و. س. جورنال: الشعوب العربية لن تطبع مع إسرائيل.. ومصر خير مثال

الجمعة 18 ديسمبر 2020 01:22 ص

وقف الفنان ​​المصري "محمد رمضان" لالتقاط صورة له مع مطرب إسرائيلي بارز في حفل أقيم في دبي الشهر الماضي. وبعد عودة "رمضان" إلى مصر، رفع محام موال للحكومة دعوى قضائية ضده بتهمة "إهانة الشعب المصري".

وأوقفت نقابة الموسيقيين "رمضان" وأطلقت نقابة الصحفيين المصرية دعوات لمقاطعة المطرب. وتم إلغاء مسلسل تليفزيوني كان له دور فيه. وقال "رمضان" إنه لم يكن يعرف جنسية المطرب. وكتب على "فيسبوك": "لو علمت، لكنت رفضت التقاط الصورة بالتأكيد".

كانت مصر أول دولة عربية تعترف بإسرائيل منذ أكثر من 40 عامًا، لكن رد الفعل الشعبي ضد إسرائيل يظهر تحديات ترجمة العلاقات الحكومية، المدفوعة بالمصالح الأمنية المشتركة، إلى الأوساط الشعبية. كما يمثل ذلك حكاية تحذيرية للإسرائيليين الذين يسعون للحصول على قبول من الشرق الأوسط الكبير وشمال أفريقيا من خلال تطبيع العلاقات مع الحكومات.

وأقامت الإمارات والبحرين علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في سبتمبر/أيلول الماضي، وذلك بوساطة أمريكية تأتي ضمن إعادة تموضع دبلوماسي أوسع في الشرق الأوسط.

وبعد شهر، التحق السودان بركب التطبيع، بعد أن وعدت الولايات المتحدة بشطبه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. وفي ديسمبر/كانون الأول، أصبح المغرب رابع دولة عربية توافق على فتح علاقات دبلوماسية مع إسرائيل، مقابل اعتراف الولايات المتحدة بسيادتها على منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها. وتحاول الولايات المتحدة أيضًا التوسط في اتفاق مماثل بين إسرائيل والسعودية، ومع دول عربية وذات أغلبية مسلمة.

رفضت الدول العربية تاريخيًا إقامة علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل في حال ظل صراعها مع الفلسطينيين دون حل. ولكن أدت مجموعة متنوعة من العوامل، بما في ذلك المصالح الأمنية المشتركة والصفقات التي توسطت فيها إدارة "ترامب"، إلى التقارب بين الجانبين. بعد تطبيع أبوظبي، وافقت إدارة "ترامب" على صفقة أسلحة إلى الإمارات تقدر بـ 23 مليار دولار، بما في ذلك مقاتلة "إف-35" المتقدمة.

يتعمق التعاطف مع الفلسطينيين، في جميع أنحاء المنطقة، وهو ما انعكس في الاحتجاجات الرافضة للتطبيع في السودان والمغرب والحملات التي تدعو إلى مقاطعة المنتجات والمؤسسات الإسرائيلية. ومع ذلك، أشار مسؤولون إسرائيليون إلى الاستقبال الحار الذي لقيه الإسرائيليون في دبي عند السفر للعمل أو السياحة كإشارة إلى أن الكثيرين في الشرق الأوسط مستعدون لقبولها.

قال "ليور بن دور"، الدبلوماسي الإسرائيلي في فيديو باللغة العربية رداً على جدل موضوع "محمد رمضان": "من الغريب والمضحك أن تثير صورة بسيطة مع إسرائيلي كل هذا الجدل.. نتفهم تضامنكم كعرب مع الشعب الفلسطيني، لكن هل تعتقد حقاً أن انتقاد محمد رمضان يخدم قضيتهم؟".

بالنسبة للمصريين العاديين، فقد أدى الغضب من الممارسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، والعداء المستمر منذ أن كانت الدولتين في حالة حرب، وكراهية بعض المسؤولين لها إلى جعل الاتصال بالإسرائيليين نادرا وجعل الروابط الموجودة غالبا ما تكون سرية.

كما أن الرحلة المباشرة الوحيدة من القاهرة إلى تل أبيب ليست مدرجة في الجداول العامة في مطار القاهرة وتطير بدون العلم المصري، وأيضا تندر التبادلات بين الأكاديميين والفنانين وأعضاء البرلمان المصري والإسرائيلي. 

