استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

عالم ما بعد كورونا

الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 08:38 ص

عالم ما بعد كورونا

الجائحة ردعت الخطاب الانعزالي الذي بدأ يجتاح العالم مع صعود اليمين المتطرف والقادة الشعبويين!

كورونا سلطت الضوء على فشل مؤسسي كبير بدول كان يشار لها بالبنان وتعتبر نموذجاً في المؤسساتية والخدمات الحكومية.

ثقافة زرعها الفيروس لن تزول ومع تعود العالم على نمطها سنشهد تراجعاً في اللقاءات الدولية الحاشدة لصالح لقاءات إلكترونية.

تغيرات طرأت على حياتنا اليومية وتجربتنا البشرية قد تستمر آثارها بعد زوال كابوس الجائحة ليست بالضرورة سلبية بل بعضها إيجابي.

*     *      *

عام طويل عشنا فيه جميعاً تجربة فريدة، خلال أسابيع قليلة وجدنا أنفسنا في عزلة، أصبحت أبسط الأمور التي تعودناها أحلاماً نتذكرها بود، وأصبح أقرب الناس إلينا أبعد من أن نصل إليهم.

وها نحن اليوم نعود تدريجياً للحياة كما تعودناها، مازالت الأقنعة تلازمنا، ومازلنا نتردد عندما نلتقي ببعضنا البعض هل نسلم باليد أم نكتفي بالإشارة، وبفضل من الله وخلال أسابيع قليلة سينتشر اللقاح عبر العالم وشيئاً فشيئاً سنتخلى عن آخر تبعات هذه الجائحة علينا جميعاً.

ولكن هناك بعض التغيرات التي طرأت على حياتنا اليومية وتجربتنا البشرية قد تستمر آثارها لما بعد زوال كابوس الجائحة، هي ليست بالضرورة سلبية بل إن بعضها إيجابي إلى حد كبير.

لعل أحد أهم الآثار التي ترتبت على هذه الجائحة تحول المؤتمرات والاجتماعات المحلية والعالمية إلى شاشات أجهزتنا، مؤتمرات كانت تكلف آلافا وربما ملايين الدولارات أصبحت الآن تقام بدون أي تكاليف تقريباً.

ووفر الآلاف من البشر عشرات الساعات من الطيران والإقامة في الفنادق وبدلات السفر، هذه الثقافة التي زرعها الفيروس لا أعتقد أنها ستزول معه، اليوم ومع تعود العالم على هذا النمط لا شك أننا سنشهد تراجعاً في اللقاءات الدولية والمؤتمرات الحاشدة لصالح اللقاءات الإلكترونية.

الشيء نفسه ينسحب على التعليم، فرغم التململ المستمر من التعليم عن بُعد، إلا أن هذه التجربة طورت من تقنية التعلم عن بُعد بشكل يجعل التعليم المدمج أسهل وأنجع.

لذلك لا يُستبعد أن نرى نمواً في الاعتماد على الأدوات التي استخدمت قسراً في هذه الجائحة لتطوير العملية التعليمية بشكل أكبر، هذه الأدوات معظمها كان موجوداً قبل كورونا بعقود.

لكن الجائحة كانت بمثابة برنامج تدريبي إلزامي لأطراف العملية التعليمية واختبار وتجويد للخدمات المقدمة بشكل سيرفع درجة القبول بالتعامل معها على نطاق واسع.

لا أريد أن أبالغ في التفاؤل، لكن هناك ثقافة صحية جديدة اكتسحت العالم، من منا اليوم لا يدرك أهمية التعقيم وكيفية التعامل مع انتشار الفيروسات والأوبئة.

هناك ثقافة كانت حكراً على القطاع الطبي اليوم أصبحت ثقافة شائعة، لبس الكمامات والتباعد الاجتماعي وعزل المرضى واستخدام المعقمات، كل ذلك سيختفي تدريجياً من الممارسة اليومية، ولكن الثقافة المرتبطة به ستبقى، على الأقل للجيل الذي عاش تفاصيل هذه الأزمة.

على مستوى المؤسسات كانت هذه التجربة بتحدياتها فرصة لاختبار الإمكانيات المؤسسية في مختلف القطاعات، جائحة كورونا سلطت الضوء على فشل مؤسسي كبير في دول كان يشار لها بالبنان وتعتبر نموذجاً في المؤسساتية والخدمات الحكومية.

اليوم هناك مراجعة شاملة لأداء مختلف القطاعات عبر العالم، هذه الإخفاقات المتراكمة شكلت جرس إنذار مهم لتطوير المؤسسات الحكومية وضمان جاهزيتها لتحديات قادمة.

من الآثار الجانبية المهمة لهذه الجائحة ردع الخطاب الانعزالي الذي بدأ يجتاح العالم مع صعود اليمين المتطرف والقادة الشعبويين.

فبعد أن أعلن ترامب وفاة العولمة من على منصة الأمم المتحدة قبل عامين أثبتت هذه الجائحة أن الخيار الوحيد أمام البشرية هو العمل المشترك، وأن اعتقاد دولة ما مهما كانت قوتها أنه بإمكانها أن تكون في منأى عن المخاطر التي تجتاح العالم هو ضرب من الخيال.

اليوم تعمل العديد من دول العالم بشكل جماعي لمواجهة آثار الجائحة، وتعود المؤسسات الدولية لتلعب دوراً محورياً في قيادة الجهود العالمية.

هذه الجائحة كانت ولا زالت مصدر آلام كثيرة وخسائر كبيرة، ولكن، وكما هو الحال مع كل الكوارث والمصائب التي مرت بها البشرية، سيكون لها آثار إيجابية وستطور من التجربة الإنسانية في مجالات مختلفة، بعض هذه التطورات ندركه اليوم والبعض الآخر نتركه للزمن، ولتطورات التاريخ ومنحنياته.

* د. ماجد محمد الأنصاري أستاذ الاجتماع السياسي المساعد بجامعة قطر

المصدر | الشرق القطرية

  كلمات مفتاحية

جائحة، كورونا، ثقافة طبية، مؤتمرات إلكترونية، التعليم عن بعد، العولمة، الشعبوية، تغيرات،

كورونا.. أكثر الكلمات بحثا على جوجل في 2020

الصحة العالمية تدعو للاستعداد إلى ما هو أسوأ من كورونا