استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

فلسطين في خطاب الإسلاميين الحركيين

الثلاثاء 6 أكتوبر 2015 06:10 ص

حتى وإن غاب الإسلاميون –نسبياً- عن القضية الفلسطينية على مستوى النضال والمقاومة المباشرة في الستينيات والسبعينيات الميلادية، حيث تسيّدت الساحة النضالية الفلسطينية تنظيمات يسارية وقومية علمانية، إلا أن حضور فلسطين في الخطاب الإسلامي، وخاصة الخطاب الإسلامي الحركي، لا يمكن التقليل من شأنه.

فمن ناحية، شارك الإسلاميون في القتال ضد الصهاينة في عام 1948، وساهموا في الحشد للمعارك، ولا سيما في مصر. ومن ناحية ثانية، حضرت القضية الفلسطينية في خطاباتهم، بل الأدق القول إن القضية الفلسطينية لم تغب يوماً عن خطاب الإسلاميين الحركيين، دون وجود اختلافات كبيرة في رؤاهم.

تناول الإسلاميون الحركيون القضية الفلسطينية على مستويين مختلفين، فجزء منهم كان يرى القضية الفلسطينية باعتبارها قضية فرعية لـ "انهيار الأمة الإسلامية". وبالتالي يمكن التعامل مع الوضع في فلسطين باعتباره حالة جزئية، أو نتيجة لانهيار "الخلافة الإسلامية".

وكنتيجة لهذه الرؤية، لم يتعاط متبنوها مع القضية الفلسطينية باعتبارها قضية مركزية، بل كمستوى جزئي من المشكلات التي تعاني منها الأمة الإسلامية، تلك التي ستحل فور عودة الخلافة الإسلامية وفور الخضوع لـ "حاكمية الشريعة".

وهنا يرى فتحي يكن أن: "التعريف الإسلامي ... يعيد القضية إلى جذورها ويسبر أغوارها، ويشير إلى القوى الضالعة مع الصهيونية العالمية في حدوثها وتطور حلقاتها، ابتداء من التآمر الصهيوني الصليبي على الخلافة عام 1909 والذي مهد لكارثة 1948 وقيام دولة إسرائيل بعد ذلك ...".

ويلمح يكن إلى فكرة أساسية في الخطاب الإسلامي، هي الاعتقاد بأن تفكيك الخلافة الإسلامية جاء بسبب مؤامرة لـ "يهود الدونمة" في تركيا، قلب الخلافة الإسلامية آنذاك.

المستوى الثاني من تناول القضية الفلسطينية ينظر إليها باعتبارها قضية أساسية بذاتها، وبالتالي يجب أن تنال اهتماماً خاصاً، نابعاً من أهمية فلسطين الدينية. من يؤمن بهذه الرؤية سيولي أهمية أكبر للقضية الفلسطينية من أصحاب النظرة الأولى.

ويمثل كتاب فتحي يكن "القضية الفلسطينية من منظور إسلامي" نموذجاً جيداً لقراءة رؤية الإسلاميين الحركيين، خاصة الإخوان المسلمين، حيال القضية الفلسطينية، وذلك لعدة أسباب: فالكتاب نُشر في بداية التسعينيات، أي بعد عقود من نضج واستقرار رؤية الإسلاميين للقضية الفلسطينية، وبالتالي فهو يمثل خطاباً سائداً ومستقراً في تلك الدوائر.

الأمر الثاني، أن فتحي يكن يمثل حالة تنظيرية وتربوية مميزة لدى الإخوان، فهو من ناحية غزير الإنتاج، ومن ناحية أخرى، واسع الانتشار، مما يجعل خطابه مؤثراً في دوائر إسلامية واسعة، خاصة في منطقة الخليج العربي.

لا تكاد تجد اختلافاً بين الخطاب الذي يطرحه فتحي يكن تجاه القضية الفلسطينية وبين خطاب سابقيه ومعاصريه من الإسلاميين، وهذا على المستوى التنظيري التقليدي، إذ أن الممارسات السياسية اختلفت خاصة من طرف الفصائل الفلسطينية المقاومة كحركة الجهاد الإسلامي وحركة حماس، منذ أواخر الثمانينيات.

لعل أبرز سمات الرؤية الإسلامية الحركية للقضية الفلسطينية، أن فلسطين تكتسب أهميتها لأسباب دينية بحتة.

فعند تعداد أسباب مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للأمة الإسلامية، يتحدث فتحي يكن عن فلسطين باعتبارها "مهبط الأديان" و"أرض المحشر" وباعتبار المسجد الأقصى "أولى القبلتين" و"مسرى الرسول" والأرض التي حررها الصحابة، واستردها "القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي".

