استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

بايدن ومستقبل معتقل غوانتانامو

الأحد 3 يناير 2021 08:26 ص

بايدن ومستقبل معتقل غوانتانامو

عرقل الكونغرس جهود أوباما لإغلاق المعتقل ورغم من ذلك فقد أحرز أوباما تقدما كبيرا نحو تحقيق هذا الهدف.

تعهد ترامب بإبقاء المعتقل مفتوحا زمن السلم وزيادة المعتقلين وقت الحرب. وخلال سنوات حكمه لم يفرج عن أي سجين من غوانتانامو.

يكلف كل معتقل الخزانة الأمريكية سنويا ما لا يقل عن 13 مليون دولار طبقا لدراسات خدمة أبحاث الكونغرس.

يتطلب إغلاق معتقل غوانتانامو البت بملفات 41 سجينا متبقيا وبوسع إدارة بايدن إكمال المهمة عبر ثمن سياسى كبير للإغلاق وإقناع الكونغرس بجدواه.

لا يمكن لبايدن إغلاقه دون دعم الكونغرس وقد يُحسِّن إغلاق المعتقل بيئة أمن أمريكا مع استعادة قيادتها التى تخلى عنها ترامب بملفات دولية كثيرة.

إغلاق غوانتانامو معضلة لم يستطع رئيس أمريكى حلها ولا تُظهر توجهات إدارة بايدن ولا توازنات الكونغرس نية لطى صفحة سوداء من تاريخ أمريكا.

*     *     *

تحديات مختلفة تنتظر إدارة الرئيس الأمريكى الجديد جو بايدن، يتعلق الكثير منها بما أقدم عليه الرئيس دونالد ترامب خلال سنوات حكمه الأربعة خاصة فيما يتعلق بالمواجهة الحتمية مع الصين، وما يتعلق بأزمة المناخ العالمى، والملف الإيرانى وعلاقات التحالف الخارجية لواشنطن سواء فى حلف الناتو أو تحالفات شرق آسيا.

لكن يبقى هناك تحدٍ لا ينال اهتمام الكثير من المعلقين ولا يرتبط بسياسات ترامب، بل بسمعة ومكانة الولايات المتحدة وبقول بايدن إنه مصمم على إعادة الاحترام لأمريكا مرة ثانية حول العالم.

ويمثل ملف إغلاق معتقل غوانتانامو معضلة لم يستطع رئيس أمريكى حسمه خلال العقدين الأخيرين، ولا تبشر توجهات إدارة بايدن ولا توازنات الكونغرس بوجود نية كاملة لطى هذه الصفحة السوداء من التاريخ الأمريكى.

*     *     *

قبل 20 عاما عمدت إدارة الرئيس الأسبق جورج بوش الابن إلى استخدام معتقل جوانتانامو الواقع جنوب شرقى كوبا، بصورة مؤقتة، كمركز اعتقال للمتهمين بارتكاب أعمال إرهابية ضد الولايات المتحدة عقب بدء الحرب فى أفغانستان والتى شنتها واشنطن بعد أحداث 11 سبتمبر 2001.

وفى عام 2005، اعترف الرئيس جورج بوش أن المعتقل يمثل «أداة دعائية لأعدائنا وإلهاء لحلفائنا». وخلال حملته الرئاسية الأولى عام 2008، تعهد الرئيس السابق باراك أوباما بإغلاق المعتقل، وكان نائبه حينذاك جو بايدن.

وفى اليوم الأول من حكمه، أصدر أوباما بتاريخ 21 يناير 2009 أمرا تنفيذيا لوكالة المخابرات المركزية "سى آى إيه" التوقف عن استخدام التعذيب فى التحقيقات، وإغلاق المعتقل فى غضون عام واحد.

وعرقل الكونغرس كل الجهود التى حاول أوباما من خلالها إغلاق المعتقل. وعلى الرغم من ذلك، فقد أحرز أوباما تقدما كبيرا نحو تحقيق هذا الهدف.

ووضعت إدارته عملية قانونية وسياسية صارمة لفحص كل سجين واقتراح نقل بعض السجناء للخارج. ولم يبق عند مغادرة أوباما البيت الأبيض فى 20 يناير2017، إلا 41 سجينا فقط داخل المعتقل، على رأسهم خالد شيخ محمد، المتهم بأنه العقل المدبر لهجمات 11 سبتمبر.

جدير بالذكر أن عدد المعتقلين بمعسكر جوانتانامو قد بلغ 775 سجينا بحلول نهاية عام 2006. وعملت إدارتا بوش وأوباما على نقل معتقلين إلى أوطانهم الأصلية، أو الإفراج عمن تثبت براءته، أو إرسال بعضهم لدولة ثالثة.

