من مذكرة التفاهم والتعاون المتعلقة باستخدام قدرات التخزين والبنية التحتية لشركة "خطوط الأنابيب الأوروبية الآسيوية" (إيبك) الإسرائيلية.

ومع ذلك، من غير المرجح أن يكون لهذه الاتفاقية تأثير قوي على سوق النفط بالشكل الذي يدعيه الطرفان.

وللوهلة الأولى، يبدو وكأن خط أنابيب إيلات عسقلان يوفر لدولة الإمارات عددًا من المزايا المهمة، إذ أن الجغرافيا كانت عائقًا كبيرًا أمام منتجي النفط الخليجيين عند تصدير النفط إلى دول أوروبية وأمريكية.

فقناة السويس لديها قدرة محدودة من حيث عدد وحمولة الناقلات القادرة على عبورها، وفي الوقت نفسه يتسم النظام السياسي في مصر بدرجة من عدم الاستقرار.

أما المسار البديل فهو يعني الحاجة إلى الإبحار حول القارة الأفريقية، مما يزيد من وقت التسليم وتكاليف النقل، إلى درجة أن محللي السوق يمزحون أحيانًا بأن رأس الرجاء الصالح "غير صالح" لأنظمة الخليج.

وفي ظل هذه الظروف، توفر البنية التحتية لخط الأنابيب الإسرائيلي بديلاً لكل من المسار الذي يمر عبر إفريقيا وقناة السويس، مما يساعد المصدّرين على توفير الوقت وتقليل تكاليف الشحن، فضلاً عن تقليل المخاطر السياسية المرتبطة بالوضع الداخلي في مصر.

وتقدر طاقة خط أنابيب إيلات-عسقلان بالاتجاه الأوروبي بنحو 1.2 مليون برميل يوميًا، وإذا زودت الإمارات إسرائيل بالاستثمارات الموعودة في تطوير خط الأنابيب، فيمكن زيادة هذا الرقم في المستقبل.

لن يتوقف الأمر عند خطوط الأنابيب، بل ستتمكن الإمارات أيضًا من الوصول إلى مرافق تخزين النفط في إيلات (8.8 مليون برميل) وعسقلان (14.5 مليون برميل)، والتي ستساهم - من الناحية النظرية - في تنظيم أكثر فعالية لإمدادات النفط الإماراتية إلى أسواق أوروبا.

وأخيرًا، يرتبط نظام خطوط الأنابيب بمصافي التكرير الإسرائيلية في حيفا وأشدود، مما يجعل من تل أبيب أحد المستهلكين المحتملين للنفط الإماراتي.

ولكن من الناحية العملية، فإن احتمالات استغلال الإمارات للفرص المذكورة محدودة للغاية.

آمال غير واقعية

صحيح أن إسرائيل تعمل حاليًا بنشاط على تنويع مصادر إمداداتها النفطية، والابتعاد عن الاعتماد الحصري على واردات النفط من إقليم كردستان، مما يفتح فرصًا معينة للإمارات كي تدخل السوق الإسرائيلية.

لكن سعة السوق الإسرائيلية ليست كبيرة جدًا، ومستوى الربحية ليس جيدًا بما يكفي، وفوق هذا، فإن هناك لاعبين آخرين يريدون الهيمنة على السوق، بما في ذلك روسيا على سبيل المثال.

والسؤال الأكبر هو ما إن كانت الإمارات بحاجة فعلاً إلى خط الأنابيب الإسرائيلي لنقل صادراتها النفطية إلى أوروبا وما إن كان لديها عدد عملاء في الاتحاد الأوروبي يكفي لملئه. 

فالإمارات تمتلك حصة 15% في الشركة التي تسيطر على خط أنابيب نفط "سوميد" المصري الذي يربط منشآت النفط في العين السخنة على البحر الأحمر بالبنية التحتية لسيدي كرير على البحر المتوسط.

ومع ذلك، لم يتم تسليم النفط الإماراتي عبر هذا المسار بسبب محدودية الإمدادات التي تصدرها الإمارات إلى الاتحاد الأوروبي، على الأقل منذ مايو/أيار 2018.

ولا يمثل الاتجاه الأوروبي أولوية لمنتجي النفط في الإمارات في الوقت الحالي، بل إن سوقهم الرئيسي في آسيا، حيث يمثل ما يصل إلى 98% من عمليات التسليم، ولا يوجد حاليًا ما يستلزم إعادة توجيه كبيرة لصادرات النفط الإماراتية إلى أوروبا.

