دروس المصالحة الخليجية

الخميس 7 يناير 2021 09:16 ص

دروس المصالحة الخليجية

أثبتت سنوات الحصار أن خسائره تعمّ الجميع لكن التراجع عن قرار الحصار كان صعبا.

أدى الصدع الخليجي إثر حصار قطر إلى دفع الرياض الثمن الأكبر بين حلفائها بتوسع الجبهات المفتوحة ضدها خاصة في اليمن.

حاولت بعض أطراف تخريب هذه المصالحة للاستئثار بقرار الرياض والتلاعب به ولو على حساب وزن السعودية الإقليمي والعالمي.

فك الحصار عن قطر وتحرير الرياض من المتاهة السياسية الخليجية سيعطي شرعية لمزيد من الاستقلالية لدول الخليج ما حرّك الكويت للتدخّل ووقف التصعيد.

*     *     *

تجاهلت النقاط التي ذكرها إعلان قمة دول مجلس التعاون الخليجي الأخيرة، المسألة الرئيسية التي يتضمنها اجتماع زعماء دول الخليج، وهي المصالحة الخليجية التي أنهت، عمليا، الحصار الذي مارسته ثلاث من دول المجلس (إضافة إلى مصر) على قطر، بحيث يبدو لقارئ البيان أن لا شيء قد جرى بين الإعلان في 5 حزيران/يونيو 2017 عن قطع العلاقات الدبلوماسية مع الدوحة، ويوم 5 كانون الثاني/يناير 2021 حين صدر بيان قمة العلا.

وبعد حديث البيان عن قضايا عسكرية واقتصادية وأمنية وطبية وجمركية، وعن «تعزيز أواصر الود والتآخي بين شعوب المنطقة»، جاءت نقطة وحيدة تشير بشكل غير مباشر إلى إحدى أكبر الأزمات التي خيّمت على منطقة الخليج، بالتأكيد على توقيع مصر على البيان، وعلى توثيق «العلاقات الأخوية» التي تربط القاهرة بدول المجلس.

جاء تعقيب وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود على القمة ليضع بعض النقاط على الحروف بتأكيده على أن ما تم في القمة هو «طي كامل للخلاف مع قطر وعودة كاملة للعلاقات الدبلوماسية».

وهو ما أكده أيضا وزير الخارجية القطري محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، مضيفا إلى ذلك شكر الكويت التي عملت على «رأب الصدع»، والتطلع لمستقبل يحقق التقدم والازدهار والرخاء لشعوب المنطقة.

يشير إغفال القضية الرئيسية لاجتماع قمة العلا، والتأكيدات السعودية والقطرية اللاحقة عليها، وكذلك احتفاء وليّ العهد السعودي بأمير قطر ولقاؤهما الثنائي لاحقا، على أن قرار وقف المقاطعة كان سعوديّا بالدرجة الأولى.

أما الترحيب الذي أبدته جهات سياسية كبيرة في الخليج (كتصريح نائب رئيس الإمارات ورئيس الحكومة محمد بن راشد آل مكتوم الذي اعتبر القمة « موحدة للصف… مرسخة للأخوة»)، أو الإشارات الأخرى التي جرت، كزيارة وزير المالية القطري لمصر، فيمكن اعتبارها تحصيل حاصل للموقف السعودي.

وكذلك للموقف الأمريكي، الذي تغيّر 180 درجة، بعد أن أدرك عبثية هذا النزاع وأثره البائس على السياسات العالمية والإقليمية، وهذا أول الدروس المستفادة من هذه القضية.

أدى الصدع الخليجي، إثر حصار قطر، إلى دفع الرياض الثمن الأكبر بين حلفائها، مع توسع الجبهات المفتوحة ضدها، وخصوصا في اليمن.

وأدى قرار الدوحة الطبيعي بالخروج من «التحالف العربي» الذي تقوده السعودية هناك، واتباع الإمارات سياسة مستقلّة عن الرياض تدعم الانفصاليين في الجنوب ضد الحكومة المركزية، إلى أخذ الحوثيين المدعومين من إيران مواقف أكثر هجوميّة وخطورة تستهدف مطارات ومدنا وناقلات نفط داخل السعودية نفسها، وما لبثت الإمارات أن أعلنت خروج قواتها من اليمن، مما كشف أكثر فأكثر وضع السعودية هناك.

أثبتت السنوات التي تبعت الحصار أن خسائره تعمّ الجميع، ولكن التراجع عن قرار الحصار كان صعبا، وقد حاولت بعض الأطراف، حتى اللحظة الأخيرة، تخريب هذه المصالحة، بغرض الاستئثار بقرار الرياض والتلاعب به ولو كان ذلك على حساب وزن السعودية الإقليمي والعالمي.

غير أن أحد الدروس الكثيرة التي لم تدركها تلك الأطراف هو أن فك الحصار عن قطر، إضافة إلى تحرير الرياض من المتاهة السياسية التي أحاطت بالخليج، سيعطي شرعية لمزيد من الاستقلالية لدول الخليج كافّة، وكان هذا أحد العوامل المحرّكة لسعي دول كالكويت للتدخّل ووقف التصعيد في الخليج.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

المصالحة الخليجية، قطر، الحصار، السعودية، الاستقلالية، دول الخليج، إيران، الحوثي، اليمن، الإمارات،