لا أخيار ولا أشرار بل شركاء!

الاثنين 28 سبتمبر 2015 10:09 ص

قبل سنتين بالضبط، في أيلول 2013، شبه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري بشار الأسد بأدولف هتلر، بعد أن استخدم، مرة أخرى، السلاح الكيميائي ضد أبناء شعبه. «هذه لحظة ميونخ خاصتنا»، قال كيري في حينه.

تلك كانت أيام اجتاز فيها الأسد، من ناحية الأمريكيين، خطا أحمر. كما أنها كانت أيضا أيام (ساعات فقط عمليا) اعتقدت فيها واشنطن بأن الامتناع عن الرد ضد الاسد سينقل رسالة غير صحية لإيران وتطلعاتها النووية. وتساءل كيري في حينه قائلا: «ماذا ستقول إيران اذا تراجعنا عن نيتنا؟». ما كان الخطاب الأكبر لكيري أصبح، في منظور تاريخي، خطابا منقطعا عن الواقع. فالولايات المتحدة لم تهاجم، والأسد نجا، ومع إيران وقع اتفاق نووي مهدد.

ولا غرو أن مناخا جديدا يسود في المنطقة برعاية أمريكية. لا أخيار ولا أشرار: الكل شركاء. والأسد، بفضل الواقع الجديد، يتلقى رخصة للحكم بعد أن تلقى رخصة للقتل.

واشنطن تتباحث مع روسيا، التي تساعد علنا سوريا، التي تتعاون مع ايران، التي تدعم حزب الله. وبالتوازي أوروبا، المفزوعة من أزمة اللاجئين، باتت مستعدة لان تعود وتتباحث مع الاسد (انجيلا ميركيل). ذاك الذي كان حتى قبل سنتين هتلر. وماذا عنا، بحق الجحيم؟

كل الأمور الذي خشيتها إسرائيل تتحقق، لاسفنا. واشنطن تستقيم على الخط مع الواقع الجديد في الشرق الأوسط، بدلا من أن تكون مهندسة وتحاول التأثير على تصميمه. روسيا، سوريا وإيران تتمتع بالفراغ الناشيء. وعندما يغيب القط عن البيت، فإن كل الفئران تخرج من الثغور. وها هو فجأة حتى حسن نصرالله يسمح لنفسه بأن يستمتع. ففضلا عن 75 دبابة تنقلها له دمشق، فإنه يرى فجأة كيف أن سيديه (طهران ودمشق) يصبحان شريكين للغرب، دون أن يتغير على الإطلاق.

لا فراغ سياسي

كل التطورات الأخيرة في سوريا غير مشجعة: الأسد، مع روسيا، سيهاجم بداية تنظيم الثوار جبهة النصرة، الذي وإن كان يهدد الأسد إلا أنه عمليا عدو مرير لداعش أيضا. بتعبير آخر: في المرحلة الاولى حتى داعش، للمفارقة، قد يكسبون من التدخل الروسي.

وكلمة أخيرة عن التقارب بين إيران والأسرة الدولية. قالوا لنا أن هذا مجرد اتفاق نووي. أما عمليا فنحن نرى تعاونا في العراق بين الولايات المتحدة وإيران في الحرب ضد داعش، وحوار أمريكي إيراني بالنسبة لمستقبل سوريا.

وأمس انكشفت أيضا صفقة كبرى من 21 مليار دولار بين إيران وروسيا. هذه المرة أنا ملزم بان اتفق مع وزير الخارجية الأمريكي كيري: هذه حقا تبدو كلحظة ميونخ.

  كلمات مفتاحية

أمريكا روسيا إيران نظام بشار حزب الله إسرائيل الاتفاق النووي