سنتان على انتفاضة الخبز السودانية

الجمعة 18 ديسمبر 2020 09:04 ص

سنتان على انتفاضة الخبز السودانية

حالة كمون وترصّد بين مكوّني مجلس السيادة والحكومة من مدنيين وعسكريين.

أنكر المدنيون في الحكومة معرفتهم بزيارة وفد إسرائيلي، ثم ظهر مسؤول ليتحدث عن «طبيعة عسكرية» للزيارة.

الاستقواء بالقوة العسكرية للحصول على امتيازات تجعل الضباط والجيش خارج طائلة المساءلة يقوض مصلحة السودان ومستقبله.

تجنب الاستبداد العسكري سيحدد مصير البلاد نحو حريات اقتصادية وسياسية أو العودة لطغيان وفساد سياسي ومالي وتراجع السيادة والمصداقية عالميا.

*     *     *

تكاثرت الأحداث السياسية ودلالاتها، بالتزامن مع الذكرى الثانية لانتفاضة السودانيين على نظام عمر حسن البشير، وكان أهمها إعلان الولايات المتحدة الأمريكية إزالة اسم السودان عن قائمة الإرهاب، بعد ما يقارب 28 عاما من الحظر والعزلة الدولية، وهو قرار تشارك مع الدكتاتورية العسكرية، والفساد، في إفقار السودان، ووصوله إلى ما يشبه الكارثة الاقتصادية والسياسية.

توازى الإعلان الأمريكي مع إعلان السودان تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وإذا كانت إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب أحد الشروط التي وضعتها الإدارة الأمريكية على سلطات الخرطوم.

غير أن التعامل معها كشف بوضوح عن حالة الكمون والترصّد بين مكوّني مجلس السيادة والحكومة من مدنيين وعسكريين، فقد أنكر المدنيون في الحكومة معرفتهم بزيارة وفد إسرائيلي، ثم ظهر مسؤول ليتحدث عن «طبيعة عسكرية» للزيارة.

وتبع ذلك هجوم من رئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان على الحكومة محملا إياها مسؤولية الأخطاء، مما استدعى ردا من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك.

أحد أشكال النزاع كان إعلان ما يسمى بمجلس شركاء الفترة الانتقالية، وهو ما اعتبرته أطراف الحكومة محاولة لتقليص مهامها التنفيذية، وكذلك تعرض زيارة قام بها حمدوك إلى أثيوبيا لانتقادات، وبعد تصريحات له قال فيها إن اللقاء كان ناجحا وأنه تناقش مع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد على الحدود وتفعيل دور القوات المشتركة فيها، هاجمت ميليشيات إثيوبية الجيش السوداني في ولاية القضارف، فطار رئيس مجلس السيادة إلى الحدود، وأرسلت القوات المسلحة السودانية تعزيزات إليها!

يعبّر الصراع على قمّة السلطة في السودان عمليّا عن محاولة العسكريين الحفاظ على امتيازاتهم وتوسيعها، كما هو الحال مع شركات القوات المسلحة والأجهزة الأمنية، التي يحركها توق ظاهر للاقتداء بالمثال المصريّ.

وفي سبيلهم لذلك يرفضون ولاية وزارة المالية على المال العام، وتحويل شركاتهم إلى شركات عامة، ولذلك فهم يعملون على كبح الانجازات التي حققتها الانتفاضة، وعرقلة التغيير الديمقراطي ومؤسسات المساءلة والشفافية وإزالة آثار النظام السابق.

المثير للسخرية أن العسكريين السودانيين، والذين كانوا مسؤولين عن مجزرة فض الاعتصام أمام مركز قيادة الجيش خلال الانتفاضة، لا يستنكفون عن نسبة المكاسب السياسية التي تحققت بفضل نشوء حكومة مدنية لأنفسهم!

كما هو الحال في خصوص إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب، إليهم، في مقابل اتهام المدنيين بالمسؤولية عن الانهيار الاقتصادي، وهي إشارات تكشف عن رغبة واضحة في إعادة الدكتاتورية العسكرية.

تتعاكس الرغبة في إعادة النظام السابق وتكريس الاستبداد العسكري مجددا مع رغبات المنظومة الدولية، التي استبشرت بعودة الحكم المدني، وقدمت وعودا عديدة لدعم الفترة الانتقالية والانتخابات المقبلة، لإيصال البلاد إلى مرحلة أكثر ديمقراطية، وهو ما يدفع العسكريين لمحاولة اللعب على الموضوع الإسرائيلي، وطلب الرعاية من دول إقليمية مناهضة للديمقراطية.

تتضارب مصلحة السودان، والسودانيين عموما، وازدهارهم الاقتصادي، وحرياتهم الاجتماعية والسياسية، مع نزوع الاستقواء بالقوة العسكرية للحصول على امتيازات تجعل الضباط والجيش خارج طائلة المساءلة.

وسيكون هذا الأمر هو الامتحان الذي سيحدد مصير البلاد، باتجاه الحريات الاقتصادية والسياسية والتعبيرية، أو باتجاه العودة للطغيان والفساد السياسي والمالي وتراجع السيادة والمصداقية والسمعة في العالم.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

السودان، 18 ديسمبر، الاستبداد، العسكر، امتيازات، الفساد، انتفاضة الخبز، إسرائيل،

آلاف السودانيين يحتجون للمطالبة بالإسراع في إجراء الإصلاحات