الإمارات و«توازن القوى» مع السعودية

الخميس 3 ديسمبر 2020 07:55 ص

الإمارات و«توازن القوى» مع السعودية

القيادة الحالية للإمارات باتت تشعر بأنها صارت أقرب لمركز القيادة في علاقتها بالسعودية منها إلى موقع التابع.

في منافسة على قيادة المنطقة ساهمت الإمارات بصعود بن سلمان لكنها الآن تحجمه وتدفعه للإقرار بتوازن جديد.

تسعى أبوظبي لتوازن مع الرياض يضعها في موقع متساو إن لم يكن في الموقع القيادي، بين الطرفين!

إشارات متضاربة تطلقها الرياض باتجاه أنقرة تشير لاستمرار التوتر أو لإمكانية التقارب مما ينعكس على مفاوضات يجريها كوشنر حول «المصالحة الخليجية».

*     *     *

قدمت القيادة الحالية للإمارات العربية المتحدة، ممثلة بمحمد بن زايد آل نهيان، دعما للاتجاه السياسي الذي بدأ ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، يتبناه منذ صعوده السريع كوزير للدفاع وولي عهد ثان، وصولا إلى تنصيبه وليا للعهد.

وتمكنه من السيطرة على مقدرات المملكة السياسية والعسكرية والأمنية والمالية في المملكة، وأن هذه العلاقة أدت إلى تحالف قوي فيما يتعلق بمجمل السياسات العالمية والإقليمية.

وذلك بدءا من دخول أبوظبي في «التحالف» العسكري للتدخل في اليمن، ومرورا بحصار قطر، ودعم نظام عبد الفتاح السيسي (والثورات المضادة العربية عموما) وليس انتهاء بالموقف من «صفقة القرن» وخطوات التطبيع الجارية بوتيرة محمومة مع إسرائيل.

تعرضت هذه «العلاقة الخاصة» لتوترات عديدة، لا تتعلق بطريقة رؤية بن سلمان وبن زايد للقضايا الإقليمية، بل كان للخلافات المضمرة نصيب أيضا فيما يتعلق بالقضايا الداخلية!

وكان لافتا، في هذا السياق، تصريح في تموز/يوليو 2019 لمحمد بن راشد نائب رئيس الإمارات، وحاكم إمارة دبي عن أن «وظيفة السياسي تسهيل حياة الشعوب وحل الأزمات بدل افتعالها» (الذي «نقحه» بتصريح لاحق في تشرين الثاني/نوفمبر 2019 أثناء استقباله ولي العهد السعودي قال فيه إن «تاريخ المنطقة يتغير بسبب محمد بن سلمان»)!

وكما جرى حين طالب بالتوقف عن أسلوب الشتم والتشهير التي يتبعها «الذباب الالكتروني» الخليجي على وسائل التواصل، كما أظهرت وثائق مسربة من «ويكيليكس» استهزاء ولي عهد أبوظبي بقادة السعودية، وتقدمهم في العمر.

هناك أسباب قديمة وحديثة للخلاف بين البلدين، غير أن التوترات الجديدة تقوم على محاولة أبوظبي إجراء تعديلات مستمرة على توازن القوى السابق، الذي كان يعطي الرياض رجحانا كبيرا، فالواضح أن القيادة الحالية للإمارات باتت تشعر بأنها صارت أقرب إلى مركز القيادة في العلاقة منها إلى موقع التابع.

وهو أمر يدفعها إليه عامل تزايد قوتها العسكرية والأمنية، والذي انضاف إليه مؤخرا، العمل على تأكيد «علاقة خاصة» مع إسرائيل، بحيث تكون أبوظبي الوكيل الجديد، وإن لم يكن الحصري، لتل أبيب في الخليج، وربما في أقاليم ومناطق أخرى.

تبدي الإمارات أشكالا عديدة من التنافس مع السعودية والخلاف معها، فبعد إعلان انسحابها من اليمن (مع الاستمرار بلعب دور خاص بها هناك) وتوقيعها مع إيران اتفاقية تفاهم «أمن الحدود البحرية» وفيما تتحدث الجوقة الخليجية عن «مواجهة التمدد الإيراني» بقيت أبوظبي الشريك التجاري الأول لطهران في المنطقة.

لم تعد الإمارات تقبل، على ما يظهر، أن تكون الثاني في السباق، وبدلا من الحديث عن «الظلم» الذي حاق بها في اتفاقية جدة، 1974، فيما يخص حقل الشيبة؛ بل إن أبوظبي تنافس الرياض على قضايا كانت حكرا عليها، كالقضايا الإسلامية، حيث دعمت أبوظبي مؤتمر غروزني 2018، الذي استبعد السلفيين والوهابيين، كما طفا الخلاف علنا حاليا على حصص النفط، حيث ترفض أبو ظبي خفض إمدادات النفط مما يتعارض بشكل واضح مع مطالب الرياض.

من الواضح، في هذه المنافسة على قيادة المنطقة، أن الإمارات، التي ساهمت في صعود بن سلمان، تعمل الآن على تحجيمه، ودفعه للإقرار بتوازن جديد، يضع أبو ظبي في موقع متساو، إن لم يكن في الموقع القيادي، بين الطرفين!

وهو ما يفسر، ربما، الإشارات المتضاربة التي تطلقها الرياض، باتجاه أنقرة، والتي تشير مرة إلى استمرار التوتر، ومرة إلى إمكانيات التقارب، وهو أمر قد ينعكس أيضا على المفاوضات التي يجريها جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في ما يخص «المصالحة الخليجية» حاليا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السعودية، الإمارات، أبوظبي، بن سلمان، بن زايد، اليمن، الثورة المضادة، المصالحة الخليجية، تركيا، التطبيع، صفقة القرن، حصار قطر،