استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

تنبأ مبكرًا بـ"المسلم اليهودي": كيف سمحنا لأنفسنا بنسيان المسيري؟

الأحد 3 يناير 2021 10:47 ص

تنبأ مسبقاً بـ"المسلم اليهودي": كيف سمحنا لأنفسنا بنسيان المسيري؟

في إطار التقسيم تصبح الدولة الصهيونية الاستيطانية المغروسة غرسا في الجسد العربي دولة طبيعية بل قائدة.

نحن بحاجة مجددا للتعرف على الرجل واستحضار كل ما كتب لنفهم: لماذا تحول بعض العرب إلى يهود بإرادتهم واختيارهم؟!

التقسيم هو في واقع الأمر عملية تطبيع للدولة الصهيونية التي تعاني من شذوذها البنيوي، باعتبارها جسدا غريبا غرس غرسا بالمنطقة العربية

المسيري حذر قبل عقود: "من الآن فصاعدا سنجد يهودا في ثياب مسلمين، يهودي وظيفي، مسلم يصلي معنا العشاء في المسجد لكنه يقوم بدور الذي يقوم به جنرال يهودي فيجب تحليل تلك الظاهرة حتى لا يتحول بعضنا إلى يهود دون أن يدروا".

*     *     *

رجل امتلك قدرة عجيبة على تفكيك الحداثة الغربية، وانتقل بخفة ورشاقة من قناعاته الماركسية إلى فضاءات عديدة مثل العلمانية واليهودية والمادية والأدب والحداثة والنقد والفكر الإسلامي.

وتشكل "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية" التي اشتغل عليها المسيري قرابة ربع قرن، ركنا أساسيا في مسيرته التي تقع  في 8 مجلدات أحاطت بتاريخ العبرانية والإشكالات النظرية حولها وثقافة الجماعات اليهودية ومفاهيمها وصولا إلى الصهيونية ووظيفية "إسرائيل"، حيث يرى أن ممثلي العقلية الغيتوية من الصهاينة نجحوا في تحويل "الإحساس الديني" بالانتماء إلى جماعة دينية واحدة والارتباط العاطفي بـ"الأراضي المقدسة" إلى "شعور قومي" و"برنامج سياسي".

وتعد هذه الموسوعة أحد أكبر الأعمال الموسوعية العربية في القرن العشرين.

المسيري ابن مدينة دمنهور في محافظة البحيرة  بمصر حائز درجة الماجستير في الأدب الإنجليزي المقارن من جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة عام 1964، ثم على درجة الدكتوراة عام 1969 من جامعة رتجرز. بدأ التدريس الجامعي في قسم اللغة الإنجليزية بجامعة الإسكندرية ثم جامعة عين شمس.

وقام بالتدريس في عدة جامعات عربية وفي جامعة ماليزيا الإسلامية. وعمل مستشارا ثقافيا للوفد الدائم لجامعة الدول العربية لدى الأمم المتحدة، ومستشارا أكاديميا للمعهد العالمي للفكر الإسلامي في واشنطن.

يعتبر المسيري من أهم الشخصيات العربية التي بحثت وفككت المشروع الإسرائيلي. وقد أصدر في هذا الجانب العديد من المؤلفات إضافة إلى كتابه "رحلتي الفكرية: سيرة غير ذاتية غير موضوعية- في البذور والجذور والثمار".

للدكتور المسيري مؤلفات أخرى في موضوعات شتى من أهمها: "العلمانية الجزئية والعلمانية الشاملة"، "إشكالية التحيز: رؤية معرفية ودعوة للاجتهاد". كما له مؤلفات أخرى في الحضارة الغربية مثل: "الفردوس الأرضي"، و"الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان"، و"الحداثة وما بعد الحداثة"، و"دراسات معرفية في الحداثة الغربية". وله دراسات لغوية وأدبية من أهمها: "اللغة والمجاز: بين التوحيد ووحدة الوجود"، و"دراسات في الشعر والأدب والفكر".

كما صدر له ديوان شعر بعنوان "أغاني الخبرة والحيرة والبراءة: سيرة شعرية".

وقد نشر المسيري قصصا عدة وديوان شعر للأطفال.

انتمى المسيري إلى اليسار المصري وبدأ مع الحزب الشيوعي، وفي عام 2004 انضم لحزب "الوسط" الإسلامي ليصبح من أوائل المؤسسين، وقبل وفاته شغل منصب المنسق العام لـ"حركة كفاية"التي تأسست عام 2004 للمطالبة بإصلاح ديمقراطي في مصر.

وسعت لإسقاط نظام الرئيس محمد حسني مبارك من الحكم بالطرق السلمية، ونظمت سلسة ظاهرات احتجاجا على إعادة انتخاب مبارك لولاية خامسة عام 2005، وقد تعرض للاعتقال من قبل السلطات المصرية أكثر من مرة .

رحل المسيري عن عالمنا عام 2008 بعد صراع طويل مع مرض السرطان، وشيعت جنازته من مسجد رابعة العدوية بمدينة نصر بالقاهرة. وشارك في صلاة الجنازة آلاف المصريين، إضافة إلى عشرات العلماء والمفكرين.

المسيري أشار في مقال له تحت عنوان تحت عنوان "الشرق الأوسط الجديد في التصور الأمريكي الصهيوني" إلى أن "الشعب العربي سيظل مجرد أداة بيد معظم حكامه الذين ينصاعون انصياعا أعمى للولايات المتحدة".

وتابع في مقاله: ".. ففي إطار التقسيم تصبح الدولة الصهيونية الاستيطانية، المغروسة غرسا في الجسد العربي، دولة طبيعية بل قائدة. فالتقسيم هو في واقع الأمر عملية تطبيع للدولة الصهيونية التي تعاني من شذوذها البنيوي، باعتبارها جسدا غريبا غرس غرسا بالمنطقة العربية".

ويعتبر المسيري "أن التقسيم الذي حاربت لأجله "إسرائيل" سيجعل منها دولة طبيعية مغروسة في الجسد العربي المهلهل بالتقسيم فيما بين حدوده من خلال بث الخلافات وروح الكراهية والعداءات المفتعلة، وشيئا فشيئا يصبح الكيان الصهيوني ليس مجرد دولة في المنطقة بل القائد الفعلي لها مع مرور الوقت".

المسيري حذر قبل سنوات قائلا: "من الآن فصاعدا سنجد يهودا في ثياب مسلمين، اليهودي الوظيفي، مسلم يصلي معنا العشاء في المسجد لكنه يقوم بنفس الدور الذي يقوم به الجنرال اليهودي، وعليه يجب تحليل تلك الظاهرة حتى لا يتحول كثير منا إلى يهود دون أن يدروا".

يبدو أننا بحاجة للعودة من جديد للتعرف على الرجل واستحضار كل ما كتب حتى نفهم، لماذا تحول بعض العرب إلى يهود بإرادتهم واختيارهم!!

* علي سعادة كاتب صحفي أردني

المصدر | السبيل

  كلمات مفتاحية

عبد الوهاب المسيري، المسلم اليهودي، العرب، اليهودي الوظيفي، الكيان الصهيوني،