استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

التحريض الفرنسي على تركيا: معركة ماكرون الخاسرة

الاثنين 21 ديسمبر 2020 04:11 م

التحريض الفرنسي على تركيا: معركة ماكرون الخاسرة

تُحرّك الاعتبارات السياسية الداخلية مقاربة ماكرون تجاه تركيا.

لم يطالب بعقوبات قطاعية وبحظر صادرات إلى تركيا إلا فرنسا واليونان وقبرص.

يلعب ماكرون "لعبة معقّدة تتداخل فيها الأبعاد السياسية الخارجية مع تلك الداخلية".

ألمانيا تطرح رؤية أكثر مرونة من فرنسا عبر إعطاء الأولوية للحوار رغم موافقتها على العقوبات المحدودة.

تُظهر عقوبات محدودة فرضها الاتحاد الأوروبي على تركيا تراجعاً متزايداً لنفوذ فرنسا أوروبيًا بعدما دعت لممارسة ضغوط قصوى على أنقرة.

ماكرون يحاول استقطاب اليمين المتطرّف لمضاعفة ناخبيه والفوز برئاسة ثانية ويوظف كراهية الإسلام في أوساط اليمين ويُدخل الخلافات مع تركيا في السياق.

*     *     *

عندما قرّر الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تصعيد مواجهته مع نظيره التركي، رجب طيب إردوغان، أَمل أن يحظى بدعم شركائه الأوروبيين لفرض عقوبات مشدّدة على أنقرة.

لكنّ قمّة المجلس الأوروبي الأخيرة، التي عُقدت في 10 و11 كانون الأول/ ديسمبر، أبرزت عمق الانقسامات الأوروبية حول هذا الموضوع، ولا سيّما أن المقاربة الفرنسية لم تكن محطّ إجماع بين بقية المشاركين.

فقد حرصت كلٌّ من المجر وبلغاريا على الحفاظ على علاقاتهما التجارية الجيّدة مع تركيا، بينما سعت كلٌ من إيطاليا وإسبانيا ومالطا إلى إظهار مواقف مشابهة، على اعتبار أنّ ما يجمعها مع أنقرة هو العلاقات في مجال الطاقة وفي الميدان العسكري، إضافة إلى التجارة.

أمّا ألمانيا، فما زالت تطرح رؤية أكثر مرونة من تلك الفرنسية، عبر إعطاء الأولوية للحوار، على الرغم من موافقتها على العقوبات المحدودة.

بالتالي، لم يطالب بعقوبات قطاعية وبحظر صادرات إلى تركيا سوى فرنسا واليونان وقبرص. وبناءً عليه، "مُني المدافعون عن موقفٍ حازم حيال أنقرة بنكسة قاسية خلال الاجتماع الأخير للمجلس الأوروبي"، على حدّ تعبير ديدييه بيون، الخبير الجيوسياسي والمدير المساعد في "معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية".

والذي يوضح أن "العقوبات التي فُرضت رمزية لا أكثر، وهي لا ترقى إلى المستوى الذي أراده ماكرون". من جهته، يعتقد بيرم بالتشي، مدير "المعهد الفرنسي للدراسات الأناضولية في اسطنبول"، بأن أبعاداً جيوسياسية، إضافة إلى تلك الاقتصادية، حكمت موقف دولٍ أوروبية تحاول الحدّ من انزياح أنقرة نحو الشرق.

وهو يشير إلى أن "هذه العقوبات لن تؤذي تركيا، لأنها تستهدف حصراً شخصيات مقرّبة من نظامها"، مضيفاً أنه "سيتمّ تجميد أصولهم في أوروبا ومنعهم من السفر نحو البلدان الأوروبية التي لا يزورونها أصلاً".

ويبيّن بالتشي، في هذا المجال، أنه "لو تمّ اعتماد عقوبات اقتصادية، لكان وقعها على أنقرة أكبر، لكن منع التجارة مع الشركات التركية سلاح ذو حدّين، قد يكون ضارّاً بالبلدان الأوروبية".