وبصرف النظر عن التساؤلات التي تخص المواد الخام لخط أنابيب إيلات-عسقلان، لا يوجد إجماع أيضًا حول مدى قدرة الإمارات من الناحية اللوجستية. فمن الممكن لدول الخليج تحقيق فوائد من تشغيل خطوط الأنابيب مثل "سوميد" أو إيلات-عسقلان، عندما تمتلك الدولة بنية تحتية لتحميل النفط على البحر الأحمر (مثل محطة ينبع السعودية)، وإلا ستقل الفوائد إلى حد ما.

وهكذا، سيكون التأثير العملي لوصول الإماراتيين إلى البنية التحتية لشركة "إيبك" أقل بكثير من التأثير المعلن.

(إسرائيل) ستستفيد أكثر

ويمكن أن يكون للإمارات مصلحة ليس في استخدام خط أنابيب النفط وإنما البنية التحتية الأخرى للنقل الخاصة بـ"إيبك"، وذلك لنقل المنتجات النفطية الإماراتية إلى أوروبا وأمريكا.

ومع ذلك، فحتى في هذه الحالة، سيكون حجم التصدير المحتمل صغيرًا ولا يمكن أن يحقق ربحًا كبيرًا، حيث يقدر بـ 100 - 160 ألف برميل يوميًا.

وهناك فائدة أخرى يحتمل أن تحصل عليها الإمارات وترتبط بحقيقة أن خط أنابيب إيلات-عسقلان يعمل في كلا الاتجاهين، وهكذا، تتحكم الإمارات في تدفق النفط الذي يمكن أن يأتي من الولايات المتحدة وأوروبا (البحر الأسود ومناطق بحر قزوين) إلى آسيا.

ومع ذلك، ستتاح لإسرائيل فائدة أكبر بكثير حيث ستمكّنها مشاركة الإمارات من استخدام خط الأنابيب في نواح كثيرة بشكل أكثر انفتاحًا.

ففي السابق، كانت المعلومات المتعلقة بعمليات التسليم التي تمر عبر خط أنابيب إيلات-عسقلان وأسماء الأطراف التي يتم تنفيذ هذه التسليمات لمصلحتهم سرية.

فمن ناحية، كان عملاء إسرائيل يخشون غضب إيران التي كانت تمتلك 50% من أسهم خط الأنابيب هذا قبل الثورة الإسلامية عام 1979، وانزعجت طهران للغاية لأن (إسرائيل) صادرت حصتها في الثمانينيات.

ومن ناحية أخرى، كان هناك تحذير غير معلن حتى وقت قريب، من الإمارات والسعودية أن الناقلات التي تصدر النفط والمنتجات البترولية من إيلات يجب أن تنسى قدرة الوصول إلى محطات النفط في الممالك العربية.

أما الآن فسيتم رفع الحظر على الأقل من الجانب الإماراتي، مما يعني أنه يمكن ممارسة الأعمال بشكل مفتوح نسبيًا.

وبشكل عام، يظل التأثير الرئيسي لمذكرة التفاهم الإماراتية الإسرائيلية سياسيًا وليس اقتصاديًا. فللمرة الأولى، تتمكن دولة من دول مجلس التعاون الخليجي من الوصول إلى البنية التحتية النفطية في إسرائيل.

وربما تتوقع إسرائيل أن يشير هذا للدول العربية إلى فوائد إقامة علاقات مع تل أبيب، ويشجع الدول الأخرى على أن تحذو حذو الإمارات.

وبالتالي، فإن المستفيد الرئيسي ليس الإمارات بل إسرائيل والولايات المتحدة التي تظل قيادتها داعمة للتطبيع الإسرائيلي الإماراتي، وسيجيب الزمن وحده على الفوائد التي ستحصل عليها أبوظبي.

المصدر | نيكولاي كوزانو/ مركز دراسات الخليج - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإسرائيلية الإماراتية خط أنابيب إيلات-عسقلان التطبيع الإسرائيلي الإماراتي

عبر أنبوب إيلات-عسقلان.. التطبيع الإماراتي الإسرائيلي يهدد قناة السويس

العال الإسرائيلية تسير 14 رحلة مباشرة إلى دبي أسبوعيا