استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

انتقائية فاسدة.. ازدواجية التعامل مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان

الثلاثاء 8 ديسمبر 2020 10:11 ص

انتقائية فاسدة… عن ازدواجية التعامل مع ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان

فلنعد النظر ونعمل الضمير والعقل دون معايير مزدوجة ودون انحيازات.

البعض يتضامن بدرجة أقل مع القابعين وراء الأسوار من الديمقراطيين أصحاب الرؤى غير العلمانية.

نصر على الانتقاء بين الضحايا ونتورط في ترويج الانتقاء كنمط وجاهة اجتماعية أو حسابات سياسية فاسدة.

البعض ينتقي وفقا لمعايير القرب والبعد الإيديولوجي، فيطلق حملات دؤوبة للتضامن مع المسلوبة حريتهم من المنتمين لليسار واليمين المعارض.

*     *     *

ينتقص من القيمة الأخلاقية والإنسانية لحقوق الإنسان، وفي التحليل الأخير يتناقض معها، أن يتعامل نفر من المدافعين عنها بانتقائية مع المظالم والانتهاكات التي تنزلها الحكومات السلطوية بالمواطنين في بلاد العرب والشرق الأوسط.

البعض ينتقي وفقا لمعايير القرب والبعد الإيديولوجي، فيطلق حملات دؤوبة للتضامن مع المسلوبة حريتهم من المنتمين لليسار واليمين المعارض، ويتضامن بدرجة أقل مع القابعين وراء الأسوار من الديمقراطيين أصحاب الرؤى غير العلمانية..

ويسكت بصورة شبه كاملة عن المسجونين والمحبوسين احتياطيا الذين لم يثبت عليهم التورط في خروج على القانون من أعضاء جماعات وتيارات إسلامية ومتعاطفين معها.

البعض الآخر ينتقي وفقا لمعايير القبول المجتمعي للضحايا أو مدى استعداد الناس للتعاطف معهم، فيطلق حملات متتالية للتضامن مع فاعلي المجتمع المدني والشباب المسلوبة حريتهم بسبب معارضتهم للسلطوية الحاكمة والذين تتعاطف معهم قطاعات مؤثرة على شبكات التواصل الاجتماعي.

بينما يتجاهل آخرين من البعيدين عن المجتمع المدني والمنتمين للمعارضة السلمية والذين لا يقل على الأرجح عدد المسجونين والمحبوسين احتياطيا منهم عن عدد ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان بين صفوف الشباب.

البعض الثالث ينتقي وفقا لمعايير الاهتمام الإعلامي بالضحايا، فيطلق حملات للتضامن مع الضحايا المعلومة أسماؤهم من المسلوبة حريتهم.

بحيث ينقلب الأمر تدريجيا إلى ممارسة أشبه «بالوجاهة الاجتماعية» التي تستبعد من سياقاتها غير المعروفين إعلاميا من الضحايا وكذلك من لا يحضر اليقين بشأن اهتمام محتمل للإعلام ولشبكات التواصل الاجتماعي بحالاتهم.

البعض الرابع يتجاهل انتهاكات حقوق الإنسان التي تتراكم في بلدان تتعاطف حكوماتها مع جماعات وتيارات إسلامية أو توظف حضورهم على أراضيها كورقة سياسية في الصراعات الإقليمية، بينما ينتقد الانتهاكات التي تتورط بها حكومات ذات نهج عدائي إزاء الإسلاميين.

البعض الخامس يصمت عن الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها الحكومات المتعاقبة في إسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني الذي يرى أراضيه في القدس والضفة الغربية يتواصل سلبها وحلمه في تقرير المصير والدولة المستقلة يحتضر وحقوق وحريات الفلسطينيين المقيمين داخل حدود 1948 تتأكل بفعل ممارسات عنصرية فاضحة.

يصمت هؤلاء عن الجرائم والانتهاكات الإسرائيلية لأن حكومات بلدانهم اختارت التقارب الدبلوماسي والسياسي والتجاري مع حكومة بنيامين نتنياهو واتجهت للتنسيق الإقليمي معها في مواجهة السياسات الإيرانية.

يفعلون ذلك، على الرغم من أن التقارب مع إسرائيل لا ينزع الحق في انتقاد انتهاكات حكوماتها ولا في الانتصار للشعب الفلسطيني.

لست أبدا برافض لحملات التضامن مع ضحايا المظالم والانتهاكات من المنتمين لليسار واليمين، ومن فاعلي المجتمع المدني والشباب، ومن المعروفين للرأي العام.

بل أجد أن المشاركة في مثل هذه الحملات بالمتاح لي من أدوات (وهي اليوم الكتابة الصحافية والمحاضرات العلنية) تمثل التزاما أخلاقيا وإنسانيا وأن «اللافعل» هنا هو اختيار العاجزين.

غير أن الرفض والنقمة يعبران عن جوهر موقفي إزاء الممارسات الانتقائية بشأن الضحايا والتي تنتهي إلى التمييز ضد بعضهم وتجاهل حقوقهم وحرياتهم المسلوبة أو بشأن الحكومات التي تتورط في الانتهاكات لتبييض سجل هنا وتلميع صورة هناك.

ننتقي بين الضحايا، ونصر على الانتقاء، ونتورط أحيانا في الترويج للانتقاء كنمط من أنماط الوجاهة الاجتماعية أو لحسابات سياسية فاسدة. فلنعد النظر ونعمل الضمير والعقل دون معايير مزدوجة ودون انحيازات.

* عمرو حمزاوي باحث بجامعة ستانفورد، أستاذ العلوم السياسية المساعد سابقا.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

ازدواجية، الانتهاكات الإسرائيلية، التيارات الإسلامية، المجتمع المدني،