علاوة على ذلك، هو يلفت إلى أن "النموذج الروسي ما زال ماثلاً أمام أوروبا، بعدما أدّت العقوبات إلى نتائج سلبية. فهي لم تؤدّ إلى انفتاح روسيا تجاه القارّة، بل عزّزت موقع الرئيس فلاديمير بوتين".

وبالعودة إلى الموقف الفرنسي المتشدّد من تركيا، فإن ما يحرّكه صلته الوثيقة بالتدهور التدريجي في العلاقات بين الدولتين، على وقع القضايا الخلافية الكثيرة بينهما. كما أن المشاركة التركية الفعّالة في عدد من النزاعات، والتي قادت إلى تحوّل في موازين القوى الميدانية لمصلحة أنقرة، تُفاقم من غيظ باريس.

وفي هذا السياق، يقول بيون إن "الإليزيه لم يتقبّل دور أنقرة في قلب موازين القوى في ليبيا، حيث باتت فرنسا في موقع المتفرّج ولم تعد قادرة على دعم خليفة حفتر". كذلك، يلفت إلى فشل باريس في معركة ناغورنو قرباخ، حيث دعمت أرمينيا شفهياً على رغم عضويتها في "مجموعة مينسك الدولية".

من جهة أخرى، فإن ما لا يمكن تجاهله هو أن تركيا، التي تملك ثاني أكبر جيش في "حلف شمال الأطلسي"، طوّرت صناعاتها الدفاعية، بينما تُجاهر بتوجّهها نحو المزيد من الاستقلالية في هذا الحقل.

مسارٌ يتلازم مع نموّ قدرتها على التدخّل الخارجي، ما يعكس رغبة في الوصول إلى مستوى من النفوذ والتأثير موازٍ لذلك الذي تتمتّع به القوى الغربية. "بشكل عام، هناك صعوبة كبيرة لدى العديد من الدول الغربية، وفي مقدّمتها فرنسا، في التكيّف مع فكرة أنها لم تعد تستطيع فرض إملاءاتها على بقية دول العالم".

يقول بيون، مشيراً إلى أن "عدداً متعاظماً من هذه الدول، ومن بينها تركيا، يزداد استقلالية". ويضيف أنها "لم تقطع تحالفاتها مع دول الغرب لكنها ليست مستعدة لتلقّي الأوامر بخشوع. على المسؤولين الفرنسيين فَهْم هذه الحقيقة، لأنها أضحت معطى بنيوياً في الحياة الدولية".

ويلفت الخبير الجيوسياسي إلى أهمية الاعتبارات السياسية الداخلية لدى ماكرون، والتي تفسّر حزمه في مقابل إردوغان. ويشير إلى المعركة التي يشنّها الرئيس الفرنسي اليوم "ضدّ ما يسمّيه الانفصالية الاسلامية، أي الإسلام السياسي في الواقع"، مضيفاً: "نستنتج أن تكتيكه السياسي مستوحى من ذلك الذي اعتمده نيكولا ساركوزي عندما كان رئيساً".

وفي هذا المجال، يوضح أن ماكرون "يحاول استقطاب جمهور اليمين المتطرّف لمضاعفة عدد ناخبيه والفوز برئاسة ثانية. يحاول توظيف كراهية الإسلام في الأوساط المشار إليها، ويُدخل الخلافات مع تركيا في هذا السياق". ويَخلُص إلى أنها "لعبة معقّدة تتداخل فيها الأبعاد السياسية الخارجية مع تلك الداخلية".

* لينا كنوش كاتبة صحفية لبنانية

المصدر | الأخبار

  كلمات مفتاحية

ماكرون، فرنسا، التحريض، تركيا، أردوغان، ألمانيا، العقوبات، الانفصالية الإسلامية، اليمين المتطرف، ساركوزي، كراهية الإسلام،

تركيا مستعدة لإعادة العلاقات إلى طبيعتها مع فرنسا

أردوغان وماكرون يتجاوزان الخلافات: علاقات التعاون تتمتع بإمكانيات كبيرة

تساهم بنشر الإسلام.. ماكرون: سياسات أردوغان سبب معارضتي انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي