حصاد 2020.. 4 دول عربية تنضم لركب التطبيع مع إسرائيل

الخميس 31 ديسمبر 2020 11:34 ص

شهد عام 2020 تسارعا مفاجئا في ملف التطبيع العربي مع إسرائيل، وتحديدا في النصف الثاني منه؛ حيث أعلنت كل من السودان والإمارات والبحرين والمغرب الموافقة على إقامة علاقات رسمية مع دولة الاحتلال، ووقعت الثلاثة الأخيرة بالفعل على اتفاقيات بالخصوص. 

وأظهر هذا التسارع بوضوح أن مركزية القضية الفلسطينية تلاشت تماما من سياسات الأنظمة في دول الشرق الأوسط، وأن أولويات تلك الدول باتت اقتصادية على المستوى المحلي، واستراتيجية على مستوى إعادة التنظيم الإقليمي لمواجهة إيران.

كما جاء توالي إعلان دول عربية تطبيع العلاقات مع إسرائيل بمثابة إعلان غير رسمي لانتهاء مبادرة السلام العربية، التي أطلقتها السعودية عام 2002، وأيدتها بالإجماع دول جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

فالمبادرة التي أعلنها العاهل السعودي الراحل الملك "عبدالله بن عبدالعزيز" اشترطت ثمنا للتطبيع مع إسرائيل، وهو تأسيس دولة فلسطينية على الأراضي المحتلة عام 1967، بقصد الشروع أولا في عملية من شأنها إنهاء الاحتلال الإسرائيلي مقابل إقامة علاقات رسمية بين تل أبيب والدول العربية.

السبق للإمارات والبحرين

البداية قادتها الإمارات والبحرين؛ حيث وقعا اتفاقي تطبيع مع إسرائيل، منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، في الحديقة الجنوبية للبيت الأبيض، ما قرأه مراقبون آنذاك باعتباره دعما للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في منافسته الانتخابية، التي خسرها في نوفمبر/تشرين الثاني.

وقوبل الاتفاقان بتنديد فلسطيني واسع؛ إذ اعتبرتهما الفصائل والقيادة "خيانة"، و"طعنة" في ظهر الشعب الفلسطيني.

لكن الإمارات لم تأبه بالموقف العربي أو الفلسطيني ، وألغت قانونا يحظر التجارة مع إسرائيل.

أما البحرين، فتسيطر على صناعة القرار بها خلفية ارتدادات الربيع العربي والتهديد الوجودي الذي واجهه نظامها الملكي الحاكم، ولذا فالمنامة ترى أنها أكثر أهداف إيران عرضة للخطر، وباتت تعتبر إسرائيل الدولة الأكثر أهمية في مواجهة طهران.

وتأمل البحرين في الحصول على أسلحة أكثر تطورا من واشنطن، وفرص تجارية أو سياحية جديدة من إسرائيل، لكنها ترى هذه المكاسب ثانوية.

فتوثيق العلاقات مع إسرائيل هدفا بحد ذاته من وجهة نظر النظام البحريني؛ نظرًا لتركيز المنامة على التهديد الإيراني.

لكن معارضة التطبيع منتشرة على نطاق واسع في المجتمع البحريني، وتم التعبير عنها في بيان وقعته 17 مجموعة سياسية ومدنية تمثل الإسلاميين السنة والشيعة واليساريين والقوميين والمنظمات المهنية والعمالية.

وهنا يبرز أهم ملمح لوجوه الاختلاف بين أبوظبي والمنامة في السير نحو التطبيع مع إسرائيل، وهو "الموقف الشعبي"، الذي يبدو ممانعا في البحرين وشبه غائب في الإمارات.

وفي هذا الإطار، كانت أبوظبي الأكثر تعميقا لخطوات التطبيع بتسارع ملحوظ إلى مستوى "شعبي"، شمل الاقتصاد والفن والثقافة والرياضة والإعلام، وغيرها من المجالات، وهو ما رصده "الخليج الجديد" في تقرير سابق.

السودان وقائمة الإرهاب

في بيان مشترك، أعلن قادة الولايات المتحدة وإسرائيل والسودان، في 23 أكتوبر/تشرين أول الماضي، توصل الخرطوم وتل أبيب لاتفاق تطبيع.

وفي اليوم نفسه، أعلن البيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، أبلغ الكونجرس نيته رفع السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، التي أدرج عليها منذ عام 1993.

وكجزء من الاتفاق، كان على السودان دفع 335 مليون دولار للعائلات التي تضررت من هجمات على السفارتين الأمريكيتين في نيروبي ودار السلام عام 1998، والمدمرة الأمريكية كول عام 2000.

وأعلنت الولايات المتحدة رسميا، في 14 ديسمبر/كانون الأول، رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب، بعد اتفاق التطبيع؛ لتصبح بذلك الدولة العربية الخامسة التي تعلن تطبيع العلاقات مع إسرائيل بعد مصر والأردن والإمارات والبحرين.

رمزية خاصة للتطبيع السوداني لا يمكن تجنبها؛ فقد كانت الخرطوم مكان مؤتمر القمة العربي الذي عقد بعد هزيمة 1967 وتعهد فيه القادة العرب بعدم التصالح أو الاعتراف أو التفاوض مع إسرائيل فيما صار يعرف باللاءات الثلاث.

