المؤسسة العسكرية المصرية بعهد السيسي: تنافس أجهزة الأمن في الاقتصاد والسياسة!

الأحد 3 يناير 2021 07:47 ص

المؤسسة العسكرية المصرية في عهد السيسي: الكشف عن سياسة الفصائل العسكرية

تداعيات مقلقة على حوكمة قطاع الأمن والسياسة الداخلية والأمن الإقليمي.

يشير الدور الاقتصادي والتراجع في التماسك العسكري إلى أن قطاع الأمن ليس وحدة متراصة على الإطلاق.

يزداد التنافس بين الأجهزة القسرية في الاقتصاد والسياسة مع تشديد الجهات العسكرية قبضتها على الأنشطة الاقتصادية.

المنافسة غير المنظمة بين الشبكات المختلفة المترسخة في قطاع الأمن تُضعف ذات المؤسسات التي يرتكز عليها نظام السيسي.

اعتماد مفرط على أجهزة قطاع الأمن لأغراض سياسية واقتصادية يفاقم الانقسامات في القطاع ويعيق الانضباط العسكري بالمدى الطويل.

سلط ملف صدر في ديسمبر 2020 الضوء على توترات بين فصائل الأمن بمصر إذ بدأت سياسة الفصائل في اختراق مؤسسات عسكرية وأمنية مصرية منذ 2013.

تقاطع إنشاء البنية التحتية العسكرية الجديدة مع استراتيجيات إبراز القوّة للشركاء بالخليج وزادت المنافسة بين الفصائل بتوسع دور الأمن في السياسة والاقتصاد.

*     *     *

إليونورا أرديماغني وجوزيب دينتيس

مع اقتراب الذكرى العاشرة للثورة التي أطاحت بالرئيس السابق حسني مبارك، شهد قطاع الأمن المصري تحولًا دقيقًا وثابتًا. يتتبع ملف ديسمبر 2020 الصادر عن المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، والذي نُشر بالتعاون مع برنامج العلاقات العسكرية المدنية في الدول العربية في مركز مالكولم كير–كارنيغي للشرق الأوسط، الانقسامات الناشئة بين الفصائل في قطاع الأمن المصري منذ عام 2013.

تجلت هذه الانقسامات في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي من خلال زيادة التنافس بين الأجهزة القسرية في الشؤون الاقتصادية والسياسية، مع تشديد الجهات العسكرية قبضتها على الأنشطة الاقتصادية. يشير هذا الدور الاقتصادي والتراجع في التماسك العسكري إلى أن قطاع الأمن ليس وحدة متراصة على الإطلاق.

سياسة الفصائل في قطاع الأمن

بحسب ما تشير إليه ريسا بروكس، فإن المنافسة المتزايدة بين الشرطة وأجهزة المخابرات والمؤسسة العسكرية قد جعلت قطاع الأمن محور السياسة المصرية. في الواقع، "من المرجح أن تكون السياسة داخل القطاع القسري هي الأكثر نشاطًا في مصر اليوم،" إذ أن "لكل عنصر من العناصر داخل وبين الطبقة العسكرية والأمنية والاستخباراتية مصالحه الخاصة في زيادة حصته النسبية من الموارد والسلطة في البلاد".

يرى كيفن كوهلر أن "المنافسة غير المنظمة بين الشبكات المختلفة المترسخة في قطاع الأمن لا بد أن تُضعف ذات المؤسسات التي يرتكز عليها نظام السيسي." ويضيف أن "الاعتماد المفرط على أجهزة قطاع الأمن لأغراض سياسية واقتصادية يؤدي إلى تفاقم الانقسامات في هذا القطاع ،" وقد يعيق هذا الأمر الانضباط العسكري على المدى الطويل.