كل ما يجعل القضية الفلسطينية قضية مركزية إسلامياً هو الجانب الديني المتعلق بها، مما يهمش الأبعاد التاريخية المتمثلة بالاحتلال والتهجير ومأساة اللجوء والمجازر والحصار... إلخ. ولا نعني هنا أن هذه العوامل غير حاضرة، لكنها مهمشة في الحشد للقضية في ذلك الخطاب. وإذا كانت القضية الفلسطينية مركزية لأسباب دينية، فمن الطبيعي أن يتم اعتبار الحرب دينية أيضاً.

البعد "المؤامراتي اليهودي" الحاضر بقوة في رؤية الإسلاميين، غالبا ما يستخدم لمواجهة شرعية الأنظمة السياسية القائمة في الدول الإسلامية والتحريض ضدها بشكل مباشر، يكتب يكن عن الأنظمة التي ساعدت على قيام إسرائيل: "وقد لعبت الأنظمة العربية في تلك الفترة دورا مشينا في تمهيد الطريق بشكل أو بأخر لقيام إسرائيل".

ويضيف: "فالأنظمة لم يعد يربطها بالإسلام رباط، والحكام المغسولة أدمغتهم في مغاسل الحاضرة الغربية، والذين خانوا الله من قبل، هانت عليهم خيانة فلسطين فكانت هزيمة 1367هـ -1948م". ويمكن فهم التركيز على الأنظمة "العربية" باعتبار الخصومات الإسلامية – القومية.

يتجاهل يكن تاريخ المقاومة الفلسطينية غير الإسلامية، وحين يتحدث عن مواقف غير الإسلاميين من القضية الفلسطينية، يتحدث بعموميات حول خذلان الدول العربية والقادة العرب لفلسطين، متحدثاً عن تخاذلهم في مواجهة إسرائيل، وهزائمهم أمامها.

خطاب يكن تجاه "الأخرون والقضية الفلسطينية" يتجاهل بشكل أساسي على سبيل المثال أن الحركات العلمانية اليسارية والقومية كانت من أكثر الشرائح راديكالية في التعاطي مع القضية الفلسطينية ورفضت التسويات السياسية، ومن أبرز العبارات الداعية في هذا السياق حول تحرير فلسطين كاملة "من النهر إلى البحر". وهو شعار رفعته الحركات غير الإسلامية منذ عقود.

لذا فلا يذكر مواقف هذه الحركات في سياق انتقاده موقف الدول العربية الرسمي المتخاذل والمتراخي تجاه فلسطين.

لكن هذا التجاهل مفهوم، بسبب عاملين: الأول هو محاولة إقصاء التيارات غير الإسلامية باعتبارها متخاذلة وقبلت بالسلام مع الصهاينة، واعترفت بقيام دولة "إسرائيل" فذكر تيارات كانت ضد السلام يحرج هذه الصورة الكلية وينقضها.

والعامل الأخر وهو الذي يفوق العامل الأول أهمية، أن تربية الحركيين الإسلاميين لكوادرهم قائمة على ربط القضية الفلسطينية بمنظومة أفكار مكتملة تتمثل بقيام الخلافة الإسلامية، وحاكمية الشريعة، وتوحيد العالم الإسلامي... الخ.

وبالتالي فأي إشارة إيجابية لمواقف الحركات غير الإسلامية من فلسطين قد توقع الإسلامي في أزمة أولويات، حين يرى أن هناك من يقاوم المحتل، ومؤمن بتحرير فلسطين بشكل رادكالي، دون أن يتبنى قيم الخلافة والحاكمية والوحدة الإسلامية ...الخ.

لا يمكن فصل الموقف من القضية الفلسطينية لدى الإسلاميين الحركيين من رؤيتهم للعالم، وخصومهم، وسياقات انتاج هذه الخصومات وردود الفعل حولها. فموقف الإسلاميين من فلسطين مرتبط بشكل جذري بصراعاتهم مع العلمانيين، وإعطائهم أولوية لحاكمية الشريعة، وتوحيد المسلمين، والوقوف ضد "الأنظمة الفاسدة غير الإسلامية" و"مواجهة المؤامرة اليهودية على الإسلام" وفقاً لأدبياتهم.

 

  كلمات مفتاحية

فلسطين الإسلاميون القضية الفلسطينية حرب 1948 مصر الأمة الإسلامية الخلافة الإسلامية