ولا يمكن فصل الخطوة السودانية عن تحفيز "الإمارات" في العلن و"السعودية" في الكواليس، وهو ما أشار إليه تحليل "جين بابتست غالوبين" من المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية.

يشير "غالوبين" إلى أن الدعم المالي السعودي والإماراتي للجنرالات في السودان "أعطى لهم ورقة نفوذ لمواجهة المطالب الشعبية للحكم المدني وساعدهم على تشكيل ميزان السلطة غير المتوازنة. ومنحهم القدرة على التحرك في فترة من التعبئة المدنية".

المغرب وصفقة الصحراء

وكان المغرب رابع دولة عربية تعلن الموافقة على التطبيع مع إسرائيل خلال العام 2020، على خلفية ما رآه مراقبون "صفقة غير معلنة" تتعلق بالموقف الدولي والأمريكي من قضية السيادة على الصحراء الغربية.

فتطورات الموقف الدولي من قضية إقليم الصحراء عام 2020 تمثل محورا أساسيا للإجابة على التساؤلات بشأن اتجاه المغرب للتطبيع مع إسرائيل؛ إذ كان بامتياز "عام الاختراق المغربي في إقناع دول عدة بفتح قنصليات لها في الإقليم".

ومنذ 1975، هناك نزاع بين المغرب و"البوليساريو" حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة، وتحول إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار اعتبر الكركرات منطقة منزوعة السلاح.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تأوي لاجئين من الإقليم المتنازع عليه.

وللمغرب خصوصية عن باقي الدول العربية في العلاقة مع إسرائيل؛ فهو صاحب أكبر جالية يهودية في دولة الاحتلال، كما أنه لعب دورا كبيرا على يد الملك الراحل "الحسن الثاني" في اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين، كما كان له اتصالات رسمية مع إسرائيل لأكثر من 6 سنوات حتى توقفت بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

مصادر مطلعة أكدت لـ"الخليج الجديد" أن قرار المغرب إعادة الاتصالات مع إسرائيل وتطبيع علاقته معها، استغرق عاما ونصف العام، وجاء بعد نصيحة من ولي عهد أبوظبي الشيخ "محمد بن زايد".

وأوضحت المصادر أن "بن زايد" أقنع صديقه العاهل المغربي الملك "محمد السادس" بالتطبيع مع إسرائيل مقابل اعتراف أمريكي بسيادة الرباط على الصحراء الغربية.

وبإعلان التطبيع، أصبح المغرب الدولة المغاربية الوحيدة التي تقيم علاقات مع إسرائيل إثر قطع موريتانيا علاقاتها مع تل أبيب في 2010، وهو ما يعتبر اختراقا إسرائيليا لافتا لمنطقة المغرب العربي.

دول التطبيع 2021

هل يتوقف قطار التطبيع عند هذا الحد؟ الإجابة يحكمها تصور سائد بدوائر صناعة القرار عالميا، مفاده أن عصر النفط الكبير يقترب من نهايته، وهو ما دفع بعض دول الخليج للبحث عن بدائل.

تريد هذه الدول روابط أعمق مع أنظمة التحالف الغربي مثل حلف شمال الأطلسي (الناتو) من أجل ضمان مستوى الحماية والمصالح أكثر من أولئك الذين أقاموا وجودا عسكريا كبيرا هناك لحماية النفط (الولايات المتحدة وأوروبا)، حسبما نقل موقع "إنسايد أرابيا" عن المحلل السياسي "أليساندرو برونو".

وبإضافة مدى النفوذ السياسي والاقتصادي لدول الخليج على باقي الدول العربية والإسلامية، يمكن قراءة محطات جديدة ربما يصلها قطار التطبيع مع إسرائيل في 2021، خاصة أن السعودية لم تثر اعتراضات قوية على مثل هذه الخطوة.

ظهر ذلك واضحا من موقف الرياض من تطبيع الإمارات والبحرين، وبالنظر إلى درجة خضوع المنامة للرياض فيما يتعلق بمسائل الدفاع والسياسة الخارجية، يمكن الجزم بدرجة من الانفتاح السعودي على تطبيع مستقبلي مع إسرائيل، حسبما يرى "حسن إيبيش" الباحث بمعهد دول الخليج العربية.

دول أخرى مثل سلطنة عمان وموريتانيا قد تكون محطات قريبة لقطار التطبيع، وهو ما لم يستبعده "برونو"، الذي يتوقع أن ينتهي الأمر في الشرق الأوسط بأكمله إلى التوقيع على اتفاقيات للتطبيع مع إسرائيل "من أجل البقاء".

يلخص المحلل السياسي المستقل رؤيته بأن الحسابات الاستراتيجية ستعلو على أي اعتبارات أخرى في النهاية، حتى في الدول ذات التاريخ الصراعي مع إسرائيل، مشيرا إلى أن "سوريا كانت تفاوض في محادثات بوساطة تركيا لتطبيع العلاقات مع إسرائيل في 2009-2010".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع إسرائيل التطبيع العربي مع إسرائيل المغرب البحرين الإمارات السودان السعودية سلطنة عمان موريتانيا