اللاجئون السوريون منقسمون حول مصير المنشقين عن نظام الأسد

الثلاثاء 1 ديسمبر 2020 11:19 م

هل يجب أن يُحاكم الأعضاء السابقون في قوات الأمن السورية الذين انشقوا عن حكومة "بشار الأسد"، بتهمة ارتكاب جرائم حرب أم يُعاملوا كشهود في مسعى لتقديم كبار المسؤولين للعدالة؟

سؤال أثار انقساما بين اللاجئين السوريين ومن يعيشون في المنفى، الذين فروا من الحرب التي قُتل فيها مئات الألوف، والتي اتسمت بأعمال وحشية منذ اندلاعها عام 2011.

ففي ألمانيا، التي تؤوي 600 ألف لاجئ سوري، استخدم مدعون عامون قوانين الولاية القضائية الدولية التي تسمح لهم بملاحقة الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في أي مكان بالعالم سعيا لتحقيق العدالة لضحايا التعذيب المزعوم والقتل خارج نطاق القضاء على أيدي قوات "الأسد".

وفي أول قضية تُرفع أمام محكمة ألمانية، بدأت في شهر أبريل/ نيسان محاكمة اثنين من الضباط السابقين في المخابرات السورية بتهم تتعلق بالتعذيب والاعتداء الجنسي.

وكان المشتبه بهما قد انشقا في 2012 ومُنحا حق اللجوء في ألمانيا. ويتساءل كثير من السوريين المقيمين في ألمانيا حاليا: هل المنشقون أصدقاء أم أعداء؟

قال "فواز تللو"، وهو معارض سوري مخضرم "المحاكمة في ألمانيا خطأ استراتيجي وأخلاقي. لقد خاطر المنشقون بحياتهم للانضمام إلى المعارضة وتشويه سمعة النظام".

وتساءل "تللو" "من الذي في عقله السليم سوف ينشق الآن عندما يرى أن الأشخاص الذين انشقوا في الأشهر الأولى من الثورة يخضعون للمحاكمة؟ المحاكمات تتم بعد انتهاء الحرب ليس الآن".

ولطالما رفضت الحكومة السورية التقارير التي تحدثت عن تعذيب وعمليات قتل خارج نطاق القانون وثقتها جماعات دولية لحقوق الإنسان.

العدالة للضحايا

"محمود العبدالله"، وهو عقيد سابق من قوات النخبة في الفرقة الرابعة بالجيش السوري، واحد من مئات المنشقين الذين أدلوا بشهاداتهم أمام مسؤولين قضائيين ألمان وفرنسيين يجمعون أدلة عن جرائم مزعومة على يد الحكومة السورية خلال الحرب التي لم تضع أوزارها بعد.

ويقول "العبد الله" إن البطاقة العسكرية التي تحدد رتبته هي أثمن المتعلقات القليلة التي كان يحملها عندما غادر سوريا قبل نحو ست سنوات.

ويضيف أن قطعة الورق الوردية المغلفة بالبلاستيك تلك أعطت مزيدا من المصداقية للشهادات التي أدلى بها في فرنسا وألمانيا ضد الحكومة السورية.

وتابع "العبد الله" (56 عاما)، وهو أب لخمسة أبناء، بينما يلف سيجارة في شقة متواضعة بمدينة جيرا في شرق ألمانيا حيث يعيش مع زوجته "رأيت الكثير من الإجرام، جنودا عُدموا لرفضهم إطلاق النار على المتظاهرين وقصف مدفعي ثقيل على مناطق مدنية".

وأردف "ما زلت أتذكر الليلة التي قررت فيها الانشقاق، 13 فبراير/شباط 2012. كنت أصلي في غرفتي في قاعدة الصابورة العسكرية (غرب دمشق) الأنوار كانت منطفية، وقلت: يا ربي لا أريد المشاركة في مثل هذه الجرائم، من فضلك ساعدني على الخروج من هنا".

وأشاد نشطاء بالمحاكمة في ألمانيا باعتبارها خطوة أولى نحو تحقيق العدالة لألوف السوريين الذين قالوا إنهم تعرضوا للتعذيب في منشآت حكومية، بعد فشل محاولات إنشاء محكمة دولية لسوريا.

وقال "أنور البني" من المركز الأوروبي للحقوق الدستورية وحقوق الإنسان الذي يمثل ضحايا في محاكمة التعذيب "لا يحق لأي شخص أن يقول للضحايا أن لا يسعوا لتحقيق العدالة.

"إن تجاهل مجرمي الحرب المشتبه بهم يعادل تبرئة نظام الأسد".

والمُدعى عليه الرئيسي في المحاكمة، وهو أنور. آر.، متهم بارتكاب 58 جريمة قتل في سجن بدمشق، حيث يقول ممثلو الادعاء إن أربعة آلاف على الأقل من نشطاء المعارضة عُذبوا فيه عامي 2011 و2012. وقد أنكر جميع التهم المنسوبة له.

وقد كان عقيدا بالمخابرات لكنه فر إلى تركيا في 2012 حيث أصبح ناشطا في الجيش السوري الحر المعارض. ووصل إلى ألمانيا في 2014 ومُنح حق اللجوء.

وقال "تللو" إن "أنور. آر." كان عضوا في وفد للمعارضة في محادثات أُجريت تحت رعاية الأمم المتحدة في جنيف قبل حوالي ست سنوات بهدف إنهاء الصراع، الأمر الذي يجعل محاكمته مسألة فيها "تحقير" لجماعات المعارضة المتصارعة فيما بينها.

وتساءل عقيد الجيش السابق "العبد الله" عما إذا كان من الواقعي أن يُحاكم كل من ارتكب جريمة.

وردا على سؤال عما إذا كان يخشى توجيه اتهامات له، قال "العبد الله" لرويترز إن ضميره مرتاح. وأضاف أنه قاتل قوات الأسد وتنظيم الدولة الإسلامية قبل أن يفر إلى تركيا.

وتابع "الثورة السورية لم تربح الحرب بعد. حتى لو فعلنا ذلك يجب أن يكون هناك نوع من العفو العام، ويجب محاكمة الأسد وكبار معاونيه وأتباعه".

المصدر | رويترز

  كلمات مفتاحية

اللاجئون السوريون المنشقون عن نظام الأسد