وفى عام 2016، تعهد دونالد ترامب أثناء حملته الرئاسية «بإبقاء المعتقل مفتوحا فى زمن السلم وزيادة المعتقلين فى وقت الحرب». وخلال سنوات حكمه لم يتم الإفراج عن أى من سجناء غوانتانامو.

*     *     *

وأشارت تقارير الكونغرس المتكررة إلى وقوع أعمال تعذيب على نطاق واسع فى المعتقل، وبقيت التقارير سرية حتى يومنا هذا لتضمنها ما يضر بالأمن القومى الأمريكى وبسلامة مواطنين أمريكيين حال نشره كما يدعى مؤيدو عدم النشر.

وخلال زيارة صحفية قمت بها مع عدد من الصحفيين إلى المعتقل عام 2009 بعد وصول أوباما للحكم، اطلعت على أساليب الاستجواب والتعذيب التى مارستها وكالة المخابرات المركزية بحق السجناء فى المعتقل، والتى أصدر أوباما أمرا تنفيذيا بوقفها واعتبارها أعمالا غير قانونية.

إلا أن الكونغرس لم يُسن أي قوانين بهذا الخصوص حتى الآن، ويمكن لأي رئيس آخر أن يلغى الأمر التنفيذى لأوباما.

ضمت غوانتانامو حينذاك أربعة معسكرات اعتقال، وضم فريق العمل الخاص بهم ما يقرب من 2000 شخص منهم 1740 عسكريا وما يقرب من 50 مدنيا، إضافة إلى 210 من المتعاقدين مع وزارة الدفاع، وانقسمت معسكرات الاعتقال داخل غوانتانامو إلى ثلاثة أنواع حسب درجة خطورة المعتقل.

تضمن برنامج الزيارة كل شىء يمكن القيام به إلا شىء واحد وهو التحدث مع المعتقلين. ولم نستطع التحدث مع ضحايا التعذيب أنفسهم، ولم نتمكن من الحديث مع أى معتقل.

*     *     *

قبل فوز جو بايدن بالانتخابات الرئاسية، وُجه إليه سؤال خلال الحملة الانتخابية بشأن فكرة إغلاق معتقل خليج غوانتانامو، فردت حملته ببيان جاء فيه أن بايدن «لا يزال يؤيد إغلاق مركز الاعتقال»، مشيرا إلى أنه «يقوض الأمن القومى الأمريكى كونه يعزز تجنيد الإرهابيين، كما يتعارض مع قيمنا كدولة».

لكن فى الواقع لا يبدو أن قضية إغلاق المعتقل تشغل بايدن أو فريقه الجديد، إلا أن تعهد بايدن ــ كما جاء فى مقال له نشر قبل أشهر فى دورية فورين أفيرز ــ باتخاذ «خطوات فورية لتجديد الديمقراطية والتحالفات الأمريكية، وتعزيز المؤسسات الديمقراطية، ومواجهة الدول التى تتراجع فيها الديمقراطية، وصياغة جدول أعمال مشترك»، يمثل معه بقاء المعتقل مفتوحا عائقا أمام استعادة القيادة العالمية لأمريكا وإعادة بناء الثقة فى قيادتها الجديدة.

يتطلب إغلاق معتقل غوانتانامو اليوم التعامل مع ملفات 41 سجينا متبقيا فقط، وبوسع إدارة بايدن أن تكمل هذه المهمة بأمان من خلال إدراك الثمن السياسى الكبير للإغلاق، والعمل على إقناع الكونغرس بجدوى هذه الخطوة.

ولا يمكن لبايدن أن ينجح إذا سعى لإغلاق المعتقل دون دعم الكونغرس، ويمكن أن يُسهل إغلاق المعتقل على تحسين بيئة الأمن الأمريكى مع استعادة القيادة الأمريكية التى تخلى عنها ترامب فى الكثير من الملفات الدولية.

ويكلف كل معتقل الخزانة الأمريكية سنويا ما لا يقل عن 13 مليون دولار طبقا لدراسات خدمة أبحاث الكونغرس.

ومنذ استقبال المعتقل للمعتقلين وحتى نهاية عام 2020 تغيرت صورة مخاوف الأمن القومى الأمريكى، ولم تعرف أمريكا أى عمليات إرهابية كبرى، ويوفر ذلك كله فرصة للرئيس المنتخب جو بايدن للدفع تجاه إغلاق المعتقل سيئ السمعة.

* محمد المنشاوي كاتب وباحث في الشأن الأمريكي من واشنطن.

المصدر | الشروق

  كلمات مفتاحية

معتقل غوانتانامو، بايدن، الكونغرس، الديمقراطية، أوباما، التعذيب، الاستجواب، ترامب،