كورونا يضرب الكنيسة اليونانية بعد تجاهلهم التحذيرات

الأحد 6 ديسمبر 2020 01:32 م

وجدت الكنيسة الأرثوذكسية اليونانية النافذة، نفسها مجبرةً على مواجهة واقع تفشي وباء "كورونا" المستجد (كوفيد-19)، بعدما كانت إلى درجة كبيرة معارضة للقيود المفروضة لاحتوائه، على خلفية إصابة 5 من أساقفتها بينهم رئيسها نفسه.

ويبدو أن تحدي القساوسة المتشددين للإجراءات وتمسكهم بإقامة طقوس التناول، حيث يتم إطعام المصلين خبزًا سراريًا منقوعًا في النبيذ من ملعقة واحدة، قد قوض كل إدعاءتهم بالإلزام بالإجراءات الصحية، بل ذهب العديد منهم إلى حد الإصرار على أن الإيمان بطقس التناول يمكن أن يحمي الناس من الفيروس.

وأوضح أستاذ علم اللاهوت في جامعة سالونيكي "خريسوتموس ستاموليس"، أن الكنيسة "لم تدرك بدايةً نطاق المشكلة".

وأضاف أنه "في عدة حالات، كان الكبرياء سيد الموقف، فالعديد من (رجال الدين) يعتبرون أنهم غير معرضين للخطر".

لكن أصيب على الأقل 5 أساقفة الشهر الماضي بالفيروس، توفي واحد منهم.

من بينهم "إيرونيموس" البالغ من العمر 82 عاماً، رئيس أساقفة الكنيسة النافذة المهيمنة بقوة على الدولة.

وفي 30 نوفمبر/تشرين الثاني، غادر "إيرونيموس"، مستشفى في أثينا، بعد 12 يومًا من العلاج من الفيروس، وحث اليونانيين على "حجر أنفسهم، واتباع القواعد".

وقال بعيد خروجه من المستشفى: "شعرت بالخوف والألم كما كل الناس".

وتأتي أشد الانتقادات للكنيسة من داخل صفوفها، وهو الأسقف "أنثيموس"، الذي أدان أولئك الذين حثوا اليونانيين، على تجاهل قيود الصحة العامة، وقال: "كنا نعتقد أننا رجال خارقون.. لقد أخفينا حقيقة أننا أصيبنا بالفيروس ووصلنا إلى القبر".

وأضاف "ناسوس إيليوبولوس"، المتحدث باسم حزب المعارضة اليساري "سيريزا": "حقيقة أن هذه كلمات أسقف توضح أن استجابة الكنيسة للوباء كانت موضع شك".

وتابع: "دعونا لا ننسى وجود جمهور محافظ متدين يبدو غالبًا أنه ينكر ليس فقط الإجراءات ولكن وجود الوباء ذاته".

وأشار إلى أنه ليس من الواضح إلى أي مدى ساهمت دور العبادة في انتشار الفيروس في بلد يقول 8 من كل 10 أشخاص، أن الدين جزء مهم من حياتهم.

وفي جبل آثوس أيضاً، لم يكن الرهبان بمنأى عن الفيروس، رغم عزلتهم في تلك المنطقة الجبلية الواقعة في شمال اليونان.

ورغم أن الدولة منعت إقامة الطقوس الدينية كما حظرت كل التجمعات العامة الأخرى، إلا أن كنائس البلاد بقيت مفتوحة خلال فترة الإغلاق الأولى في الربيع، وكذلك خلال الإغلاق الثاني الذي بدأ في 7 نوفمبر/تشرين الثاني.

وانتقد كثر ذلك التساهل من جانب حكومة "كيرياكوس ميتسوتاكيس"، المحافظة التي تملك روابط وثيقة مع الكنيسة.

وألقى بعض المحافظين باللوم بشكل رئيسي على الاكتظاظ في الحانات والمطاعم، ويبدو أنهم يكرهون توجيه أصابع الاتهام إلى الكنيسة، على الرغم من انتشار المرض بوضوح بين صفوف رجال الدين في الأسابيع الأخيرة، لا سيما الأعضاء الأكبر سنًا الأكثر عرضة للإصابة بالفيروس.