يرى روبرت سبرينغبورغ أن تعزيز العلاقات العائلية والمحسوبية، على حساب العلاقات المؤسساتية، يولد اقتصادًا ذو طابع أمني، إذ يخضع المجال الاقتصادي للقطاع القسري، نتيجة "إلغاء الطابع المؤسساتي لسيطرة النخبة على المناصب القيادية عن طريق إحلال الروابط العائلية بدلًا عن الروابط المؤسساتية والاحترافية."

ومع ازدهار وتنافس الشبكات التجارية التي تنخرط بها الأجهزة القسرية، ازداد تركيز المؤسسة العسكرية على وضعها الجيوسياسي. ويكشف افتتاح قواعد عسكرية جديدة، مثل مطروح وبرنيس، عن توثيق الترابط بين المصالح الاقتصادية والشراكات في الخليج، وإبراز القوّة على طول سواحل  البحر المتوسط ​​والبحر الأحمر.

في هذا الصدد، يذكر جوزيب دينتيس أنه "تم تصميم الاستراتيجية البحرية الجديدة لمصر لدعم دور متنامٍ في الشؤون البحرية الإقليمية وفي المصالح الجيواقتصادية الوطنية،" ما يفتح فرصًا تجارية جديدة للفصائل المتنافسة ذات العلاقة بالقطاع القسري.

تشير إليونورا أرديماغني إلى أن "إبراز القوّة البحرية المتزايد من قبل مصر يندمج مع تعاون سياسي وبحري وثيق مع المملكة العربية السعودية." يتظافر هذا الأمر في مصر مع مشاريع ضخمة تسيطر عليها المؤسسة العسكرية في البنية التحتية والتنمية الحضرية والسياحة، التي ترتبط بمشاريع "رؤية 2030" الآخذة في الازدهار  على الساحل السعودي من البحر الأحمر.

ترى أليسون ماكمانوس تناقضًا حادًا: فقد ظهرت المؤسسة العسكرية "كمنتصر سياسي" في جميع مجالات الدولة لكنها لم تعمل على تأمين حدود مصر من العنف في سيناء وعلى طول الحدود الليبية.

علاوة على ذلك، تحتاج المؤسسة العسكرية إلى دعم قوّات الأمن الداخلي والميليشيات القبَلية الموالية للدولة لمواجهة حركات التمرد. إن القوّات المسلّحة "مُعدة إلى حد كبير ... للحروب التقليدية، وغير مجهزة لمواجهة حركات التمرد." وبهذه الطريقة، تصدّعت الحوكمة الأمنية، على الرغم من الهيمنة المستمرة للقوّات المسلّحة.

تداعيات الانقسامات بين الفصائل

بدأت سياسة الفصائل في اختراق المؤسسات العسكرية والأمنية المصرية منذ عام 2013. وقد تقاطع إنشاء البنية التحتية العسكرية الجديدة مع استراتيجيات إبراز القوّة للشركاء من دول الخليج، وزادت المنافسة بين الفصائل مع توسع دور قطاع الأمن في السياسة والاقتصاد. يشير هذا الأمر إلى تداعيات مقلقة على حوكمة قطاع الأمن والسياسة الداخلية والأمن الإقليمي.

* إليونورا أرديماغني زميلة أبحاث مشاركة في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية وأستاذة مساعدة في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو.

* جوزيب دينتيس زميل أبحاث مشارك في المعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية وأستاذ مساعد في الجامعة الكاثوليكية في ميلانو.

مصر، السيسي، قطاع الأمن، التنافس ، الانضباط، الاقتصاد، السياسة، الانقسام، الفصائل،

المصدر | موقع توازن

  كلمات مفتاحية

مصر، السيسي، قطاع الأمن، التنافس ، الانضباط، الاقتصاد، السياسة، الانقسام، الفصائل،

تغييرات حزبية.. هل تشكل المعارضة المصرية الجديدة تهديدا للسيسي؟

دوامة الديون.. أجندة السيسي الاقتصادية تدفع مصر نحو الهاوية