استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

الإمارات.. دولة مارقة بقفاز ذهبي

الخميس 31 ديسمبر 2020 10:06 ص

الإمارات.. دولة مارقة بقفاز ذهبي

بجانب القوة الصلبة تستخدم الإمارات القوة الناعمة كالدين والإعلام والاقتصاد من أجل تنفيذ أجندتها الخارجية.

تعتمد الإمارات على ضخامة الثروة والنفوذ المالي تدفع منه مكافآت سخية لشراء كل ما ومن هو قابل للشراء!

المدهش في سلوك الإمارات اعتراف أصحابه ومؤيديه بل افتخارهم به وبما يرونه إنجازات غير مسبوقة يحققها السلوك المارق!

"الدولة المارقة" يحكمها نظام سلطوي وتنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير وتنخرط بأنشطة إرهابية وتهدد الأمن والسلم.

لا تكاد تجد أزمة أو فضيحة سياسية أو مالية أو استخباراتية بمنطقتنا أو خارجها إلا والإمارات حاضرة فيها بسياسيها ورجالها وعملائها.

*     *     *

حسب علماء العلاقات الدولية، فإن "الدولة المارقة" هي تلك الدولة التي يحكمها نظام سلطوي أو شمولي، وتنتهك حقوق الإنسان بشكل خطير، وتنخرط في أنشطة إرهابية بما يجعلها تمثل تهديدا للأمن والسلم الدولييْن.

بدأ الاستخدام السياسي لهذا المصطلح منذ منتصف التسعينيات، وذلك من خلال مقال نشره مستشار الأمن القومي الأميركي الأسبق، أنتوني ليك، في مجلة فورين أفّيرز (الشؤون الخارجية)، حيث أطلقه على 5 دول في حينها هي: كوريا الشمالية، كوبا، إيران، ليبيا، والعراق تحت حكم صدام حسين.

ومنذ ذلك الوقت تم استخدام المصطلح بشكل مكرر وكثيف في حقل العلاقات الدولية خاصة في مرحلة ما بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، والتحولات التي شهدها العالم، خاصة على مستوى السياسة الخارجية الأميركية.

وقد وصل الأمر إلى حد وصف بعض الباحثين والمفكرين مثل نعوم تشومسكي ووليم بلوم للولايات المتحدة باعتبارها دولة مارقة؛ نتيجة لسياساتها الخارجية، خاصة خلال مرحلة الحرب الباردة.

فقد كانت تستخدم القوة لفرض هيمنتها وتدخلها في العديد من الدول، ودعم الانقلابات العسكرية، والمساعدة على قيام أنظمة سلطوية مارقة كما هي الحال في أميركا اللاتينية خلال حقبتي السبعينيات والثمانينيات.

لكن مفهوم الدولة المارقة شهد تحولات عديدة على مدار العقدين الأخيرين، واتسعت رقعته، ليضم الدول، التي تمارس أنشطة تخريبية وعدائية ضد خصومها، ويقترب سلوك حكامها من سلوك رجال العصابات والمافيا!

إذ يستخدمون كافة الوسائل غير المشروعة لتحقيق أهدافهم من خلال توظيف وتمويل المرتزقة وأمراء الحروب، وغسل الأموال، والتجسس واختراق خصوصيات الأفراد، سواء الحلفاء أو الخصوم، وشراء ولاءات السياسيين داخليا وخارجيا.. إلخ.

وبهذا المعنى، فإن دولة الإمارات يمكن وضعها داخل فئة الدول المارقة الجديدة بامتياز. فهذه الدولة لا تقوم فقط بما سبق؛ بل تستخدم شبكة علاقاتها وحلفائها الدوليين للتغطية على سلوكها العصابوي المارق.

فلا تكاد تجد أزمة أو فضيحة سياسية أو مالية أو استخباراتية في منطقتنا، وأحيانا خارجها، إلا وتجد دولة الإمارات حاضرة فيها سواء بسياسيها أو برجالها وعملائها.

فمن تمويل لحركات المعارضة في مصر، خاصة "حركة تمرد"، وذلك من أجل تهيئة الأوضاع للانقلاب الذي قاده وزير الدفاع آنذاك الجنرال عبد الفتاح السيسي في يوليو/تموز 2013.

