كيف أصبح الوضع بعد عام من اغتيال سليماني؟

الأحد 3 يناير 2021 01:26 ص

يصادف يوم الأحد 3 يناير/كانون الثاني 2021، الذكرى الأولى لاغتيال الولايات المتحدة للجنرال الإيراني "قاسم سليماني"، باستخدام طائرة مسيرة مسلحة في مطار بغداد الدولي.

وكان "سليماني" شخصية سياسية وعسكرية كبيرة وقد تجاوز دوره منصبه الرسمي كقائد لـ "فيلق القدس" داخل الحرس الثوري، وربما كان يأتي في المرتبة الثانية بعد المرشد الأعلى "علي خامنئي" من حيث التأثير على الكثير من السياسات الأمنية الإيرانية.

وكان "سليماني" يحظى باحترام كبير وشعبية حقيقية بين عامة الإيرانيين، واستمر هذا الاحترام وتلك الشعبية بعد وفاته، وقد انعكس ذلك في الحشود التي خرجت حدادا عليه في عدة مدن إيرانية.

ولا تعبر معظم الأوصاف التي تم إطلاقها على "سليماني" في الولايات المتحدة عن أهميته لدى الإيرانيين.

ولا يوجد نظير أمريكي واحد لـ"سليماني"، ولكن يمكن للمرء أن يبدأ في الشعور ببعض هذه الأهمية من خلال تخيل "جون ماكين" و"ديفيد بتريوس" و"جيمس ماتيس"، أو شخصيات أمريكية أخرى ذات أهمية مماثلة للأمن القومي، كلها مجتمعة في شخص واحد.

وبعد 5 أيام من الاغتيال، أطلقت إيران صواريخ باليستية على قاعدتين في العراق يعمل فيهما بعض الأفراد الأمريكيين، فيما وصفه الحرس الثوري الإيراني بالرد الجزئي على القتل.

ولم تتسبب الضربة الصاروخية في سقوط قتلى أمريكيين، وربما لم تكن مصممة للتسبب في أي قتلى.

وربما كانت الضربة أقل ما يمكن أن يفعله النظام في أعقاب الاغتيال مباشرة، وسط الغضب الشعبي في إيران بسبب الاغتيال.

وصرح قادة إيرانيون بأن ملف اغتيال "سليماني" لم يتم إغلاقه، ما أشار إلى أن المزيد من الردود الانتقامية لم تأتِ بعد.

وتعتبر الذكرى السنوية أحيانا مناسبة في الشرق الأوسط، ليس فقط للذكرى، ولكن أيضا لاتخاذ إجراءات انتقامية.

لذلك من المحتمل أن تمثل هذه الذكرى نقطة ساخنة.

ومع ذلك، فإن لدى القادة الإيرانيين كامل الأسباب لعدم إثارة صراع أمريكي إيراني في الوقت الحالي.

فهم يرون أن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يتوق إلى مثل هذا الإجراء قبل أن تتولى الإدارة الأمريكية الجديدة زمام الأمور، وقد يبحث عن أي عذر لاستخدام العمل العسكري لهذا الغرض.

وليس لدى النظام الإيراني حافز لمنحه هذا العذر.

وربما يظل ملف اغتيال "سليماني" مفتوحا إلى أجل غير مسمى، ويتم تأجيل أي انتقام إيراني إذا سارت العلاقات الأمريكية الإيرانية على مسار أكثر استقرارا في ظل إدارة "بايدن".

لكن هذا الخلل في ميزان العدالة من وجهة نظر إيران سيظل دائما في خلفية العلاقة. 

وفي هذه الأثناء، يجب أن يوفر اغتيال "سليماني" والذكرى السنوية له فرصة للأمريكيين للتفكير بعناية في طبيعة ما فعله كل طرف في هذه العلاقة بالطرف الآخر.

وتعد أكثر الاتهامات الأمريكية التي يتم ذكرها في معرض الحديث ضد "سليماني" هي أن يديه ملطختان بالدماء الأمريكية بسبب علاقته بالعناصر العراقية التي قاتلت القوات الأمريكية.