احتلت إسرائيل المرتبة 27 بين الشركاء التجاريين لمصر اعتبارًا من عام 2018، وفقًا لبيانات البنك الدولي. كما أن المؤسسات المرتبطة بالحكومة في مصر، مثل النقابات التجارية، تثني أعضاءها عن الاتصال بالإسرائيليين. وقد استمر هذا الوضع بالرغم من تعاون مصر الوثيق مع إسرائيل في المجال الأمني ​​والعلاقة الدافئة بين الرئيس "عبد الفتاح السيسي" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو".

ويعتبر هذا "السلام البارد" نتيجة منطقية للنهج المزدوج الذي تتبنا القاهرة، حيث تشارك في علاقة دافئة في القمة، لكنها تحد من الروابط الاجتماعية والمؤسسية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى الخوف من فقدان الشرعية العامة.

وقال المحلل السياسي المصري "هشام قاسم": "لم تكن لدينا علاقات جيدة مع إسرائيل من قبل، لكنها بين السيسي وإسرائيل فقط.. وأي شيء آخر خارج ذلك غير مسموح به".

بدأت العلاقة المعقدة بعد وقت قصير من توصل القاهرة إلى اتفاقية سلام مع إسرائيل في عام 1979، في أعقاب حرب أكتوبر 1973. سمحت المعاهدة لمصر باستعادة السيطرة على شبه جزيرة سيناء، التي احتلتها إسرائيل سابقًا في حرب الأيام الستة عام 1967. 

حافظ الرئيس المصري الأسبق "حسني مبارك" منذ عام 1981 حتى الإطاحة به في عام 2011، على معاهدة السلام لكنه لم يفعل الكثير لتعزيز الاتصال بين المصريين والإسرائيليين. لقد وصل إلى السلطة في وقت شهد تمردا وتشددا في الشرق الأوسط، بعد الثورة في إيران، واختار "مبارك" عدم الترويج لاتفاق سلام ظل لا يحظى بشعبية لدى العديد من المصريين.

وتوافق توجه "مبارك" مع غضب الشعب المصري من الممارسات الإسرائيلية وتعاطفه مع القضية الفلسطينية. وتحركت الأحزاب السياسية اليسارية والإسلامية ضد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وحروب لبنان وغزة. ولطالما صوّر التليفزيون والسينما المصرية، التي تسيطر عليها الدولة الأمنية، الإسرائيليين في صورة سلبية ومجّد الحروب الماضية ضد إسرائيل.

تعرض أكثر من 12 شخصية مصرية معروفة لانتقادات شديدة بسبب تعاملهم مع إسرائيليين في السنوات الأخيرة، بما في ذلك كبار القادة الدينيين والمفكرين والفنانين، حيث واجه الرئيس السابق للأزهر الشيخ "محمد سيد طنطاوي"، وابلًا من الانتقادات لمصافحة الرئيس الإسرائيلي "شيمون بيريز" في عام 2008. وقال "طنطاوي" في دفاعه: "لم تكن هذه المصافحة هي التي ستدمر الفلسطينيين".

يجادل الإسرائيليون بأنهم يواجهون تحديات أقل للتطبيع الثقافي في منطقة الخليج، ولا سيما مع الإمارات، بالنظر إلى عدم وجود حروب سابقة بين الدول. ويسافر آلاف الإسرائيليين إلى الإمارات كسائحين هذا الشهر، وكثير منهم متحمسون للعلاقة الدبلوماسية الجديدة.

وفي المقابل، عندما اشترى مستثمر إماراتي حصة في "بيتار القدس" في ديسمبر/كانون الأول، قام أنصار فريق كرة القدم الإسرائيلي بكتابة شتائم له على جدار ملعبه. وقالت قيادة النادي إن المشجعين المعادين للعرب يمثلون أقلية من المؤيدين.

وتواجه إسرائيل مقاومة شعبية أكبر في أماكن أخرى. ففي السودان، تتأرجح اتفاقية السلام بالفعل بسبب المعارضة الداخلية. ويواجه العاهل المغربي أيضا ضغوطا سياسية بسبب موقفه من إسرائيل.

وتواجه إسرائيل أيضًا التحدي المتمثل في إقامة علاقات دبلوماسية مع حكومات استبدادية بينها وبين شعوبها فجوة وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وفي الوقت ذاته، يشعر الإسرائيليون بالقلق من احتمال قيام حكومات ديمقراطية منتخبة في أي من هذه الأماكن.

المصدر | جاريد مالسين/وول ستريت جورنال - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع الشعبي العلاقات المصرية الإسرائيلية التطبيع مع إسرائيل

هآرتس: الأردن ومصر قلقان من التطبيع الإماراتي الإسرائيلي

نقابة الصحفيين المصريين تجدد رفضها التطبيع مع إسرائيل

مشروع سكني إسرائيلي في دبي بمشاركة رجل أعمال سوري