ولاحقا تمويل نظامه ودعمه بشكل سخي بمليارات الدولارات ودعمه السياسي في واشنطن، إلى شن حرب مدمرة على اليمن بالتحالف مع السعودية، والسعي لتقسيمه والاستيلاء على موارده وموانئه، إلى تمويل مجرم الحرب في ليبيا خليفة حفتر، ومساعدته عسكريا ولوجستيا ومده بالمرتزقة من روسيا والسودان وتشاد من أجل الاستيلاء على السلطة، إلى حصار قطر والتخطيط لغزوها عسكريا، واستخدام كافة الوسائل لتدمير اقتصادها، والتحريض عليها دوليا من خلال شبكة عملاء من دبلوماسيين وسياسيين وإعلاميين وباحثين، إلى تمويل ورعاية محاولة الانقلاب في تركيا صيف 2016، والمحاولات المتواصلة لتخريب وتدمير عملتها واقتصادها، إلى شراء ولاءات سياسيين أوروبيين وأميركيين من أجل تنفيذ أجندتها الاستئصالية ضد تيارات الإسلام السياسي في كافة أنحاء الأرض بدءا من إندونيسيا وماليزيا (شرقا)، مرورا بالمنطقة العربية، وصولا إلى أوروبا وأميركا الشمالية.

وإذا كانت الدول المارقة تستخدم القوة الصلبة أو الخشنة في سياساتها الخارجية، فإن الإمارات بالإضافة إلى القوة الصلبة، فإنها تستخدم أيضا أدوات القوة الناعمة كالدين والإعلام والاقتصاد من أجل تنفيذ أجندتها الخارجية.

وهي تعتمد في ذلك على حجم ضخم من الثروة والنفوذ المالي، الذي تدفع منه مكافآت سخية لشراء كل ما، ومن هو قابل للشراء من سياسيين ودبلوماسيين وإعلاميين وباحثين وصحفيين ورجال دين.. إلخ!

وذلك تحت يافطات متعددة ذات أسماء براقة كما هي الحال مع مراكز الأبحاث والأكاديميات والجامعات والمجالس الدينية، التي تحتضنها وترعاها ليس فقط بالداخل، وإنما بالخارج أيضا.

كذلك تضم قائمة المستفيدين من هذه الأموال العديد من رؤساء وزعماء الدول سواء الحاليين أو السابقين. وهي تستفيد في ذلك من ثروة هائلة يتجاوز حجمها تريليون دولار تُدار من خلال صندوق أبوظبي السيادي، ناهيك عن عوائد صادراتها النفطية، التي تتجاوز 50 مليار دولار سنويا، بحسب أخر الإحصاءات.

وهي تقوم بشراء النفوذ عبر استخدام "دبلوماسية الشيكات"، التي يتم توزيعها عبر دبلوماسييها وسفرائها ورجالها في الخارج. فحسب العديد من التقارير، فإن السفارات الإماراتية في البلدان المهمة كأميركا وبريطانيا وفرنسا ومصر تعمل كـ"آلات صرف العملة" (ATM)، التي تصرف بدون حساب على أنشطتها في تلك البلدان، متسترة في ذلك خلف الحصانة الدبلوماسية.

أما المدهش في السلوك الإماراتي، فهو اعتراف أصحابه ومؤيديه به؛ بل افتخارهم به، وبما يرونه إنجازات غير مسبوقة يحققها لهم هذا السلوك المارق.

وذلك إلى الدرجة التي دفعت بعض هؤلاء المؤيدين إلى القول بأن العرب يعيشون حاليا تحت ظلال ما يسميه بـ"اللحظة الإماراتية"، التي جاءت نتيجة لضعف وتراجع دور الدول العربية الكبرى كمصر والسعودية والعراق وسورية.

وقد فات على هؤلاء أن بلدهم يسير الآن في الطريق نفسه إن لم يكن أسوأ من تلك التي سارت فيها تلك البلدان، وأدت إلى تراجع مكانتها ونفوذها إقليميا ودوليا؛ ولكنهم قوم لا يفقهون.

* د. خليل العناني أستاذ العلوم السياسية بمعهد الدوحة للدراسات العليا.

المصدر | الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

الإمارات، دولة مارقة، اللحظة الإماراتية، حركة تمرد، نظام سلطوي، حقوق الإنسان، إرهاب، تهديد الأمن والسلم، دبلوماسية الشيكات، مافيا، المرتزقة، أمراء الحرب، غسل الأموال، تجسس،