وبالطبع لدى الأمريكيين الحق في الحداد وتكريم مواطنيهم الذين سقطوا، والإشارة إلى أعداء الحرب بأنهم أولئك الذين أوقعوا إصابات بينهم، حتى ولو كان ذلك في حملة عسكرية مضللة مثل حرب العراق عام 2003.

لكن لا يمنع هذا كله محاولة فهم ما فعله هؤلاء الأعداء ولماذا فعلوا ذلك.

وبدأت الولايات المتحدة تلك الحرب في العراق بعمل عدواني في مارس/آذار 2003.

وقد جاء ذلك بعد وقت قصير من إعلان واشنطن أن إيران جزء من "محور الشر"، بالرغم من تعاونها بعد 11 سبتمبر/أيلول مع الولايات المتحدة في أفغانستان.

لقد شنت الولايات المتحدة حربا ضد دولة تشترك في 900 ميل من الحدود مع إيران، والتي بدأ العراق منها حربه العدوانية ضد إيران وتسببت في خسائر فادحة للإيرانيين في الثمانينيات.

وبالنسبة لـ "سليماني" وزملائه، فإن مساعدة العناصر العراقية التي تقاوم الاحتلال العسكري الأمريكي للعراق كانت، على الأرجح في نظر معظم الإيرانيين، واجبا وشرفا ضروريا حتى لصالح الأمن القومي الإيراني وسط استمرار الحرب.

وبالتفكير بعناية فيما فعله كل جانب، على الأقل فيما يتعلق بالإجراءات الأمريكية الأخرى، يصبح اغتيال "سليماني" قضية رئيسية.

وفي انتهاك للقانون الدولي وأي معيار مقبول للسلوك في العلاقات الدولية، قتلت الولايات المتحدة شخصية بارزة في دولة أجنبية عندما وصل إلى دولة ثالثة مجاورة للتشاور مع رئيس وزراء تلك الدولة المجاورة.

وإذا عكسنا الأدوار، ففكر في كيفية رد فعل الأمريكيين إذا سافرت شخصية سياسية أو عسكرية أمريكية بارزة إلى كندا للتشاور مع رئيس الوزراء الكندي بشأن المسائل ذات الاهتمام المشترك وتعرضت هذه الشخصية للقتل على يد إيران أو أي دولة أجنبية أخرى، بغض النظر عن السبب.

ولا تتوافق عملية اغتيال "سليماني" مع تعريف وزارة الخارجية الأمريكية للعمليات الإرهابية الدولية فقط لأنه تم تنفيذها بشكل علني باستخدام الموارد العسكرية الأمريكية، وليس سرا أو من خلال وسيط من غير الدول.

ولم ينطبق ذلك على اغتيالات بحق شخصيات إيرانية أخرى، لا سيما اغتيال "محسن فخري زاده" في نوفمبر/تشرين الثاني، فضلا عن عمليات القتل السابقة لعلماء نوويين إيرانيين آخرين.

وبالرغم أن إسرائيل هي الجاني المفترض على نطاق واسع وراء عمليات القتل هذه، سيكون لدى الإيرانيين سبب وجيه للاشتباه في دور للولايات المتحدة أيضا.

ولابد من لفت الانتباه إلى هذه الحقائق إذا أردنا ألا نغض الطرف عن اختلال التكافؤ الأخلاقي. 

وفي الواقع يمكن دائما استخراج الاختلافات ذات الصلة الأخلاقية في تلك العلاقة.

لكن النظر طوال الوقت إلى كل شيء يقوم به طرف واحد من هذا الصراع على أنه شائن وكل شيء يقوم به الجانب الآخر على أنه نبيل لا يعكس الطريقة التي يجري بها الصراع، بما في ذلك ما تم في مطار بغداد قبل عام.

المصدر | بول بيلار/ريسبونسيبل ستيت كرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اغتيال سليماني قاسم سليماني غزو العراق فخري زاده العلاقات الإيرانية الأمريكية