الجزائر: انعطافة في قضية «التآمر على الجيش»؟

الاثنين 4 يناير 2021 09:03 ص

الجزائر: انعطافة في قضية «التآمر على الجيش»؟

بغياب أحمد قايد صالح والحراك الجماهيي وانتشار كورونا استعاد طرف الصراع الأول المبادرة ولا يستغرب أن تتم تبرئة المتهمين لاحقا من كل التهم.

فتح الحراك صراعا داخل النظام بين تحالف الطبقة السياسية الأمنية ورجال الأعمال ومؤسسات إعلامية وبين الجيش بقيادة الراحل أحمد قايد صالح.

*     *     *

يسجّل إعلان محكمة الاستئناف في المحكمة العسكرية الجزائرية في البليدة براءة المتهمين من كبار المسؤولين في «قضية التآمر على الجيش» مفاجأة غير متوقعة في سياق الأحداث التي بدأت مع اندلاع احتجاجات الجزائر في 22 شباط/فبراير 2019 للمطالبة بعدم ترشح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لفترة رئاسية خامسة.

كسر الحراك الجماهيري الجزائري العظيم، منذ ذلك الحين، الحظر على المظاهرات الذي كان مفروضا في الجزائر منذ العام 2001، ثم فتح الباب لتغيير المعادلات السياسية بأكملها!

وهو ما فتح المجال لصراع كبير داخل النظام بين تحالف بين أفراد من الطبقة السياسية – الأمنية ورجال الأعمال الكبار ومؤسسات إعلامية، من جهة، ومؤسسة الجيش، التي مثلها رئيس الأركان الراحل أحمد قايد صالح، من جهة أخرى.

ساهم الحراك الشعبي في تعديل موازين القوى بين الطرفين، فاستغل الجيش الوضع وطالب رئيس أركانه باجتماع المجلس الجمهوري وذلك لاستحالة ممارسة رئيس الجمهورية لمهامه، وبعد حرب إعلامية كبيرة تقدّم بوتفليقة باستقالته مرغما.

وأفضى الصراع إلى اعتقال مسؤولين كبار، بينهم سعيد بوتفليقة، أخو الرئيس السابق، واللواء محمد مدين، الرئيس الأسبق للمخابرات (المشهور بتوفيق) وبشير طرطاق، المنسق السابق للاستخبارات، ولويزة حنون، الأمينة العامة لحزب العمال، واللواء المتقاعد خالد نزار ونجله لطفي، والمكلف بأعماله (والوسيط مع بوتفليقة) فريد بن حمدين، بتهم خطيرة كـ»التآمر لتغيير النظام» و»التآمر على الجيش» وهي تهم يمكن أن تدفع بالمتهمين إلى حبل المشنقة.

كشفت جلسة محكمة الاستئناف الأخيرة عن مفاجآت أخرى، منها قول السعيد بوتفليقة، أن شقيقه الرئيس السابق هو في «إقامة جبرية» وإضافة إلى التظلمات الكثيرة التي قدّمها المتهمون، فإن دفاعهم قام على أن الاجتماع الذي قاموا به للتداول في كيفية التصرّف ضد الحراك الشعبي الذي أدّى إلى تحرّك الجيش ضد المجموعة الممسكة بالحكم «لم يكن اجتماعا سريا» وأنه «لم يكن للتآمر بدليل حضور ممثل رئيس الجمهورية» أي السعيد بوتفليقة!

اعتبر رئيس الأركان الراحل أن المجموعة بحثت إعلان إقالته، وهو ما يفسّر السياق الحاد غير المسبوق الذي اتجهت إليه الأحداث، وطالت، ليس فقط أهم شخصيات النخبة السياسية الحاكمة، بل كثيرا من أكبر رجال الأعمال الجزائريين، بحيث تحوّل الصراع إلى معركة كسر عظم كبرى.

لا يعتبر حكم محكمة البليدة الأخيرة تبرئة للمتهمين المذكورين من كل التهم الموجهة إليهم، فهناك تهم تتعلق بقضايا أخرى، لكن الحكم يعبّر، على الأغلب، عن بدء انعطافة في الأحداث الجزائرية.

من أسباب هذه الانعطافة غياب أحمد قايد صالح، الشخصية الكبيرة التي وقفت وراءها (في 23 كانون الأول/ديسمبر 2019) أي بعد عشرة أيام من إنجازه للمهمة الكبرى التي أوكلت به، وانتهت بانتخاب عبد المجيد تبون رئيسا (في 13 كانون الأول/ديسمبر من العام نفسه) فبغياب العامل الشخصي بوفاة صالح، وبغياب العامل الجماهيري بوقف الحراك، وبانتشار كورونا، يمكن القول إن طرف الصراع الأول قد استعاد المبادرة، وليس مستغربا، والحال هذه، أن تتم تبرئة المتهمين لاحقا من كل التهم التي اتهموا بها.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

الجزائر، أحمد قايد صالح، قضية التآمر على الجيش، الحراك، صراع داخل النظام، الطبقة السياسية الأمنية، رجال الأعمال، مؤسسات إعلامية، الجيش،