وأظهرت صور نددت بها المعارضة، الكثير من رجال الدين دون كمامات، ودون احترام التباعد الاجتماعي، أو أنهم يقومون بتقديم المناولة للناس خلال القداديس.

وشدد "أيرونيموس" نفسه قبل نقله إلى المستشفى، على أهمية مواصلة طقوس المناولة، رغم تحفظات الخبراء العلميين على ذلك.

وقال لصحيفة "كاثيميريني" في الربيع إنه "من دون المناولة لا توجد كنيسة".

وبعيد الإغلاق الثاني، اشتكت رابطة الكهنة اليونانيين من تدابير "مبالغ فيها تعيق حرية الديانة".

لم يدع "أيرونيموس" رجال الدين على "احترام قواعد وتدابير السلطات الصحية المختصة"، إلا بعد تدهور الوضع الصحي، وإصابة العديد من رجال الدين بالفيروس.

وأعلن في 14 نوفمبر/تشرين الثاني، خلال لقاء مع رئيس الوزراء: "نتحمل مسؤولية حماية الإنسان والصحة العامة عبر تصرفاتنا، لنتمكن من الاحتفال بعيد الميلاد في كنائسنا".

لكن لا يبدو أن رئيس الأساقفة قد تمكن من إقناع رجال الدين في كنيسته، وفي رسالة إلى "أيرونيموس" في 10 نوفمبر/تشرين الثاني، قال "سيرافيم" أسقف كيثيرا: "في الواقع، أعطينا المفاتيح لكنائسنا".

وبشكل عام، جاء ردّ رجال الدين "إشكالياً على أقل تقدير"، وفق "ألكسندروس ساكيلاريو"، المحاضر في الدين في جامعة اليونان.

وأضاف: "يمكننا القول إنهم، ككهنة أرثوذكس (...) يأملون بلقاء خالقهم".

وقال إنه في الفترة الممتدة بين مايو/أيار وأكتوبر/تشرين الأول، وصل الأمر ببعض الكهنة إلى حد السخرية من المصلين الذين يحضرون بكمامات إلى الكنيسة، "لا سيما في المناطق الريفية".

وشارك العديد من المسؤولين الدينيين باحتفالات وطنية هامة دون كمامات، مثل حفل تنصيب وزراء جدد في أغسطس/آب، وخلال احتفال ديني بارز في سالونيكي في أكتوبر/تشرين الأول.

وصل الأمر بأن أعلن أسقف متقاعد شفي من فيروس "كورونا"، أن "علاجه المنتظم" كان قائماً على المياه المقدسة.

ويرى "ساكيلاريو"، أن "الكنيسة خلقت عقبات أمام الدولة"، التي تدفع رواتبها، "بدل مساعدتها"، مضيفاً أنه "لم تبد أي طائفة دينية أخرى (في اليونان) اعتراضات مماثلة".

في عيد الفصح، الذي يشكل أبرز احتفال ديني في اليونان، رفضت الكنيسة تعليق تقديم المناولة.

ويعتبر المجلس الأعلى للكنيسة أنه لا يوجد خطر بانتقال العدوى عبر المناولة التي يتم خلالها غمس القربان في كأس نبيذ واحد، قبل تقديمه للمصلين.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني أيضاً، وصفت الكنيسة الدعوات لتعليق المناولة بأنها في غير مكانها و"مبالغ فيها"، في حين شبّه أسقف كريت وضع الكمامة بـ"العبودية".

وأجريت العديد من حفلات الزفاف والعمادة بدون تدابير وقائية خلال الصيف، ويشتبه أنها أسهمت في رفع معدل انتقال العدوى.

لكن على الكنيسة "أخيراً أن تخضع للعلم، الذي لم تجمعها معه قط علاقات طيبة"، وفق "ساكيلاريو".

ويخشى الأكاديمي في الأثناء من أن يبقى جزء من رجال الدين مشككاً بخطورة الفيروس، موضحاً "إذا ما قرأنا مقالات علماء اللاهوت والكهنة، نرى بوضوح أن هذا الموقف لا يزال قائما".

المصدر | الخليج الجديد + وكالات

  كلمات مفتاحية

إصابات كورونا كنيسة اليونان كورونا كهنة أساقفة يونان

كورونا يجبر كنيسة مصر على تعليق أهم صلوات العام